الحكم بالسجن الفعلي 23 شهرا وغرامة 100 ألف شيقل على عاشق الأقصى الدكتور حكمت نعامنه من عرابة
أقرّت المحكمة المركزية في مدينة الناصرة، مطلع الأسبوع، تسوية بين محامي الدفاع عن “عاشق الأقصى” الدكتور حكمت نعامنه من مدينة عرابة، والنيابة العامة، وفق لائحة اتهام معدّلة توافق عليها الطرفان، وتقضي بالسجن الفعلي على نعامنه 23 شهرا ودفع غرامة مالية مقدارها 100 ألف شيقل، مع احتساب المدة التي قضاها في السجن منذ اعتقاله أواخر تشرين أول/ اكتوبر 2016، ما يعني تبقي نحو 15 شهرا من محكوميته.
و أكد المحامي حسّان طباجة، وكيل الأسير حكمت نعامنه، أن الاتفاق بين الدفاع والنيابة تم وفق لائحة اتهام معدّلة ومخففة، حيثتم إسقاط معظم بنود لائحة الاتهام الأصلية، بما يقرب 80% منها، وقد طلبت النيابة العامة وفق لائحة الاتهام الأصلية، السجن الفعلي للدكتور حكمت من 4- 6 سنوات.
وقال طباجة: “رأينا انا وموكلي أن الاستمرار في الملف فيه مخاطرة، وفق بنود لائحة الاتهام الأصلية، بسبب تلاعب المخابرات بالأدلة والشهادات وإدارتها لكل تفاصيل الملف، وعليه كان عندنا استعداد لبحث إمكانية الاعتراف بلائحة اتهام معدّلة بشكل جذري، اعترف خلالها الأخ حكمت بوجود دور له في تمويل “المرابطون” في الاقصى من خلال متبرعين مستقلين لا ينتمون لجماعات أو حركات، حتى بعد الاعلان عن حظر تنظيم “مرابطون” ولكننا رفضنا أن تتضمن لائحة الاتهام المعدلة الكثير من الأمور والبنود، وقد تم شطبها في اللائحة المعدّلة”.
وحول البنود التي تم شطبها من لائحة الاتهام الأولى، أشار طباجة إلى أنه من بينها: “محاولة الزج بالحركة الاسلامية المحظورة إسرائيليا، بهذا الملف، عبر اعتبار أن حكمت وباقي المرابطين كانوا يعملون من طرف الحركة الاسلامية المحظورة، وهذا ما رفضناه وتم شطبه من لائحة الاتهام”.
كما أسقط من لائحة الاتهام الأصلية، يقول طباجة: “محاولة تجريم الرباط في الاقصى، ورفضنا ذلك وطلبنا شطب كل جملة تحوي كلمة “رباط” لكونها شعيرة دينية ولا تنطوي عليها مخالفة، وفقط وافقنا على أن يكون عمل المرابطين، من حيث موضوع التمويل، هو المخالفة، وعليه تم حذف كل جملة تتعلق بنشاط الرباط كإحدى الشعائر الدينية”.
إلى ذلك يتابع محامي الدكتور حكمت: “طلبنا حذف ادعاء الدولة ان هتاف “الله اكبر” الذي يقوله المرابطون يؤدي إلى الاخلال بالسلامة العامة، وتم حذف ذلك، كذلك كان هناك محاولة في اللائحة الاولى لاتهام المرابطين بتأزيم الوضع الأمني في القدس وهذا شطب أيضا في اللائحة المعدلة”.
ووفق اللائحة المعدّلة أسقط أيضا بند الاتهام بخصوص “تبييض الأموال”، كذلك سعت اللائحة الأولى إلى ربط تمويل “المرابطون” بمنظمات “محظورة”، وتم شطب هذا البند في اللائحة المعدلة، وتضمنت اللائحة المعدلة اعترافا بتمويل “المرابطون” (تجدر الإشارة إلى ان “المرابطون” اعلنوا كتنظيم محظور من قبل وزير الامن الاسرائيلي في سبتمبر 2015 وهو بالتالي قرار سياسي اخر يصدر عن حكومة اليمين في اسرائيل ويمس ثوابت الداخل الفلسطيني بدعوى مسوغات امنيه ومواد سريه، من تبرعات غير مرتبطة بمنظماتمن الخارج أو الداخل، وفقطباجة.
