نظّمه اتحاد مساجد وادي عارة حضور جماهيري حاشد في مهرجان تجديد البيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
غصّت قاعة “ميس الريم” في قرية عرعرة، مساء أمس الجمعة، بالحضور، في المهرجان المركزي بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، ودعا إليه ونظّمه اتحاد مساجد وادي عارة.
استهل المهرجان بقراءة عطرة من القرآن الكريم، تلاها المقرئ محمد مصطفى محاميد، ثم تولى فقرة العرافة الشيخ عبد الرحمن أبو الهيجاء، ورحّب بالحضور، وتقدم بالشكر لاتحاد مساجد وادي عارة، على تنظيم المهرجان وغيره من الفعاليات في العديد من المناسبات.
وقال أبو الهيجاء عن صاحب الذكرى: “جعله ربنا رحمة للعالمين، ولدت به الأمة وولد به الخير والنور، به ولدت الانسانية وولدت القيم والفضيلة، هو شفيعنا يوم القيامة حريص علينا رؤوف رحيم، رفع الله ذكره وشرح صدره ووضع عنه وزره، هو السر والمعجزة التي لا يعلم قدره الا الله”.
المحامي مضر يونس: علينا التحلي بأخلاق الرسول ونبذ العنف في بلداتنا العربية.
وكانت الكلمة الأولى للمحامي مضر يونس، رئيس مجلس محلي عرعرة عارة، رحّب بالحضور باسم أهالي عرعرة عارة، وشدّد على أهمية التحلي بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، في زمن ينهش فيه غول العنف مجتمعنا الفلسطيني، بسبب ابتعادنا عن أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفاته.
وأبدى أسفه على الأحداث التي وقعت خلال الانتخابات المحلية في عدد من البلدات العربية، ما اضطر بعض البلدات إجراء اتفاقيات تناوب بين المنتقلين للجولة الثانية “حقنا للعنف”.
ودعا يونس إلى التحلي بأخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام فعلا وعدم الاكتفاء بالأقوال، وقال: “كنت أحب ان اتحدث فعلا عن سيرته واخلاقه صلى الله عليه وسلم، ولكن ما وقع من احداث عنف في عدد من البلدات، جعلني اتساءل: هل نحن فعلا نتصرف وفق ما اراد رسول الله؟ وهل هذه هي الاخلاق التي علّمنا إياها رسول الله”.
وشدّد على ضرورة أن يتحمل الجميع، أفرادا وقيادات، مسؤولياتهم في المجتمع العربي عموما وبلداتهم، ولا يجوز الاكتفاء بتحميل المسؤوليات للمؤسسة الإسرائيلية المتهمة فعلا، ولكن المسؤولية، كما قال “تقع على عاتقنا جميعا في محاربة العنف وفوضى السلاح وتربية أبنائنا التربية الحسنة”.
الدكتور مشهور فواز: نتمسك بالمبادئ على هدي نبينا وثباته في وجه المتآمرين
رئيس المجلس الاسلامي للإفتاء في الداخل الفلسطيني، ورئيس رابطة ائمة المساجد في مدينة أم الفحم، الدكتور مشهور فواز، ألقى كلمة اتحاد مساجد وادي عارة، مرحبا بالحضور، وقال إن جوانب العظمة في سيرة صاحب الذكرى صلى الله عليه وسلم، تصلح أن يصنف في كل جانب منها المؤلفات والمجلدات، وتطرق إلى ما قاله بعض المنصفين من أهل الغرب عن شخصيته صلى الله عليه وسلم ومن بينهم الكاتب مايكل هارد، مؤلف كتاب “المئة الخالدون”، ووضعه للنبي محمد صلى الله عليه وسلم على رأس القائمة واعتباره أعظم شخصية على وجه الأرض لها الأثر الكبير على الإنسانية في كل مناحي الحياة.
وتناول جانبا من حياة النبي الأكرم، وهو ثباته على المبادئ، مؤكدا أن “نحن أحوج في هذه المرحلة أن نعيد القراءة بإمعان في سيرة سيد الخلق، ونتعلم من ثباته على المبادئ والعقيدة رغم المساومات والاضطهاد والملاحقة، الا انه صلى الله عليه وسلم بقي شامخا، لا يداري في الحق أحدا”.
وأشار الدكتور مشهور إلى أن ما يواجهه حملة المشروع الإسلامي في هذه الأيام من ملاحقات ومطاردة وطعن وتجريح، ليس الا لانهم رفعوا راية الاصلاح الفكري والاجتماعي والسياسي.
