مستشفيات إسرائيلية تقر بفصل النساء اليهوديات عن العربيات
أقرت ثلاثة مستشفيات إسرائيلية من أصل أربعة قدمت ضدها دعوى بالمحكمة، أنها تعمد على سياسة الفصل بين الأمهات العربيات واليهوديات في أقسام الولادة، وزعمت أنها تقوم باعتماد نهج الفصل وفقا لطلب من الوالدات.
وبحسب صحيفة “هآرتس”، فإن ثلاثة من المستشفيات الأربعة التي اعتمدت سياسة فصل الأمهات اليهوديات والعربيات، وهي مستشفى “هداسا” “هار هتسوفيم”، ومستشفى “هعيمق” بالعفولة و”سوروكا” في بئر السبع، اعترفت خلال مداولات المحكمة، بأنها تفصل الأمهات اليهوديات والعربيات وفقا لطلبهن، بينما ينكر مستشفى “الجليل” الغربي المدرج أيضا في الدعوى، أن يكون الفصل جزء من سياسة الطاقم الطبي.
وكتب صندوق المرضى “كلاليت”، الذي يمثل مستشفيي “سوروكا” و”هعيمق”، للمحكمة المركزية في القدس، ردا على كتاب الدعوى، أن فصل الأمهات هو جزء من الحياة في الواقع الإسرائيلي، قائلا إن “عدم احترام الطلبات المختلفة للأمهات لمواقع محددة سيخلق شراكة قسرية في الحالات التي لا يهتم فيها الطرفان، إذ أن قسم الولادة لا يمكنه خلق بوتقة انصهار مصطنعة”.
وردا على الدعوى الجماعية، كتب المركز الطبي “هداسا” أنه “في ضوء الاختلافات بين المجموعات السكانية المختلفة، تطلب أحيانا أمهات من نفس المجموعة المكوث في نفس الغرفة مع أمهات من نفس المجموعة السكانية، وفي حالات محددة يوافق الطاقم على الطلب”.
وأوضح المركز الطبي في رده، بأن الظاهرة بارزة بين النساء الحريديات لأسباب تتعلق بالخصوصية و”قدسية السبت” والعادات، وزعم المركز أيضا أن أمهات والدات من المجتمع العربي يطلبن ذلك أيضا، ملخصا رده: “هذا أمر مفهوم تماما، بالنظر إلى الاختلافات في اللغة”.
وبحسب إفادات لشهود وثقتها صحيفة “هآرتس”، أن سياسة الفصل العنصري بين اليهوديات والعربيات في المستشفيات الإسرائيلية تتكرس وتأخذ مناحي واسعة.
وأظهرت الإفادات التي جمعت من 4 مستشفيات في البلاد، أن قسم كبير من المستشفيات الإسرائيلية تعتمد سياسة الفصل بين الأمهات الوالدات العربيات واليهوديات، وذلك بطريقة تكاد تكون منهجية من قبل أقسام الولادة.
ونفت إدارات مستشفيات بالبلاد في السابق، اتباع أقسام الولادة لسياسة فصل من هذا القبيل، إلا أن محادثات أجريت مع عاملات وموظفات في أقسام الولادة المختلفة، دلت بشكل قاطع على وجود مثل هذه السياسة العنصرية، إذ صادقت موظفات أقسام الولادة على اتباع الفصل منهجيا.
ويأتي هذا الاعتراف، عقب دعوى جماعية قدمتها 4 نساء عربيات باسم عشرات الآلاف من الأمهات العربيات اللواتي تعرضن لنفس المعاملة ونهج الفصل في أقسام الولادة في المستشفيات المذكورة، وطالبن من خلال الدعوى بتعويضات مالية بقيمة 20 ألف شيكل لكل امرأة عربية كانت ضحية للفصل، بحيث يمكن أن تصل قيمة المطالبة إلى مئات ملايين الشواقل. كما طالبن إلغاء سياسة الفصل في أقسام الولادة بالمستشفيات.