وأضاف: “من خلال إدارتنا للملف نجحنا ان نضعف ونفند الكثير من الأدلة التي احضرتها النيابة والتي تبين بشكل واضح ان المخابرات هي التي تدير الملف، وان محققي الشرطة لا يعرفون حتى ما هي المخالفات وهذا ثبت في المحكمة”.
ولفت إلى أن الشرطة الإسرائيلية والمخابرات، سعت إلى التهويل من الملف، لكنهم حتى اللحظة لم يصدروا بيانا حوله، وهذا يشير إلى تراجعهم عن مسألة التهويل، بسبب اختزال مجمل الملف ببنود أقل بكثير مما بنوا عليه وسعوا إليه.
وكشف طباجة أن مداولات الوصول إلى “تسوية” مع الادعاء، أظهرت تحكم جهاز المخابرات بإدارة الملف، وهذا ظهر حين طلب ممثل الادعاء في كل مرة الرجوع إلى المخابرات للمصادقة على شطب بند من بنود اللائحة الأصلية، ما أدى إلى تواصل جلسات المحكمة الأحد، من الساعة التاسعة والنصف صباحا حتى السادسة مساء.
وجرت المداولات لدى القاضي حنا صباغ، وهو القاضي الذي أوكلت إليه مهمة “التجسير” بين الأطراف بخصوص التسوية.
وحول تعقيبه على مجمل هذا الملف قال المحامي حسان طباجة: “هذا ملف بدأ بتهويل اعلامي كبير واعتقالات ومحاولة ارهاب المصلين في الاقصى والمعتكفين الذين يقومون بشعيرة الرباط وهي شعيرة دينية، وانتهى بإدانة مخففة نسبيا، هي العضوية بتنظيم “مرابطون” المحظور بقرار سياسي من وزير الحرب، بشهر 9 عام 2015، إذا الملف هو سياسي ومخابراتي أدارته الجهات الأمنية والسياسية، وقد قال أحد المحققين من طرف المخابرات للأخ حكمت إن نتنياهو يتابع الملف بشكل شخصي”.
وأضاف: “استقبلنا والعائلة القرار بشعور من الظلم، وشيء من الارتياح أيضا، لانتهاء الاجراءات في هذا الملف، خاصة ان النيابة لوّحت بأحكام قاسية ولسنوات طويلة، ونجحنا بتحجيم الملف إلى أصغر خانة، ولكنه يبقى ظالما، يعكس طبيعة المؤسسة الإسرائيلية وتعاطيها مع أبناء الداخل الفلسطيني بمنظور أمني”.
هذا ويتواجد الأسير حكمت نعامنه، في سجن “الجلبوع” حيث نوّه طباجة إلى أنه سيتم العمل على نقله من القسم الذي يتواجد فيه إلى قسم آخر، وسيعمل لاحقا على تقديم طلب بتسريح سريع إلى “لجنة الثلث”، رغم ان الاحتمالات، كما يقول، للموافقة على ذلك ضئيلة في الملفات ذات البعد السياسي.
