تفادوا مضاعفات مرض السكري واحموا عيونكم بالفحص المُبكر
يعتبر مرض السكري واحدًا من أكثر الأمراض المُزمنة شيوعًا في العالم وفي البلاد، وهو يُصيب الإنسان نتيجة انعدام أو نقص وجود هرمون الإنسولين الذي يفرزه البنكرياس والذي يعمل على تنظيم مستوى السّكر في الدّم، ذلك من خلال استخدام وتخزين السّكر الذي ينتج عن الأطعمة التي تدخل إلى الجسم، وبحال وجود نقص أو فقدان بهرمون الإنسولين فإنّ السكر لا يستطيع الدخول للخلايا وتوفير الطاقة اللازمة والضرورية لعمل الأنسجة ويؤدّي لرفع السكر في الدم.
هنالك نقص وعي تجاه هذا المرض، لذلك نجد الكثير من الأشخاص الذين تمّ تشخيص إصاباتهم بالمرض وهو في مراحله المتقدّمة لأنّ المريض لا يدرك أنّ الإشارات التي تلقاها من جسمه تشير بأن عليه أخذها بعين الاعتبار وأن يقوم بالتوجّه للقيام بفحص.
وتتعدّد أسباب انتشار مرض السّكري في مجتمعنا العربي فمنها العامل الوراثي والذي يُعتبر سببًا أساسيًّا للإصابة ومنها ما يتعلّق بنمط الحياة ونوعية الطّعام، وأخرى تلك الأسباب المتعلّقة بالصّحة النّفسية، ما يجعل نسبة المُصابين كبيرة مُقارنة بأمراض أخرى. وتتوارد إلى أسماعنا بشكل كبير أخبار عن بتر يد أو ساق شخص بسبب السّكري، أو أنّه أصيب بالعمى الكُلي أو الجُزئي بعد تشخيص إصابته به، فلا تقتصر خطورة هذا المرض على مشكلة موازنة السكر في الدّم فحسب إنّما تنتج عنه مضاعفات لا تقل خطورة، إن كان في عضلة القلب أو في الكليتين أو العينين وغيرها.
وفي هذا المقال سنسلط الضوء على المشاكل المتعلّقة بالعينين والمضاعفات الخطيرة النّاتجة عن السّكري.
كيف يتطوّر مرض السّكري بالعينين؟
لا شكّ وأنّ العيون تتحسّس بشكل كبير من تأثيرات ومضاعفات مرض السّكري عليها، إذ يُعتبر السّكري أبرز الأسباب للإصابة بالعمى أو فقدان البصر بشكل جزئي في العالم. إذ يبدأ تأثير مرض السّكري على الأوعية الدّموية التي يظهر عليها الضّرر من خلال إفرازها لسائل بروتيني يتجمّع مع مرور الزمن في مركز الرؤية ويسبب ما يُعرف بالوذمة، هذه الحالة تُسمى “الوذمة البقعية”. شيئًا فشيئًا تتدهور الحالة وتؤدّي إلى نزيف قد يتطوّر وينتهي الحال بالمريض بفقدانه بصره. وأكثر الأشخاص الذين يُعانون منها هم السّكريين القُدماء (المصابون بمرض السّكري منذ أكثر من 10 سنوات)، ومع الأسف فإنّ غالبية الأشخاص يقومون بإجراء فحص متأخر بعد تشكّل الوذمة وإلحاق ضرر بالغ بالعين والرؤية. لذلك يوصي الأطبّاء مرضى السّكري على وجه الخصوص بالمواظبة على إجراء الفحوصات بشكل دوري للعينين، فالتّغاضي عن إجراء الفحوصات قد يُفاقم الإصابة ويزيد الأمر سوءًا لأنّ التّشخيص المبكر يحمي العيون من أضرار الإصابة ويساهم في إبطاء عملية تجمّع السوائل ويوازن تركيز السوائل في عدسة العين ويقلّل من خطر احتمال فقدان البصر.