ورصدت الصحيفة في حينه عدة حالات لنساء عربيات تعرضن للفصل في أقسام الولادة بالمستشفيات بناء على طلب نساء يهوديات، وقد أرفق لكتاب الدعوى شهادات خطية ومحادثات مسجلة مع موظفي المستشفى في “هداسا”.
وفي أحد التسجيلات، أظهرت إحدى ممرضات هداسا نهجا يتناقض مع الرد الرسمي للمحكمة: “نحن نحاول حقا الفصل، إذا كان هناك ضغط وليس هناك مجال، فهذا يحدث بالفعل الاختلاط في قسم الولادة، ولكن بعد تراجع حدة الضغط يتم الفصل”.
وبحسب الصحيفة، فإن شهادات العمال في أربعة مستشفيات في جميع أنحاء البلاد وتسجيل الأحاديث والإفادات، تبين أنهم في مستشفى “هداسا” لا يحاولون فقط “التوجه لصالح” الأمهات، بل يفصلون النساء العربيات عن اليهوديات بمبادرة خاصة من الطاقم الطبي.
وقالت مندوبة مستشفى “هعيمك” في العفولة من محادثة مسجلة مع امرأة مهتمة بسياسة المستشفى بشأن هذه المسألة: “عادة نرتبها تلقائيا”. وقالت ممرضة في المستشفى للباحثة التي تحدثت معها “نحاول عمل غرف منفصلة لأن الثقافة مختلفة حقا وساعات الزيارة”. وقالت ممرضة في المستشفى إننا “نشعر بحدة شديدة أن هناك واحدة، وهناك عشيرة، لكننا في الأيام التي لا يوجد بها ضغط نعتمد سياسة الفصل”.
وتنضم هذه التسجيلات إلى شهادات أربع نساء عربيات أنجبن أطفالهن بفصل عن النساء اليهوديات في المستشفيات الأربعة المذكورة.
وزعمت إدارة مستشفى “هداسا” أن كتاب الدعوى “لا أساس له من الصحة”، وأدعت أنه لم تكن هناك شكاوى من الأمهات العربيات حول هذا الموضوع، وليس هناك سبب للتدخل في اعتبارات الأطباء المهنية.
بالإضافة إلى ذلك، وفي محاولة من إدارة المستشفى التهرب من مسؤوليتها حيال سياسة الفصل في قسم الولادة، أشار المستشفى إلى بيانات عن ارتفاع معدل المرضى الفلسطينيين، 4741 فلسطينيا في عام 2015، مقارنة بـ525 في “شاعري تصيدق”، وأن المستشفى به موظفون عرب في جميع المناصب.
واستعرض كتاب الدعوى تجربة رنا (اسم مستعار)، وهي أخصائية اجتماعية من القدس أنجبت أطفالها الثلاثة في هداسا، وقالت رنا في إفادة خطية، إنه في عام 2017، عندما كانت على وشك أن تلد ابنها الثالث، بعد سنوات من الكشف عن الفصل في أقسام الولادة، وضعت في غرفة مع نساء عربيات فقط. وأضافت في الشهادة التي قدمتها للمحكمة: “كل امرأة عربية سرحت من غرفتها حلت محلها امرأة عربية أخرى”، قائلة: “شعرت بالإهانة”.
وتظهر تسجيلات إضافية مرفقة لكتاب الدعوى المرفوعة من قبل مكتب المحامي غيل رون كينان وشركاه، بالتعاون مع العيادة القانونية للدعاوى الجماعية في جامعة تل أبيب، أن المستشفيات لا تحاول فقط الاستجابة للأمهات، بل فصل النساء اليهوديات والعربيات بمبادرة خاصة من إدارة المستشفيات المذكورة، وبشكل افتراضي. وقال ممثل مستشفى “هعيمق” في العفولة: “عادة نرتب ذلك تلقائيا. نحاول أن نجعل غرفًا منفصلة لأن الثقافة وساعات الزيارة مختلفة”.