الحكومة الإسرائيلية تمدد استخدام الشاباك للتجسس على مرضى كورونا
مددت الحكومة الإسرائيلية مساء أمس، الثلاثاء، بأسبوع استخدام مخزون معلومات حول المواطنين في البلاد من أجل مراقبة المرضى بفيروس كورونا والأشخاص الذين خالطوهم، وذلك في أعقاب قرار المحكمة العليا، أمس، بأن أمام الحكومة إمكانيتين، وضع بديل للوسائل التكنولوجية التي يستخدمها الشاباك أو البدء بإجراء تشريعية لسن قانون ينظم استخدام قدرات الشاباك.
وجاء قرار تمديد استخدام الشاباك بسبب عدم تمكن اللجنة التي شُكلت لبحث تكليف الشاباك من تنفيذ أي من الإمكانيتين اللتين وضعتا أمامها، ولأن سريان القرار باستخدام الشاباك سينتهي غدا، الخميس.
ومن المقرر أن تجتمع لجنة شؤون المخابرات، المتفرعة عن لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، غدا، بهدف البدء في إجراءات سن قانون بهذا الخصوص. وكان رئيس اللجنة، عضو الكنيست غابي أشكنازي، من حزب “كاحول لافان”، طالب الحكومة، في ختام مداولات تمت خلالها المصادقة على تكليف الشاباك بمراقبة تحركات المواطنين في إسرائيل بوسائل تكنولوجية من خلال الهواتف المحمولة، بوضع بديل لاستخدام الشاباك أو تقديم تقرير حول سبب عدم وجود بديل ملائم آخر.
وذكر موقع صحيفة “ذي ماركر” الإلكتروني، أن الحكومة بذلك كل ما باستطاعتها، على ما يبدو،، من أجل إبقاء الشاباك كإمكانية وحيدة للمتابعة، وحتى أنها وسّعت حجم نشاط هذا الجهاز المخابراتي. واستعرض أمام اللجنة، أمس، وثيقة أعدها مجلس الأمن القومي، وتضمنت بدائل مقترحة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في الكنيست قولها إنه لم يُستثمر جهدا عميقا في “وثيقة البدائل” هذه، وادعت بأنه لا يوجد بديل مدني ملائم لتكنولوجيا الشاباك، باستثناء برنامج تكنولوجي لجمع معلومات وتدريج محتمل لانتقال عدوى كورونا، طورته شركة السايبر الهجومي الإسرائيلية NSO، المتخصصة بتطوير برامج تجسس خطيرة.
ولفتت الصحيفة إلى أنه برز من أقوال رئيس الطاقم الوزاري الذي تشكل من أجل دراسة نظام المراقبة للشاباك، الوزير يوفال شطاينيتس، أن الحكومة ليست راضية فقط من استخدام الشاباك، وإنما تريد توسيع صلاحياته لتنفيذ مهمات أخرى، بينها رصد بؤر انتقال العدوى والتجسس عمليا على جميع المواطنين الذي خالطوا مريضا بكورونا في هذه المنطقة.
وبحسب ادعاء شطاينيتس، فإنه يوجد مليون إسرائيلي يحملون هاتفا “كوشير” (حلال بمفاهيم الشريعة اليهودية)، في إشارة إلى حريديين لا يحملون هواتف نقالة ذكية، وأنه لهذا السبب تم رفض تطبيق بديل لغرض متابعة المرضى. ونقلت الصحيفة عن مصادر اطلعوا على أداء اللجنة الفرعية في الكنيست قولهم إنه ليس واضحا لهم سبب سرية مداولات اللجنة لدى بحثها بالبدائل، خاصة وأن اجتماعات اللجنة، خلال الشهر الأخير، كانت من خلال بث حي، باستثناء اجتماعين تم خلالهما استعراض مواد سرية للشاباك.
“فإذا تم استعراض بدائل مدنية خلال اجتماع اللجنة (أمس) وليس بدائل تكنولوجية كالتي يستخدمها الشاباك ويفترض أن تبقى سرية، لماذا بعد شهر من الشفافية أمام الجمهور، اجتمعت اللجنة في السر؟”.
ولفت الخبير القانوني، البروفيسور مردخاي كرمينتسر، في مقال نشره موقع صحيفة “هآرتس” الإلكتروني، إلى أن المحكمة لم ترفض، أول من أمس، قرار الحكومة بتكليف الشاباك بجمع معلومات، لكنها رأت بذلك وسيلة طوارئ مؤقتة، وأنه إذا أرادت الحكومة تمديد هذا التكليف، عليها أن تنفذ ذلك من خلال سن قانون في الكنيست.
وأضاف كرمينتسر أن المحكمة حصرت المصطلح المبهم “الأمن القومي”، لاستخدام قدرات الشاباك، خلافا لمن يسعون إلى توسيعه، على ضوء تخوفها من أن “تعريفا واسعا ومبهمت جدا لمصطلح ’الأمن القومي’ من شأنه إزالة الرسن والسماح باستخدام قدرات الشاباك لتنفيذ مهمات لا علاقة لها بتاتا بعمل الشاباك كجهاز أمن وقائي”.
واعتبر كرمنيتسر أنه من “هذه الناحية، فإن قرار المحكمة هو حلقة في سلسلة هامة من القرارات، التي تدافع فيها المحكمة عن الديمقراطية. وبذلك حافظت على صلاحية الكنيست الهامة بإقرار إجراءات أولية.
وهذا إجراء أولي لأنه مرتبط فيه مس شديد بالحق بالخصوصية وتوسيع حجم تدخل الشاباك في شؤون مدنية في جوهرها”. وينطوي ذلك على أهمية بالغة في الوضع الراهن “الذي تتزايد فيه قوة السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية”. ولفت كرمينتسر إلى أن المحكمة شددت على أنه “لم يتم استخدام وسائل مشابهة في دول أخرى، وبضمنها دول تضررت أكثر منا (جراء كورونا).
وهذا الأمر دفع المحكمة إلى مطالبة الحكومة ببحث بدائل، لتطوير نظام آخر، طوعي وشفاف”. وانتقد كرمينتسر بشدة قرار المحكمة الذي استخدم السيناريوهات الأكثر تطرفا، التي وضعتها الحكومة أمامها من أجل استخدام الشاباك، “مثلما فعلت مرارا في الماضي”، وأضاف أن “القرار هو بشرى سيئة للحق في الخصوصية. والأمر الأخير الذي يحتاجه هذا الحق، الذي يجري الدوس عليه منذ وقت طويل، هو التقليل من الأهمية التي يوليها له ولحقوق الفرد عموما”.