وقال إن المشركين قبيل بعثته صلى الله عليه وسلم، وصفوه بالصادق الأمين، ولكن بعد بعثته ورفعه راية الاصلاح ومواجهته للواقع الاجتماعي وما فيه من ظلم، اتهموه بالكذب والسحر والجنون، مستدركا “لذلك لا توجد عندهم مشكلة اليوم في أن يكون أبناء المشروع الإسلامي من الصالحين والزهاد، ولكن إياهم أن يكونوا مصلحين وتكون لهم بصمات في التغيير والاصلاح”.
وحثّ الدكتور مشهور حملة المشروع الإسلامي على التمسك بالمبادئ والثوابت كما فعل رسول الله حين واجه أعتى وأشد انواع الظلم والضغوطات الاجتماعية والاقتصادية، لكنه بقي ثابتا على مبادئه.
وقال إن رسول الله رفض المساومة بالمال والجاه وبقي شامخا ثابتا، رغم الحصار والظلم، مشيرا إلى أنه “ونحن نعيش في خضم هذه الشبهات، فنحن أحوج ما نحتاج الى الحصانة العقدية والفكرية وهو من الفروض العينية وليس الكفائية، وعلينا ان نتحصن فكريا وعقديا واجتماعيا”.
وتطرق الدكتور مشهور إلى ما يثار من خلافات حول مسألة مشروعية إحياء ذكرى المولد النبوي، وأنها وصلت أحيانا حد التلاسن بين المختلفين، وقال “علينا ان نسير وفق القاعدة التي تقول لا انكار في محل الاختلاف، واحياء ذكرى المولد هي مسألة ينظر إليها من العادات الحسنة، طالما لا تطالها ممارسات تخالف الشريعة، أو هي مسألة فقهية مختلف فيها، وليس مدرجة في باب العقائد”.
الشيخ كمال خطيب: حظر الحركة الإسلامية لن يؤثر في خدمتنا لديننا ومشروعنا الإسلامي
وكانت الكلمة المركزية في المهرجان، للشيخ كمال خطيب، إمام مسجد “عمر ابن الخطاب” في كفر كنا، رحّب بالحضور، وتوجه بالشكر لاتحاد مساجد وادي عارة على تنظيم المهرجان.
وقال: “لأنه رحمة الله للعالمين صلى الله عليه وسلم، ولأنه المبعوث للناس كافة بشيرا ونذيرا، لأنه صاحب الدعوة التي أمر أن يبلغها للناس كافة، فلأنه كذلك ففي ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم، نبعثها تحية لغزة الصابرة الصامدة تحية لفخر الأمة التي تقول “الحصار ولا العار” التي تقول “الجوع ولا الركوع”، غزة التي تقول، تموت الحرة ولا تأكل بثدييها، تحية لغزة التي في هذا الزمن الصعب، في زمن الذل والهوان والتبعية والانبطاح”.
وأكد أن غزة كانت وستبقى تبعث الأمل في الأمة، كما فعلت أيام هزمت التتار عام 1260 للميلاد، فكانت مقدمة لهزيمتهم الكبرى في معركة “عين جالوت”.
وقال “ليس المطلوب من غزة في هذه المرحلة أن تنتصر انتصارا استراتيجيا، لكن يكفي ما تقوم به كي تبعث الأمل أن بإمكان الأمة ان تواجه وتتحدى الطواغيت، من يسلبون ارضها”.
ثم وجّه الشيخ كمال، تحية إلى القدس الشريف، التي كمال قال “تعض على جراحها وتمسك على الجمر، تواجه وحدها مشاريع التهويد ومشاريع التسريب، ومشاريع الأسرلة، تحية ترابها طاهر ورجالاتها الذين رفضوا أن يدفن في ثراها السماسرة وتجار الأراضي، تحية لها حين وقفت وتركت وحيدة تواجه مشروع اوسلو، وما تزال الان تواجه تخاذل وخيانة وتآمر من وقعوا على اوسلو يومها، هؤلاء يتنافسون في من يكون الاسرع لتسريب عقارات القدس ومقدساتها للمحتلين، هذه القدس لسان حالها يقول أنا صبرت وصمدت 90 عاما امام المحتل الصليبي ثم رحل، وانا القدس 70 عاما وانا صابرة على الاحتلال الاسرائيلي وسيرحل، فتحية للقدس في ذكرى مولد رسول الله”.