هناك عدد كبير من مشاكل العيون التي تنتج عن الإصابة بالسّكري، والأنسجة الأكثر تضرّرًا جراء هذا المرض هي شبكة العين المسؤولة عن التقاط الصّور ونقلها عبر الخلايا العصبية إلى الدّماغ، والحديث يدور حول أنسجة حساسة تعتمد بشكل أساسي على الشعيرات الدّموية الصغيرة. وعند تضرر هذه الشعيرات تتسرّب السوائل اليها ما يؤدّي إلى نزيف وانسداد في الشعيرات الدموية الصغيرة وربّما فقدان البصر إذا ما تفاقمت الحالة.
في المراحل الأولى من التعرّض للضرر ليس من الضّروري أن تكون هناك تشويشات أو أضرار في البصر إذ أنّ هُناك بعض العوارض التي لا تظهر بالعين المُجرّدة وعلى الطّبيب المشخّص إجراء صورة لعين المريض للكشف عنها، وتتمحور هذه الظواهر حول نزيف صغير أو نشويات تخرج من أوعية الدم أو الأمور التي تسمى ميكرو انروزيمياس وهي أشبه بالبالونات الصغيرة المليئة بالدّم. ونتيجة إجراء الصّورة هي التي ستحدد ما إذا كانت هناك حاجة لمعالجة المريض بشكل فوري أو متابعة الحالة وإعادة إجراء الصّورة مرّة أخرى بحالة عدم تشكّل خطورة.
أما في المراحل المتأخرة فينتج عن إصابة الشعيرات الدموية نزيف حاد داخل العين، ما يشير إلى انسداد في الأوعية الدموية ووجود نقص في الأوكسجين في مناطق شبكية العين، الأمر الذي يؤدّي إلى انتاج أوعية دموعية جديدة هشّة وغير صالحة في الشبكة ما يتسبب بإصابتها بنزيف قوي ينتهي بهدم أنسجة العين شيئًا فشيئًا وربّما يتضخّم الأمر ويصل إلى نزيف يملأ فراغ العين يؤدي إلى انفصال الشّبكية تمامًا.
هل يوجد علاج؟
الحفاظ على توازن شعيرات الدم الصغيرة في شبكية العين قد يمنع مشاكل سكري العينين من التّفاقم نتيجة ارتفاع مستويات السّكر في الدّم، فيجب متابعة الموضوع مع طبيب عيون مختص والكشف عن الإصابة في مراحلها الأولى قبل أن تحدث تعقيدات تزيد من الخطورة على العينين. فكلّما كان الكشف عن الإصابة مبكرًا وبصورة سريعة كانت نتائج العلاج أكثر فاعليّة.
وكما ذكرنا أعلاه فإنّ مرض السكري الذي يُصيب العين نوعان، الأول هو عبارة عن تجمّع السوائل بمركز النّظر الذي يتسبب بتدهور النظر لكنّه لا يؤدّي إلى العمى بشكل سريع، والثاني فهو عبارة عن تكاثر الاوعية الدّموية غير الناضجة التي تتسبب بالنزيف والضّرر بالشبكية. ويصلح علاج هذين النوعين عن طريق الليزر، والإبر التي تُمنح لكل مريض وفقًا لحالته، وبعض الحالات تتطلّب إجراء العمليات التي تعمل على منع الضغط عن شبكية العين وتساهم بالحد من النزيف داخل العين.
كذلك تتمّ معالجة العيون التي تتعرّض للإصابة بالوذمة البقعية عن طريق حقن مُباشر لأدوية تُعيق نشاط بروتين “عامل نمو بطانة الأوعية الدّموية” والذي يحفّز على إنتاج أوعية دموية هشّة، ويسبّب إفرازًا مفرطًا للسائل من الشّعيرات الدّموية إلى الشّبكية، إذ يعتمد علاج المرض على كفّ عمل هذا البروتين عن أداء وظيفته. وذلك مرّة كلّ شهر، ولهذه العملية فوائد عدة من أبرزها إبطاء تدهور مجال الرؤية، وتحسين وضع الرؤية.