فلسطينيو الداخل: نرفض أن نكون جسرًا للتطبيع مع السعودية
أجمعت الفعاليات السياسية والقوى الوطنية بالداخل الفلسطيني المحتل على التصدي لمساعي رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تسيير رحلات حج وعمرة مباشرة من مطار “بن غوريون” إلى مطار جدة، مؤكدة رفضها أن تكون جسرا للتطبيع بين “إسرائيل” والسعودية.
ويأتي هذا الرفض بعد تصريحات رئيس كتلة الليكود عضو الكنيست ميكي زوهر -ضمن حملة الحزب لانتخابات الكنيست التي ستجرى في 2 آذار/مارس المقبل- أن نتنياهو يسعى بالتنسيق مع الرياض لتسيير رحلات حج وعمرة لفلسطينيي الداخل المحتل من مطار “بن غوريون” في اللد مباشرة إلى السعودية.
وسبقت تصريحات زوهر إعلانَ وزير داخلية الاحتلال آريه درعي عن منح التأشيرات للإسرائيليين الذين يريدون زيارة السعودية لأهداف دينية وتجارية، والتي أتت بالتزامن مع إعلان الرئيس دونالد ترامب خطته للسلام في الشرق الأوسط.
ويجزم فلسطينيو الداخل أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين -وخاصة نتنياهو- تأتي في سياق سياسي وانتخابي، ومحاولة لاستمالة الناخبين من الفلسطينيين، وكذلك لممارسة الضغوط على الأردن صاحبة الوصاية على الحجاج والمقدسات، بسبب موقفها المناهض والمتحفظ على “صفقة القرن”.
ويسافر عشرات الآلاف من فلسطيني الداخل سنويا إلى السعودية لتأدية فريضة الحج والعمرة، عبر وصاية أردنية على الحجيج ومنحهم جوازات سفر أردنية مؤقتة، وذلك بموجب الاتفاق المبرم عام 1978 بين حكومة الاحتلال والملك الأردني الراحل الحسين بن طلال.
انتخابات وتطبيع
وقال رئيس لجنة الحريات عضو لجنة المتابعة العربية العليا في الداخل الفلسطيني الشيخ كمال الخطيب، إن نتنياهو لا يتردد في استخدام أي وسيلة وتوظيف أي قضية يمكن أن تصب في صالح عودته لرئاسة الحكومة، والنجاة من ملفات تهم الفساد وخيانة الأمانة والمحاكمة التي يواجهها وقد توصله إلى السجن.
ويعتقد الخطيب أن خطوة الليكود ونتنياهو بشأن ترتيب سفر فلسطينيي الداخل للحج والعمرة مباشرة إلى السعودية من مطار بن غوروين، تأتي في سياق توظيف المشاعر الدينية للحصول على مكاسب انتخابية، لتكون رافعة سياسية للدفع بقطار التطبيع مع السعودية ودول خليجية وعربية.
وأوضح الخطيب أن العديد من الأنظمة العربية -سواء في السودان أو الإمارات أو السعودية أو البحرين- تجندت لتكون المنقذ وطوق النجاة لنتنياهو من ملفات الفساد، وذلك عبر التناغم مع طرحه في “صفقة القرن”، لتهرول نحو التطبيع، بغرض كسب ودّ إسرائيل ومن ثم كسب رضا واشنطن.
ضغوط وشيطنة
الموقف ذاته عبّر عنه القيادي في الحركة الإسلامية النائب السابق عن القائمة المشتركة مسعود غنايم الذي أكد أن تصريحات حزب الليكود تأتي في سياق الحملة الانتخابية للكنيست.
ويرى غنايم في التصريحات محاولة لنزع الشرعية عن القائمة المشتركة وشيطنة النواب العرب والترويج لأنهم لا يعملون شيئا لفلسطينيي الداخل، وممارسة الضغوط على الأردن والتلويح بسحب الوصاية منها عن الحجيج والمقدسات في حال بقيت على مواقفها المتحفظة من خطة السلام الأميركية.
ويجزم غنايم أن مخططات الليكود الانتخابية بشأن فلسطينيي الداخل والتباهي بعلاقات التطبيع مع دول عربية وخليجية، لا يمكن فصلها عن خطة السلام الأميركية في الشرق الأوسط.
هيمنة وسيادة
وأكد أن إعلان داخلية الاحتلال منح تأشيرات لمن يريد السفر للسعودية وتطلع نتنياهو لتنظيم سفر مباشر للحجيج من فلسطينيي الداخل، يأتي في سياق مشروع إسرائيلي للهيمنة والسيادة على الشرق الأوسط دون أن تدفع تل أبيب الثمن.
وأوضح القيادي في الحركة الإسلامية أن محاولة مراعاة احتياجات المسلمين والأديان التي يحاول خطاب نتنياهو والليكود إيصالها، أشبه بدس السم في العسل.
وبين أنه لا يمكن لمن يسابق الزمن بتهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية ويدفع نحو التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى لبناء الكنيس و”الهيكل” المزعوم، أن يكون حريصا على مشاعر واحتياجات المسلمين في الحرمين بمكة والمدينة.
جولة بمكة
وفي الوقت الذي انشغلت فيه الأحزاب اليهودية بتصريحات نتنياهو بشأن التطبيع وإمكانية تسيير قوافل الحجيج مباشرة للسعودية، كان وفد لجنة الحج والعمرة لفلسطينيي الداخل برفقة مسؤولين من وزارة الأوقاف الأردنية، يقومون بجولة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث وقعوا عقودا مع شركات السياحة والفندقة لعمرات الربيع ورمضان وموسم الحج، وفق ما أكده رئيس لجنة المراقبة في جمعية الحج والعمرة الشيخ هاشم عبد الرحمن.
ووصف عبد الرحمن “تصريحات الليكود بشأن إمكانية سفر فلسطينيي الداخل للحج والعمرة من مطار بن غوريون مباشرة إلى المطارات في السعودية، بأنها سياسية بامتياز، ونحن في لجان الحج والعمرة لا صلة لنا بها، وصاحب القول الفصل في هذا الموضوع هو وزارة الخارجية السعودية”.
ورفض عبد الرحمن توجه نتنياهو والليكود لاستغلال ملف الحج والعمرة لموضوع الانتخابات الإسرائيلية، داعيا إلى عدم استخدام الدين والحج كرافعة سياسية، مؤكدا أن نتنياهو -الذي يروج لنفسه وكأنه وكيل سياحة للحج والعمرة، في محاولة لكسب أصوات من فلسطينيي الداخل- يقوم بالكذب والتضليل، ويجهل الأمور حين يقترح رزم سياحة دينية بأسعار رخيصة للسعودية.
ومنذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد في السعودية، أصبح التطبيع مع “إسرائيل” يستند إلى خطط سياسية وإعلامية مدروسة، وقطعت الرياض شوطاً كبيراً في تهيئة الأجواء العربية للتعايش مع مرحلة جديدة عنوانها الأبرز سيكون “التطبيع الكامل مع إسرائيل”.