وحيا الشهيد جمال خاشقجي، وقال إنه بقلمه فضح المتواطئين والمتآمرين على الأمة، وكان يفضح اللاهثين خلف سراب أمريكا واوروبا واسرائيل، ودفع حياته ثمنا لذلك، لكنه بدمه أيضا فضح هذا النظام العفن، نظام الـ سعود، كذلك أحيي الدعاة والمشايخ المعتقلين في سجون الـ سعود، أمثال، الشيخ سفر الحولي، وسلمان العودة وغيرهما من أخيار الجزيرة العربية، ممن وقفوا بوجه طغاة الـ سعود”.
وإلى الشعوب العربية وثوراتها، توجّه الشيخ كمال خطيب، بالتحية والتقدير، مؤكدا أنه رغم التآمر على هذه الثورات، لكن المستقبل للشعوب وستتحول هذه الثورات إلى شتاء قارس على الطغاة وأنظمتهم.
ومذكرا بحظر الحركة الإسلامية وقد حلّت الذكرى الثالثة له قريبا من يوم ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم، حيا الشيخ كمال خطيب ” الشيخ البطل، الأخ الحبيب الشيخ رائد صلاح، المنفي المبعد الملاحق المطارد، لا لشيء إلا لأنه أصر على الثبات على مواقفه ورفض أن يساوم، لذلك من هنا مع كل التحيات التي ذكرت تحية لأخينا الحبيب رائد صلاح أبو عمر، وتحية لأبناء وبنات المشروع الاسلامي الاوفياء الصادقين المخلصين، الذين ما نقضوا العهد ولا الميثاق ولا أداروا الظهر ولا نسوا الحليب الذي رضعوا منه”.
وأكد أن المشروع الٍإسلامي هو “أكبر وأوسع من مشروع الحركة الاسلامية، فالأفكار لا تحظر ايها الاغبياء (مخاطبا الإسرائيليين) وإن العقائد لا تحظر ايها الجهلة، الرسالات لا تحظر ايها المغرورون. نعم اذا كانوا قد حظروا الحركة الاسلامية فإن الاسلام لا يحظر ولن يحظر، ونحن ابناء الاسلام قبل اذ نكون ابناء الحركة الاسلامية، ومن هنا نؤكد بيعتنا لديننا واسلامنا، من ظنوا ان المشروع الاسلامي بالحظر، قد انطفأ نوره، فهذه بعيدة عنكم، إن المشروع الاسلامي هو نور الله ونور الله لا يحظر أبدا”.
وفي توجّه إلى من تكاسلوا ووهنوا وابتعدوا عن المشروع الإسلامي بعد حظر الحركة الإسلامية، دعاهم الشيخ كمال خطيب إلى العودة إلى حضن دعوتهم وترك الكسل والعجز، وقال “حين كنا نجدد البيعة لدين الله ورسول الله، لم نكن ننشد لنطرب، بل علينا دائما أن نجدد بيعتنا، وللبعض الذين خرجوا بإجازة طويلة، اقول، هل طابت لكم الراحة، نشفق اشفاق المحب على من ضحك عليه الشيطان وعلى من سرقه وخطفه، من حضن دعوته، فيا ايها الاخوة ان علاقتك بمشروعك الاسلامي كعلاقة السمك بالماء، هل يمكن للسمك ان يحيا بغير ماء؟ انصح بعض اخواننا واخواتنا فأقول، اذا لم تشتغل فلا تشغل اخوانك فيك، واهل دعوتك فيك، لا تشغل ابناء مشروعك فيك وبخرابيشك وهواياتك الجديدة وطموحاتك الانية، الأولى أن تضع يدك بيد اخوانك ودعوتك وبلدك، وأيا كانت ظروف وحال دعوتك، هي افضل من نار بعدك عن هذا المشروع مما تتخيل انها جنة انت تعيشها فبئس الجنة هذه”.
وفي ختام كلمته قال الشيخ كمال خطيب: “إن الدور لنا نحن أبناء مشروع ورسالة محمد، لا نقيل ولن نفرط ولن ندعها ابدا ما حيينا، هذه المرحلة بكل جراحاتها وآلامها، هي مرحلة وستمر وغمامة صيف ستنقشع، وحفرة سنتجاوزها، كونوا على يقين أن ما يحصل في الأمة هو المخاض الذي يسبق الميلاد، فيه أوجاع وطلقات، لكنها تسبق الميلاد المبارك”.
هذا وقد تخللت المهرجان فقرات فنية وأناشيد في حب الرسول عليه الصلاة والسلام إلى جانب نشيد “هو الحق يحشد أجناده وقد كان في بداية المهرجان، كما استذكر عريف المهرجان، الراحل المرحوم عبد الحكيم مفيد، الذي حلّت الذكرى السنوية الأولى لوفاته قبل أيام وطلب من الحضور قراءة الفاتحة على روحه الطاهرة.