“الإرباك الليلي” إبتكار فلسطيني لإزعاج إسرائيل ومستوطنيه قرب حدود غزة
مع حلول الليل يبدأ فتية من قطاع غزة بقرع الطبول والأغاني فيما يطلق آخرون بالونات حارقة أو مفرقعات بهدف إزعاج الاسرائيليين الذين يستوطنون قرب السياج الحدودي مع قطاع غزة.
شكل الغزيون قبل ثلاثة أسابيع مجموعات تسمى بـ”وحدات الارباك الليلي” تضم مئات الشبان والصبية ومهمتها خلق أجواء “رعب وإزعاج” لمئات الاسرائيليين في المستوطنات الحدودية، ولعشرات الجنود الاسرائيليين الذين يراقبون الحدود من أبراج مراقبة عسكرية أو في مواقع أقيمت مؤخرا خلف تلال رملية على طول الحدود الشرقية والشمالية للقطاع الفقير والمحاصر منذ عقد.
لكن مسؤولا عسكريا اسرائيليا أكد ان هذه الاحتجاجات الليلية لا تشكل تحدياً جديدا.
وليل الأربعاء تجمع نحو 300 متظاهر على بعد عشرات الأمتار من السياج الفاصل القريب من برج المراقبة في محيط الموقع العسكري لمعبر كرم ابو سالم “كيرم شالوم” الاسرائيلي المحاذي للسياج الفاصل في رفح وأقاموا فعاليات على وقع الطبول والأغاني والدبكة الفلكلورية قبل أن يبدأوا “الارباك الليلي”.
وفي خيمة نصبت على بعد عدة مئات الامتار من الحدود كان أربعة شبان ينفخون عشرات البالونات بيضاء اللون ومطبوع عليها بالانكليزية “انا احبك” وتحمل مواد حارقة قبل أن يطلقونها باتجاه المناطق الاسرائيلية والتي تؤدي أحيانا الى حرق مساحات من الأراضي المزروعة.
وفي الأثناء أطلق ناشطون العنان لأبواق مزاميرهم، وألقى شبان أخرون من وراء تلال رملية، قنابل صوت يدوية ومفرقعات مصنوعة من مواد بدائية.
وفي ذات الخيمة كانت مجموعة من الشبان الملثمين الذين يطلقون على أنفسهم اسم مجموعات “أبناء (محمد) الزواري” نسبة لمهندس طيران تونسي وناشط في الجناح العسكري لحماس اغتاله مجهولون في تونس في 2016، تعد طائرة ورقية ثبت فيها عدد من مواد حارقة.
وأشاد حازم قاسم المتحدث باسم حماس بـ”ابتكار الشباب الثائر وسائل وأخرها وحدات الارباك الليلي” قائلا “هذه وسيلة سلمية تعبر عن إصرار الشباب على كسر الحصار والعودة”.
من جهته قال مسؤول عسكري اسرائيلي رفض الكشف عن اسمه ان هذه التحركات لا تشكل تهديدا أكبر من ذلك الذي تشكله تظاهرات النهار.
وقال إن “جنودنا بما يشمل القناصة، مجهزون بمناظير ليلية” مضيفا “هناك عشرات، وفي بعض الاحيان مئات المتظاهرين (ليلا)، يقومون بإحراق إطارات ورمي قنابل حارقة وأحيانا قنابل لكنها لا تشكل تهديدا أكبر من ذلك الذي تشكله تظاهرات النهار”.
الناشط أبو أنس قائد المجموعة يقول لـ(فرانس برس) “نعمل على إيلام العدو بالطائرات الورقية والبالونات الحارقة” كاشفا عن “وسيلة جديدة هي عبارة عن مجسم لحوامة صغيرة تحمل شعل بواسطة بالونات تطير فوق مواقع العدو وتستطيع ارباكه”.
وشدد على أن هذه المجموعات “فردية وبدعم ذاتي” ولا علاقة لها بحركة حماس أو الفصائل الاخرى.
ويقول الناشط صقر الجمال (22 عاما) “نهدف الى إرباك الاحتلال ورسالتنا لمستوطنات غلاف غزة أنه لا نوم بدون تحقيق مطالبنا برفع الحصار والعودة لبلادنا”.
ويضيف الشاب وهو عاطل عن العمل “نرى حالة الخوف الكبير” لدى الجنود الاسرائيليين.
من جانب آخر، تقول روني كيسين الناطقة باسم المجلس المحلي في كيرم شالوم الواقعة قرب حدود غزة إن التظاهرات الليلية “تشكل كابوسا”.
وقالت “لقد بدأوا بإلقاء قنابل صوتية، والأمر مخيف جدا. الاطفال خائفون جدا منها، انها خطيرة جدا وتعتبر فعلا مثل سلاح”.
من جهته، يقول محمد ابو عقلين (17 عاما) الذي أصيب قبل نحو ثلاثة أشهر برصاصة في الساق ويسير على عكازين، “مستمرون. إرباك العدو بقنابل الصوت والزمامير والتكبير والأكواع (قنابل) الصوتية”.
وقال الشاب اللاجىء من مدينة يافا انه يشارك في الفعاليات الليلية يوميا مع ستة من أصدقائه المصابين أيضا قائلا إن “الارباك سيرجعنا الى يافا”.
وقبيل منتصف الليل اقترب عشرات الفتية من السياج الالكتروني في محاولة لقصه وفجأة صرخ أحدهم أنه أصيب.
وبسرعة ترجل مسعفان يتبعان لجمعية “الهلال الأحمر” الفلسطيني لنقل المصاب وهو فتى يبلغ عمره 17 عاما وأصيب برصاصة في القدم في سيارة الاسعاف التي كانت تتوقف على بعد مئات الامتار من المتظاهرين.
وتقول الهيئة العليا لمسيرات العودة إن الارباك الليلي يمثل “بداية” لمرحلة متطورة في الاحتجاجات التي بدأت في 30 آذار/مارس الماضي للمطالبة برفع الحصار الاسرائيلي وتثبيت حقوق اللاجئين “في العودة الى بلداتهم وقراهم التي هجروا منها” قبل سبعين عاما.
واستشهد قرابة 193 مواطنا وأصيب أكثر من 20 ألفا أخرين في الاحتجاجات التي تبلغ الذروة في كل جمعة بقطاع غزة.