الأسير حكمت نعامنه يعقّب من سجنه على قرار الحكم
قال الأسير حكمت نعامنه في رسالة من سجنه، معقبا على قرار سجنه 23 شهرا: “أتقدم بالفخر والاعتزاز إلى أهلنا في الداخل الفلسطيني الذين يساندونا في قضية عشاق الأقصى، وموقفي من الحكم الصادر من المحكمة المركزية الأحد بتاريخ 28/5 بالظلم دون أدنى شك، ومنذ اعتقالنا بالزنازين لم يتغير موقفي في ان هذا الاعتقال، هو اعتقال سياسي وتصفية حسابات مع العاملين من اجل الأقصى وخاصة أولئك الذين انتموا للحركة الإسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح حفظه الله، قبل حظرها من قبل المؤسسة الإسرائيلية، وانا اليوم استلم قرارا بسجني لمدة 23 شهرا ودفع غرامة مالية بقيمة 100 ألف شيقل، بهدف الردع، وهذا القرار لا يملك اي مسوغ قانوني عادل وهذه الأحكام الظالمةالصادرة من المؤسسةالإسرائيلية في قضية عشاق الأقصى التي اعتقل وحقق وحوكم فيها العشرات تهدف الى ارهاب الداخل الفلسطيني ومنعه مع التواصل مع المسجدالاقصى المبارك”.
وختم الدكتور حكمت في رسالته: “رسالتنا لأهلنا في الداخل الفلسطيني والعالم اننا لم ولن نتنازل عن حقنا الواحد بالمسجد الأقصى والذي لا يقبل القسمة ولو كلفنا ذلك حياتنا وحريتنا وارزاقنا وليكن ردنا على هذا الاٍرهاب بزيادة تواصلنا وحبنا وتعلقنا ودعمنا لمسرى رسولنا الاكرم المسجد الأقصى المبارك”.
وكان الدكتور حكمت قد أكد للقاضي انه لن يتراجع عن الرباط وشد الرحال للمسجد الاقصى من خلال نشاط شخصي غير ممنوع وذلك امر من صلب قناعاته كمسلم يعيش على هذه الارض ولا تراجع عنه.
الشيخ كمال خطيب: قرار ظالم وقضية القدس والأقصى منتصرة
في تعقيبه على قرار الحكم على الدكتور حكمت نعامنه قال الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة “الحريات” المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، لـ “المدينة” إنه “قرار ظالم وليس من العدالة والقانون بشيء، يعبق برائحة السياسة والملاحقة ومحاولة اخراس كل صوت ينطلق ويرتفع مناصرا لقضية القدس والمسجد الاقصى المبارك”.
وأضاف: “23 شهرا على تهمة الدعوة لتسيير سيارات وحافلات للمسجد الاقصى المبارك، هو حكم لا يمكن في منطق العدل والقانون والانسانية أن يستوعبه عاقل وصاحب ضمير، واضح ان المؤسسة الاسرائيلية، اتخذت قراراها بحظر الحركة الاسلامية، وأخرجتها عن القانون وتعاملت مع الرباط في الاقصى هذه العبادة المباركة وكأنه “تنظيم إرهابي”، وعليه أرادت المؤسسة الإسرائيلية، أن تستمر في التضييق على المسجد الاقصى، وليس أدل على ما أقول من تقرير صحيفة”هآرتس” الاحد الاخير، والذي أشار بشكل واضح على لسان مسؤولين اسرائيليين ان ما يعيشه الاقصى من “هدوء”، والمقصود به حالة الحصار والاخلاء والتفريغ، مرده كما قالوا هو “القرار بإخراج الحركة الاسلامية، خارج القانون ومنع نشاطاتها ونشطائها من القدس والاقصى المبارك””.
وأكد خطيب: “لذلك فإن قرار سجن الاخ حكمت 23 شهرا، والاخ عبد الكريم كريم 8 أشهر، و الأخ اسماعيل لهواني 6 أشهر، هذه كلها تشير إلى قرار سياسي بالتضييق والحصار ومطاردة وملاحقة كل من ينتصر ويناصر المسجد الاقصى المبارك، وليس اعتقال الاخوة الاخرين، الدكتور سليمان واخوانه، بمعزل عن هذا التوجه السياسي البغيض الذي تمارسه حكومة نتنياهو، هي تريد أن تعاقب وبالعقوبات المغلظة كل من يرمم بيتا في القدس وكل من يقدم افطارا للصائمين وكل من يقدم حقائب مدرسية، فهذه هي تهمتهم، ولكن اذا كان الامر كذلك لماذا تسمح الحكومة الاسرائيلية الآن، بعشرات موائد الافطار في الاقصى وتقوم عليها جهات وجمعيات بل ودول، لماذا أصبح هذا الامر مسموحا بينما اذا قام به من كانوا ينتمون يوما للحركة الاسلامية يصبح من الجرائم التي يعاقب عليها القانون!!”.
