كيف تغلغلت منظمة “فتح الله غولن” داخل مؤسسات الدولة في تركيا؟
قال “أمره كيكيلّي”، الباحث التركي في الخبير والباحث التركي في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية “سيتا”، إن تأسيس منظمة فتح الله غولن يعود إلى سبعينيات القرن الماضي، عبر مؤسسها المقيم حاليا في الولايات المتحدة، الواعظ المتقاعد “فتح الله غولن”، من خلال تقديمه المساعدات المالية للناس العاديين المحتاجين، والسعي لاستهداف الشباب.
وأضاف كيكيلّي في مقال له نشرته صحيفة “عربي 21″، أن غولن قام بتجميع الطلاب في المدارس المتوسطة والثانوية والجامعات حوله. ومع السنوات التالية، تم افتتاح المؤسسات التعليمية من قبل الأشخاص الموالين له، مما ساهم في ربط عدد أكبر من الناس به، ورغم أن لديه أهدافا سياسية، إلا أنه لم يكشف عنها للرأي العام.
ومنذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، بدأ المتخرجون من المدارس التابعة له من الشباب، في تولي مناصب في مؤسسات الدولة، ومنذ منتصف التسعينيات، مع امتداد جذور المنظمة في تركيا، وجدت المنظمة طريقا لها خارج حدود تركيا، من خلال افتتاح مدارس تابعة للتنظيم في الدول الأخرى.
وأوضح كيكيلّي أن منظمة فتح الله غولن لها منظومة هيكلية، تشكلت بقوة في مختلف مؤسسات الدولة التركية، في القضاء والشرطة، والجيش، والوزارات، والحكومة، والولايات والبلديات، وجميع المؤسسات المشابهة لها في الدولة. وبخلاف الهيكل التنظيمي، فإن هذه المنظمة شكلت كيانا موازيا منظما، وعملت العناصر على تنظيم نفسها بشكل سري داخل مؤسسات الدولة.
كما عمل أعضاء منظمة فتح الله غولن على ترقية الموظفين التابعين لها إلى المراتب العليا بكل الوسائل، سواء بالطرق القانونية أو غير الشرعية. على جانبٍ آخر مارس التنظيم حملات تشويه كبيرة بحق الأعضاء الذين لا ينتمون للمنظمة، مستخدمين وسائل الإعلام التي يديرونها ويملكونها، من أجل تشريع كل حملة أو فعل يقومون به.
وقال إن المنظمة استغلت الإمكانيات المتاحة في مؤسسات الدولة، من أجل التجسس على هواتف ومكالمات أرفع المسؤولين في مؤسسات الدولة وغيرهم، وتسجيل هذه المكالمات، كما أنها استطاعت الحصول على أهم الوثائق التي تتعلق بالأمن القومي من المواقع الحساسة المتواجدة بها، وجمعها وتسريبها، مما عرض الأمن القومي للخطر.
وفي شباط/ فبراير من عام 2012، – يضيف الباحث – حاول منتسوبو المنظمة في سلكي القضاء والشرطة، اعتقال مدير المخابرات التركية هاكان فيدان بصفة متشبه به من قبل ادعاء اسطنبول، وتنفيذ انقلاب على السلطة الحاكمة آنذاك. وفي كانون الأول/ ديسمبر من العام 2013، عمد أعضاء المنظمة في سلكي القضاء والشرطة، في الفترة ما بين 17 و25 من ذلك الشهر، إلى استهداف الوزراء في الحكومة المنتخبة ومحاولة قلبها.
وعقب هذه الحادثة، فتحت السلطة المنتخبة تحقيقا قضائيا حول التنظيم ونشاطاته. وهنا بدأت المنظمة التخطيط لمحاولة إنهاء السلطة الحاكمة، ومؤسسات الدولة. وفي ليلة الانقلاب الخامس عشر من تموز/ يوليو، أقدم معاون رئيس الأركان، التابع للتنظيم، على إشهار السلاح بوجه رئيس الأركان وتهديده به، وفي هذا إشارة واضحة إلى عدم احترام التنظيم ومنتسبيه لأي هيكلية في الدولة التركية أو تراتبية وطيفية.
وأشار كيكيلّي إلى أنه بعد أن بان الوجه الحقيقي وأطماع هذه المنظمة الظلامية، من خلال تغلغلها في مؤسسات الدولة لسنين طويلة، وكذا سعيها لمحاولة قلب الحكم والسيطرة عليها، قامت الجهات المسؤولة في الجمهورية التركية في منتصف 2015 بتصنيف جماعة فتح الله كتهديد رسمي للدولة.
وتابع بالقول: “بعد ذلك التاريخ، ونتيجة لعمليات التحقيق والتدقيق داخل الدولة، تم التثبت من عناصر الجماعة في جميع مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الجيش. في الوقع فإنه يمكن تقييم الانقلاب الفاشل في 15 تموز/ يوليو في إطار المواجهة هذه، حيث إن تحديد عناصر التنظيم في مؤسسات الدولة، ومن بينها الجيش، دفع التنظيم للقيام بعملية الانقلاب لإنقاذ نفسه”.
وختم الباحث التركي مقال قائلًا: “مع فشل الانقلاب، فإن العناصر التي ثبت انتماؤها لهذه المنظمة تم إيقافها عن العمل. وبعد انتهاء المرحلة القضائية فإن من يثبت بالدليل القاطع ارتباطه مع المنظمة سيتم إبعادهم عن وظائفهم”، مبينًا أن “الحكومة عملت على اتخاذ كافة إجراءاتها في مواجهة الانقلاب ومحاسبة المتورطين فيه من خلال الأطر القانونية والدستورية، وفي هذا السياق جاء إعلان حالة الطوارئ الذي عمل على قوننة هذه الخطوات ضمن الأطر الدستورية”.