تعرّفوا على الإلتهاب الذي قد يظهر بسبب النظافة الشخصية الزائدة عن حدّها
يعتبر الإلتهاب ردّ فعل في الجسم لحمايته من عوامل غريبة مثل الجراثيم والفيروسات، إلا أنه ليست كل الإلتهابات شبيهة بعضها ببعض. حرص عالم الطّب على دراسة أنواع الإلتهابات على مدار قرون عدّة، وتوصّل الى نتيجة مفادها أن هناك نوعين من الإلتهابات الأساسية: التهاب من النوع 1 والتهاب من النوع 2.
التهاب من النوع 1 هو الإلتهاب الذي نعرفه غالبيتنا ويظهر، على سبيل المثال، كردّ فعل على ملوّثات مختلفة وفي حالة وجود أمراض معيّنة. بالمقابل، التهاب من نوع 2 هو التهاب يتميّز بظهوره في حال وجود ردّ فعل تحسّسي وفي أحيان أخرى كردّ فعل إلتهابي ليس بالضرورة أن يكون ناتجًا عن طريق مهيّج خارجي، مثل التهاب الأوعية الدموية.
في مثل هذه الحالات المراقبة على جهاز المناعة تكون مشوّشة لأن الأسباب غير واضحة تماما .
مصطلح التهاب من النوع 2 معروف للقليلين، إلا أن كثيرين يعرفون الأمراض الناجمة عنه، والأكثر بروزًا من هذه الأمراض هي: إكزيما الجلد، التهاب الجلد المعروف باسمه أتوبيك درماتيتيس، التهاب الجيوب الأنفية المزمن، التهاب المريء (EOE)، الطفح الجلدي المزمن (CSU).
تشير التقديرات إلى أن الأمراض الناجمة عن التهاب من النوع 2 تكون نتيجة لدمج عناصر وراثية وأخرى بيئية. العناصر البيئية: تصل نسبة الإصابة بالتهاب الجلد أتوبيك درماتيتيس في البلدان المتطوّرة إلى 20% تقريبا لدى الأطفال وحوالي 3% عند البالغين. الأسباب التي تجعل المرض أكثر شيوعًا في الغرب ليست واضحة تمامًا، لكن ظهور المرض مرتبط بالنظافة الشخصية المفرطة، هذا الى جانب الإفراط في استخدام المضادات الحيوية والضغط النفسي الذي يميّز الحياة في دول الغرب.
في المقابل، يمكن ظهور المرض نتيجة لعوامل وراثية. في حالات قليلة، يمكن تشخيص مرضى الربو أو التهاب الجلد أتوبيك درماتيتيس الناجم عن التهاب من النوع 2 في نفس العائلة. في بعض الأحيان، يعاني المريض من عدة أمراض مختلفة ناجمة عن نفس السبب وهو التهاب من النوع 2. مثلًا: الطفل الذي يعاني من التهاب الجلد أتوبيك درماتيتيس في طفولته، قد تتطوّر لديه لاحقا حساسية تجاه الطعام أو سيلان الأنف المزمن أو الربو أو مزيج من هذه الحالات. طبيًّا، تسمّى هذه الظاهرة بـ “مسيرة الأتوبيك”Atopic March – والتي تعني تطور العديد من أمراض الحساسية على مر السنين، عندما يكون التهاب الجلد المرحلة الأولى فقط من المرض.
استعداد وراثي للمرض
على الرّغم من دراسة وبحث الموضوع على مرّ السنين، إلا أنه لم يتم الجزم في المسبّب لهذه الأمراض. للأسف، لا يوجد فحص وراثي بمقدوره التنبؤ بشكل قاطع فيما اذا كان الجنين لديه استعداد لهذه الأمراض، إلا أنه يمكن الإشارة إلى استعداد وراثي-عائلي للمرض. وبالتالي هناك خطر أكبر لإصابة طفل لوالدين يعانيان من أمراض الأتوبيك بتطوير المرض لديه، مقارنة مع طفل ليس لديه خلفية عائلية للمرض.
صحيح أن أمراض الحساسية الناتجة عن الإلتهاب من النوع 2 قد لا تهدّد الحياة، إلا أنها قد تكون مزعجة وتسبّب المعاناة وتمسّ بجودة حياة المرضى. يشار الى أن هذه الأمراض قليلًا ما تحظى بالاهتمام خصوصًا لكونها لا تشكّل خطرًا على الحياة، إذ هناك عدد لا بأس فيه من الحالات التي لا يقوم فيها الطبيب الجماهيري بتوجيه المريض لمعرفة مصدر إصابته بمرض سيلان الأنف المزمن، والذي يمكن أن يسبّب معاناة يومية ويمسّ بجودة حياة المريض، بما في ذلك اضطرابات النوم. وبالتالي لا يتلقّى المريض العلاج الفعّال له. وعليه يوصى بمراجعة طبيب/ة متخصّص/ة أو متخصّصين في الحساسية والمناعة السريرية للحصول على تشخيص سليم وعلاج مناسب.
في الختام، على الرّغم من عدم وجود دواء يعالج المرض نهائيًا، إلا أن هناك بعض الحلول التي بإمكانها تحسين الحالة لدى المريض وبالتالي تحسين جودة حياته.
بقلم: البروفيسور ألون هيرشكو، رئيس الجمعية الإسرائيلية للحساسية والمناعة السريرية، ومدير قسم الأمراض الباطنية ج في مستشفى هداسا، عين كارم.
للمزيد من المعلومات، ننصح باستشارة طبيب جلد مهني حول المستحضرات وطرق العلاج الطبيّة.