وتابع الشيخ كمال: “قامت الحركة الاسلامية قبل حظرها، بمهمات جليلة في خدمة أهلنا في القدس ونعتز بما قمنا به من: ترميم للمصلى المرواني بالتنسيق مع الاوقاف، ولجنة الاعمار، ومسيرة البيارق التي كانت توصل إلى الأقصىنحو 300 حافلة في رمضان باليوم الواحد، نعتز بترميم البيوت في القدس، ونعتز بمشروع افطار الصائم، لكن هذه النشاطات كانت مصحوبة بصوت اعلامي ايقظ في الامة ضرورة الالتفاف حول قضية القدس والمسجد الاقصى المبارك، وجعلها قضية حراك شعبي تمتد في كافة ارجاء العالم العربي والاسلامي، حتى صرنا نسمع عن “نساء من اجل الاقصى” و”احباب الاقصى” و”أطباء من اجل القدس”،تتشكل في كل العالم العربي والاسلامي، وهذا هو الذي يبدو انه ازعج المؤسسة الاسرائيلية من دور الحركة الاسلامية، بينما ان يقتصر العمل على مجرد الوصول إلى الاقصى وتقديم افطارات واقامة حملات تنظيف وغير ذلك، بعيدا عن استمرار التأكيد على ان الاقصى لنا ولنا وحدنا وان يغرب وجه الاحتلال عن المسجد الاقصى المبارك، يبدو أن هذا لا يزعج المؤسسة الإسرائيلية”.
وخاطب رئيس لجنة الحريات عائلات “عشاق الأقصى” قائلا: “أنتم مصدر فخرنا، انتم رجال في زمن عز فيه الرجال، كنتم الاوفياء، لم ترتكبوا جرما ولا جناية، قدمتم ما يتمنى ان يقدمه الكثيرون، وبالتالي انتم بالنسبة لنا تاج على رؤوسنا، واهليكم وابناؤكم وامهاتكم وازواجكم هم بالنسبة لنا هم من اوجدوا لهذه الدنيا هذه النماذج الفريدة وهذه القامات الكبيرة، هؤلاء هم الشرفاء العظماء الذين يتشرف كل شعب وتتشرف كل حركة ان يكون من أبنائها من هم أمثال الأخوة: حكمتنعامنه وعبد الكريم كريم ويحيى السوطري واسماعيل لهواني، وسليمان اغبارية، ومحمد حربي، ومصطفى اغبارية، وفواز اغبارية، ومحمود جبارين ومحمد جبارين وكل الاخوة “عشاق الأقصى””.
وختم خطيب: “إن قضية القدس والمسجد الاقصى، هي قضية منتصرة ان شاء الله، أكدنا مرارا أن الاحتلال الصليبي مكث في القدس والاقصى 90 عاما، منع فيها الأذان من ان يرتفع في الاقصى، وانزل الهلال ورفع الصليب في الاقصى، وكان علوج الصليبيين، يحمل أحدهم زجاجة الخمر ويصعد إلى المنبر في الاقصى ولا ينبس أحد ببنت شفة، ثم رحل ذلك الاحتلال الصليبي، واليوم حينما ترفع الاعلام الاسرائيلية وينشد النشيد الوطني الاسرائيلي، ويطرد أبناء المسلمين من الاقصى ويضيق عليهم، في زمن الاحتلال الصهيوني نقول إن 90 سنة رحل بعدها الاحتلال الصليبي، و50 سنة حتما سيرحل بعدها الاحتلال الصهيوني”.