داوود وتد ابن قرية جت، المعالج الذي كشف فظائع مأوى العجزة في حيفا يتحدث لصحيفة وموقع القبس
تقرير: أحمد محمد وتد
أكثر من 22 ألف مريض من كبار السن يقبعون في دور رعاية المسنين في جميع أنحاء إسرائيل، ومن يعلم لاي درجة هذه الأماكن تُعد امنة بالنسبة لهؤلاء العجزة ؟ هذا هو الموضوع الذي أشغل عقول المواطنين في الفترة الأخيرة، وذلك بعد ان تم الكشف عن احد دور رعاية المسنين في حيفا من خلال تحقيق أجراه الصحفي “יוסי מזרחי” في القناة الإسرائيلية الثانية، حيث ترتكب داخل هذا المكان أفعال مروعة ومرعبة تجاه العجزة، من دون تفرقة ان كانوا عربا او يهودا، على حد سواء.
دار الرعاية “נאות כיפת הזהב” في حيفا، من اكبر بيوت المسنين في إسرائيل ويحوي 430 مريض، والذي يقوم المعالجون العاملون به بالتنكيل وممارسة أعمال قاسية ومذلة تجاه العجزة الذين يتعالجون في داخل المكان، حيث يقومون بتعنيف المرضى وحرمانهم من الحاجات الأساسية للإنسان، كقضاء الحاجات وغيرها من أمور.
مراسل موقع وصحيفة القبس، التقى بالمُعالج “داوود وتد”، والذي يعمل في هذا المجال منذ أكثر من 13 سنة، هو من كشف وفضح ما يحصل في هذا المكان، وذلك بعد ان راودته الشكوك لما يحصل داخل غرف العجزة، حيث طرح عليه بعض الأسئلة ليفسر من خلالها ما الذي جعله يكشف عما يحصل في هذا المكان:
ما الذي جعلك تتخذ القرار بأن تكشف عما يحدث في بيت المسنين “נאות כיפת הזהב” في حيفا ؟
طبعا لم اكن اعلم ما يحصل داخل هذا المكان، ولو انني كنت اعلم لكشفت الموضوع منذ البداية، ولكن انا كانسان كباقي الاشخاص وأملك شهادة ومهنة وخبرة 13 سنة في هذا المجال، وأملك ضميرا حيا هو ما جعلني ان اتوجه للمسؤولين للإفصاح عن وجود اشخاص يقومون بتعنيف المرضى وذلك بعد لفت نظري خلال عملي في الفترة الأخيرة لوجود علامات عنف على اجسام المرضى، فمن هنا بدأت عندي الشكوك حول الموضوع او بالأحرى أدركت فعلا ان هنالك من هو وراء هذه الأعمال العنيفة ! ففي البداية لم يبد احد اهتمامه في الموضوع.
داوود وتد: “شاهدت مشاهد فظيعة للمعاملة السيئة التي يتلقاها المسنون، توجهت للمسؤولين وأخبرتهم لكن هددوني إذا تحدثت سأطرد من العمل”
من هنا بدأت القصة، حيث توجهت لمحققة شخصية وتواصلت معها واخبرتها عن كل شيء وان ما يجري في ذلك المكان ليس سهلا، بل مرعبا حتى، وعن طريق هذه المحققة والتي بدورها اوصلتني لمكتب التحقيقات والذين بدورهم اهتموا جليا في الموضوع لفحص ما يدور ويحدث في المكان، حيث باشرنا في الأمور اللازمة للتأكد مما يحدث داخل ذلك المأوى المرعب، من ضبط وتوثيق الفيديوهات والصور السرية في غرف المرضى، والتي بينت مدى قساوة أعمال التنكيل التي ارتكبها المعالجون، وعندما بدأنا في مشاهدة التسجيلات الصعبة، حيث ان الانسان الطبيعي لا يمكنه مشاهدة هذه الأعمال كضرب مسنة ضربا مبرحا في ساعات متأخرة من الليل، عندها صُدمنا جميعا، وقلنا لنفحص فعلا ما الذي يحدث في هذا المكان ! وهل يوجد اخرون يقومون ايضا بالتنكيل؟ حتى توصلنا الى اكثر من معالج ليصل الأمر إلى أن طاقم وادارة هذا المأوى والذي يفوق عددهم الـ 10 أشخاص يقومون بهذه الأفعال البشعة، ويشار الى ان مدة التحقيقات استمرت لمدة شهر تقريبا.
ما هو شعورك بعد أن كشفت عن الأعمال اللا إنسانية المختلفة التي يقوم بها المعالجون في بيت المسنين ؟
فخور جدا وقلبي مطمئن لان هؤلاء المرضى رقدوا الان بهدوء وامان بعد ان كانوا يتعرضون بشكل شبه يومي لاعتداءات مختلفة عنيفة، كما وانني ايضا مواطن من الأقلية العربية في هذه الدولة التي لا تعتبر وجودا للعرب.
كيف كانت ردود الأفعال من حولك حول الموضوع ؟
للأسف، تلقيت الاف الردود حول الموضوع من قبل اليهود مقارنة مع العرب الذين لم يبدوا اهتمامهم في الموضوع بالرغم من وجود مرضى عرب في المكان، فعلا انه لأمر مخجل كوني عربي ولم اتلقى اي اهتمام من اي جهة عربية بل هناك من هم لم يؤيدوني في فعلتي هذه، حتى ان رئيس الدولة تكلم عن الموضوع وايضا رئيس الحكومة نتنياهو، اشار في الأسبوع الماضي في أحد جلسات الحكومة لهذا الموضوع وذكر ان هذه الأفعال تناقض المبادء الدينية والإسرائيلية كذلك، كما وتلقيت اتصالات من نواب في الكنيست وعدة وزراء ايضا .
فتستطيع ان تقول ان “لا وجود للعرب في الموضوع” بالرغم من وجود عائلات عربية تضررت مما حدث، فبامكانك ان تقول ان ممن اهتموا بالموضوع هم 1% عرب و 99% يهود. فلا اعلم لماذا يتصرفون هكذا، حيث انه بامكاننا ان نستغل هذا الظرف والحالة لنثبت ان للعرب وجود، وليس أقلية كما يدّعون، واننا مجرمين ولا فائدة منا سوى التخريب.
وأضاف: “هنالك مشكلة جدية في الوعي والثقافة العربية عندنا، فأين انتم ايها المواطنين العرب مما يحصل !؟ فمن الجدير ذكره أن من بين المسنين الذين تعرضوا للتنكيل كانت هنالك عجوز عربية ومن قبل معالج عربي ايضا. فالحديث هنا لا يدور حول العنصرية وحسب، وانما عن أعمال عنيفة لا إنسانية ولا أخلاقية”.
وتابع بقوله: “توجد علاقات قوية بيني وبين عائلات هؤلاء المرضى بعد الكشف عن هذه الفضائح، والجدير ذكره انني انهيت عملي بنفسي ولم يقوموا بطردي كما يقول البعض”.
حول تعيينك من قبل وزارة الصحة كمراقب على بيوت المسنين في إسرائيل ؟
الحديث يدور حول هذا الموضوع ولكن حتى الان لا يوجد تعيين او جواب نهائي، فما زالت هنالك مفاوضات حول هذا الموضوع.