نبش ضريح الخليفة عمر بن عبد العزيز، موجة واسعة من الغضب والاستنكار بسوريا وخارجها
تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات مصورة تظهر نبش ضريح يُعتقد أنه للخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز على يد مليشيات موالية لإيران والنظام السوري في قرية دير شرقي قرب معرة النعمان بريف إدلب (شمال غربي سوريا).
وأظهرت التسجيلات المتداولة نبش ثلاثة قبور يضمها الضريح، ويعتقد أنها للخليفة عمر بن عبد العزيز وزوجته فاطمة بنت عبد الملك وخادم الضريح أبو زكريا بن يحيى المنصور. كما عمّ المكانَ الخرابُ، وبدا الضريح خاليا دون أن يتضح المكان الذي نقلت إليه محتوياته.
وكانت قوات النظام قد أضرمت النار في أجزاء من الضريح بعد سيطرتها على قرية دير شرقي في فبراير/شباط الماضي، وهو ما تسبب بأضرار مادية فيه.
وأثار نبش الضريح موجة واسعة من الغضب والاستنكار في مواقع التواصل الاجتماعي لدى ناشطين سوريين ومن بلدان عربية وإسلامية مختلفة.
خامس الخلفاء الراشدين
عمر بن عبد العزيز هو ثامن الخلفاء الأمويين، ولقّب بخامس الخلفاء الراشدين لعدله وزهده وورعه، ويعود نسبه من جهة أمه إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
يقول الدكتور أحمد الخليل الباحث في التاريخ الإسلامي، في حديث مع الجزيرة نت، إن كثيرا من المؤرخين عدّوا عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين لسيره، خلال فترة حكمه التي استمرت سنتين وخمسة أشهر، على نهج جدّه ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب في العدل والمساواة وردّ المظالم.
ويضيف أنّ جمهور المؤرّخين يؤكّدون أن قبر عمر بن العزيز يقع في بلدة دير شرقي قرب معرة النعمان، في مكان اشتراه من راهب يدعى سمعان. وفي العهد المملوكي شيّد على القبر مبنى بقبّة، رمّمته قبل سنوات وزارة الآثار والمتاحف السورية. ولم يتعرّض الضريح طوال سنوات للنبش والعبث، كما فعلت به المليشيات الموالية لإيران.
لم يفعلها “غورو”
عندما دخل الجنرال الفرنسي هنري غورو دمشق محتلًّا، توجّه إلى قبر صلاح الدين الأيوبي فاتح القدس، فركل القبر وخاطبه قائلا “ها قد عدنا يا صلاح الدين” لكنه لم يحرقه أو ينبشه “فكيف فعل هؤلاء القوم اليوم فعلتهم بضريح خليفة كان يزوره صلاح الدين نفسه؟” يتساءل الدكتور الخليل، ويردف قائلا: مردّ ذلك حقد طائفي وتاريخي دفين.
جيش نبش القبور
ليست المرة الأولى التي تنبش فيها مجموعات موالية للنظام ولإيران القبورَ في سوريا، فقد أظهرت تسجيلات مصورة نبش عناصر من قوات النظام قبور معارضين في مناطق دخلوها بعد معارك مع المعارضة في ريف إدلب.
ويرى د. محمد نجار الأستاذ الجامعي في كلية الإلهيات بجامعة غازي عنتاب أنّ من قصف المساجد وقتّل آلاف الأطفال والنساء والأبرياء لا يستغرب منه نبش قبر، واعتبر ذلك ترسيخا لمنهج الانتقام والحقد والهمجية.
ويضيف أنّ الخليفة عمر بن عبد العزيز بسط بعدله المحبة في قلوب أعدائه قبل أتباعه، أما النابشون والمخرّبون لقبره اليوم ففي قلوبهم مرض، وحقد ليس طائفيا فحسب بل حقد على العدل والسلام والإنسانية التي اتسم بها عمر بن عبد العزيز.
تحدّي الطائفية في سوريا
عمليات نبش القبور على يد قوات النظام والمجموعات الموالية لها ولإيران ترسخ منهج الانتقام، لكن التساؤل الأكبر والأهم: هل غدا التعايش في سوريا المتعددة الطوائف والملل والنحل ممكنا بعد كل هذا وبعقلية مقاتليه هذه؟
هذا ما تنبّهت له منظمات حقوقية محلية ودولية كالشبكة السورية لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش عندما حذّرتا اللاجئين السوريين من العودة لمناطق سيطرة النظام، بسبب عمليات الانتقام التي تنتهجها قواته.