إجراء تأديبي ضد المتحدث العسكري هاغاري .. والأخير يعتذر ويتراجع
تنصل الجيش الإسرائيلي من تصريحات انتقد فيها المتحدث باسمه دانيال هاغاري، مساء الأربعاء، مشروع قانون يمنح الحصانة لمن يسرب معلومات سرية لرئيس الوزراء، والمعروف باسم “قانون فيلدشتاين”، فيما قال وزير الدفاع يسرائيل كاتس، إنه سيبدأ إجراءات تأديبية ضده.
جاء ذلك وفق بيان غير مسبوق للجيش، بعد أن اعتبر هاغاري، مشروع القانون “خطيرا جدا على الأمن”، إثر مصادقة الكنيست (البرلمان) عليه بقراءة تمهيدية الأربعاء، قبل أن يتراجع عنها لاحقا.
وأضاف الجيش أن هاغاري: “تجاوز صلاحيته”.
ومتراجعا عن تصريحات هاغاري، قال الجيش إنه “لا ينتقد المشرع، بل يعرض موقفه على القيادة السياسية في الآليات المقبولة لهذا الغرض”.
من جانبه، قال كاتس، إنه سيبدأ إجراءات تأديبية ضد هاغاري، بعد انتقاده مشروع “قانون فيلدشتاين”.
ووصف تصريحات هاغاري، بأنها “ظاهرة خطيرة وانحراف كامل عن سلطته، وعما هو مسموح به ومتوقع من شخص يرتدي الزي العسكري في نظام ديمقراطي”، وفق صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية.
*هاغاري يتراجع ونتنياهو يعلق
ومتراجعا عن تصريحاته التي أحدثت جدلا واسعا في الأوساط السياسية الإسرائيلية، قال هاغاري، في منشور عبر منصة “إكس”: “في تصريحي هذا المساء ردا على سؤال، عبرت عن نفسي بطريقة تجاوزت صلاحياتي كمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ولهذا السبب وبخني رئيس الأركان”.
وأشار إلى أن “الجيش الإسرائيلي تابع للمستوى السياسي. وفي مئات التصريحات والأسئلة التي أجبت عليها منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023)، أحافظ على الوضع الرسمي”.
وعلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على التصريحات بالقول: “من الجيد أن يتم وضع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في مكانه، للتأكد من أن مثل هذا التصريح لن يسمع مرة أخرى”.
وأضاف نتنياهو، في بيان: “في دولة ديمقراطية، لا ينبغي للجيش أن يتدخل في القضايا السياسية، وبالتأكيد ألا ينتقد التشريعات”.
*دعوات للإقالة
بدوره، قال وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، في منشور عبر منصة “إكس”، إن “إسرائيل دولة لديها جيش، وليس جيش لديه دولة”.
وملوحا بضرورة إقالة هاغاري، أضاف سموتريتش: “في الآونة الأخيرة كان هناك أشخاص في القيادة العليا للجيش الإسرائيلي لا يفهمون هذه المبادئ الديمقراطية الأساسية، ولا يمكنهم البقاء في مناصبهم”.
أما وزير الداخلية موشيه أربيل، فاعتبر “تصريح هاغاري وموقفه فيما يتعلق بالإجراءات التشريعية التي تجري في الكنيست، بمثابة “تجاوز خطير جدا للخط الأحمر”، وفق “يديعوت أحرونوت”.
وأردف بقوله: “لا يحق لمرتدي الزي العسكري التعبير علناً عن موقف سياسي فيما يتعلق بالقضايا السياسية مهما كان موقفه”.
رئيس الكنيست أمير أوحانا، وهو من حزب “الليكود” الذي يتزعمه نتنياهو، علق أيضا بالقول إن “تصريح المتحدث باسم الجيش هاغاري هو تجاوز خطير وغير عادي وغير مقبول على الإطلاق، ويجب عدم تكراره”، وفق القناة 12 العبرية الخاصة.
ومضى إدلشتين: “في دولة ديمقراطية لا يوجد مكان لمثل هذا السلوك”.
*غولان إلى جانب هاغاري
في المقابل، قال رئيس حزب “الديمقراطيين” الإسرائيلي يائير غولان، في منشور عبر منصة “إكس” ممتدحا موقف هاغاري: “المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي تحدث اليوم أمام كل شعب إسرائيل، وقال إن الائتلاف الحكومي يضر بأمن الدولة”.
واعتبر غولان، أن “قانون فيلدشتاين خطير من عدة جوانب”.
وتابع غولان: “بصفتي نائب رئيس الأركان السابق، أقول إن السبب الرئيسي هو أنه إذا ترك نظام الاستخبارات الإسرائيلي في أيدي المسربين السياسيين، فلن تتعاون معنا أي وكالة استخبارات في العالم وهذا من شأنه أن يشكل ضربة قاتلة لقدرة إسرائيل الأمنية”.
وانتقد هاغاري، مشروع القانون قبل أن يتراجع عنه، وقال إنه “سيخلق وضعا يمكن فيه لأي ضابط صغير في الجيش الإسرائيلي أن يسرق وثائق من الجيش، وهذا سيشكل خطرا على حياة الجنود الإسرائيليين”.
ومشروع “قانون فيلدشتاين”، قدمه عضوا الكنيست حانوخ ميلفيديسكي، وعاميت هاليفي، من حزب “الليكود” الذي يتزعمه نتنياهو، وتمت الموافقة عليه بأغلبية 59 مؤيدا مقابل 52 معارضا.
وعارضت المستشارة القضائية للحكومة غالي بهارف ميارا مشروع القانون، قائلة إن “هناك قلقا جديا من أن هذا تشريع شخصي يهدف إلى تدخل سياسي غير لائق في دعوى جنائية تتعلق بمحيط رئيس الوزراء”.
وبحسب رأيها، فإن القانون المقترح قد يؤدي أيضاً “إلى تسييس العمل الاستخباراتي، مع إحداث تغيير جذري في مبادئه”، وفق “هآرتس”.
وبحسب الاتهامات، حاول فيلدشتاين تسريب المادة السرية لصحفي من القناة 12 الخاصة لكن الرقابة العسكرية أوقفت نشرها، ليأمر أوريخ بتسليمها إلى شروليك أينهورن، أحد كبار مستشاري نتنياهو في الحملات الانتخابية الأخيرة، الذي سربها بدوره إلى صحيفة ألمانية قامت بنشرها.
وتُشير التقارير إلى أن الهدف من تسريب الوثائق كان إيهام الرأي العام بأن زعيم حركة “حماس” يحيى السنوار (قبل مقتله) كان يعارض التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، بينما كانت الاتهامات تُوجه لنتنياهو بإفشال الاتفاق.
ويهدف مشروع القانون إلى حماية فيلدشتاين وأينهورن والمتهمين الآخرين في القضية من الإدانة بالتهم الموجهة إليهم، التي تشمل “حيازة معلومات سرية” و”عرقلة سير العدالة”، وهي جرائم قد تصل عقوبتها إلى السجن مدى الحياة، بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية.