مقالة الشيخ كمال خطيب: ربّنا يعاتب الحبيب وربّهم يحرّض تل أبيب
الشيخ كمال خطيب
منذ أن بعث الله تعالى رسوله محمدًا ﷺ برسالة الإسلام فإنه كلّفه برسالة عالمية، وأنها لم تكن رسالة ولا دعوة ولا دينًا للعرب وحدهم، وإنما هي دعوة للناس كافة ورحمة لكل عباد الله سواء كانوا عربًا أو عجمًا، ولكل أرض الله شرقًا وغربًا، ولكل الألوان بيضًا وصفرًا وسودًا.
وفي وصف هذه المعاني قال الله تعالى في محكم التنزيل: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} آية 1 سورة الفرقان. {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ*وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} آية 87-88 سورة ص. {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} آية 28 سورة سبأ. {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا…} آية 158 سورة الأعراف. وفي ذلك قال رسول الله ﷺ: “وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصة وبُعثت إلى الناس عامة”.
فأمة الإسلام والمسلمون الذين آمنوا برسالة ودعوة محمد ﷺ مكلّفون من بعد رسول الله ﷺ بحمل ونقل وإيصال هذه الدعوة العالمية إلى العالم كله وإلى الناس كافة، وليس لها أن تحتكر الخير والنور لنفسها، بل عليها بعد أن اهتدت بهدي الله ونوره أن تهدي الآخرين إليه، وبعد أن صلحت بالإيمان والعمل الصالح أن تصلح الأمم وتدعوها إلى الخير الذي أكرمها الله به {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ} آية 110 سورة آل عمران. {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} آية 104 سورة آل عمران.
الله يعاتب رسوله ﷺ
لقد بيّن الله سبحانه أن من أهداف الرسالات السماوية كافة ورسالة الإسلام خاصة، إقامة العدل بين الناس، فقد قال الله سبحانه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} آية 25 سورة الحديد. {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} آية 58 سورة النساء. {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ} آية 8 سورة المائدة.
وإن من أعظم معاني العدل والقسط والإنسانية في إسلامنا العظيم، أن الله سبحانه وتعالى قد أنزل في القرآن الكريم تسع آيات متتاليات في سورة النساء، فيها يعاتب الله سبحانه الرسول ﷺ حين همّ أن يدافع وأن يحابي أحد أصحابه واسمه طعمة بن أبيرق كان قد سرق درعًا من جار له اسمه النعمان بن قتادة وخبأها عند جار له يهودي اسمه زيد بن السمين. فلمّا بحث أصحاب الدرع عنها وكان ظنهم بل يقينهم وبالأدلة، أن الذي سرق الدرع هو طعمة بن أبيرق، لكن الرجل حلف بالله أنه لم يأخذها وأشار إلى أن السارق هو اليهودي زيد بن السمين. فلمّا دخلوا على زيد وجدوها عنده لكنه قال بأن طعمة خبأها عنده ولم يكن يعلم أنها مسروقة وأنه لم يسرق، فسارع إخوة طعمة إلى رسول الله ﷺ وحدّثوه بما حصل وطلبوا منه أن يحاول ويدافع عن أخيهم وإلا افتضح أمره وبرئ اليهودي، فهمّ النبي ﷺ أن يدافع عن طعمة وأن يعاقب اليهودي، وإذا بوحي السماء ينزل ليظهر الحقيقة وليعاتب رسول الله ﷺ في تسع آيات في سورة النساء: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا*وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا*وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا*يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا*هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا*وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا*وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا*وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا*وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ ۖ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ ۚ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} آية 105-113 سورة النساء. أي وقع أعظم من أن يقول الله لرسوله وحبيبه ومصطفاه: {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} أي مدافعًا عنهم، وأن يقول له: {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ}، وأن يقول له: {وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}. إنه قد بين سبحانه أن السارق ليس اليهودي وأنه بريء. إنه قرآن يتلى، وإنه كتاب الله الخالد يحكي قصة عظمة هذا الدين وعظمة رسالته، ثم قال بعدها ﷺ: “ألا إنما أنا بشر وإنما أقضي بنحو ما أسمع. ولعلّ أحدكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له، فمن قضيتُ له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو ليذرها”.
كيف تعامل الإسلام مع مخالفيه
لقد تميزت رسالة الإسلام في تربية أبنائها على حسن المعاشرة ولطف المعاملة ورعاية الجوار والرحمة والإحسان والعدل. هذه السلوكيات التي يحتاجها الإنسان في حياته اليومية. إن الإسلام دين الرحمة يربي أبناءه للعمل والتخلق بهذه الأخلاق حتى مع مخالفيه ولو كانوا على غير دين الإسلام.
فها هو القرآن الذي أنزل على محمد ﷺ يوصي المسلم أن يحسن إلى والديه حتى لو كانوا كافرين ويريدان أن يخرجاه من الإسلام، كما قال الله سبحانه: {وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُۥ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍۢ وَفِصَٰلُهُۥ فِى عَامَيْنِ أَنِ ٱشْكُرْ لِى وَلِوَٰلِدَيْكَ إِلَىَّ ٱلْمَصِيرُ* وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لكَ بِهِۦ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِى ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفًا} آية 14-15 سورة لقمان. إنه سبحانه يوصي المسلم بوالديه ويذكّره بتعب أمه التي حملته في أحشائها وأرضعته حتى الفطام، ثم يقول له بوجوب شكرهما ومصاحبتهما بالمعروف. هذه الآية نزلت في سعد بن أبي وقاص الذي حلفت أمه لما أسلم ألا تأكل طعامًا ولا تشرب شرابًا حتى يكفر بدين محمد، وكانت تعلم أنه كان يحبها ويجلّها وأنه حتمًا سيطيعها، لكن جوابه كان: “والله يا أمي لو كان لك مئة نفس فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت دين محمد ﷺ”.
وها هو الإسلام يوصي ويربي أبناءه بالإحسان والقسط مع الأعداء من غير المسلمين ما داموا لم يقاتلوا المسلمين ولم يحاربوهم {لَّا يَنْهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوٓاْ إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ} آية 8 سورة الممتحنة. إنه البر والقسط والإحسان مع أنه غير مسلم، وقد يكون من أهل الكتاب. بينما غيرنا يقولون إنه ليس في قطاع غزة أبرياء، بل إنهم كلهم حيوانات بشرية.
وها هو الإسلام يربي أبناءه بالإحسان إلى الأسير المشرك الذي جاء لقتال المسلمين وسفك دمهم ولكنه وقع في الأسر، فإن له حقوقًا ليس للمسلم أن يتجاوزها {وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} آية 8 سورة الإنسان. لا كما يفعل غيرنا بإهانة الأسير وإذلاله وتعريته وتجويعه والتبول على رأسه وإجباره أن يمشي على أربع وقد رُبط الحبل على رقبته ويُجرّ كما تجرّ البهائم.
وها هو نبي الإسلام ﷺ وبعد أن فعل به قومه ما فعلوا وآذوه وشتموه واتهموه بالسحر والجنون ثم أرادوا قتله قبل أن يهاجر ﷺ، فكان أن دعى الله على قريش قائلًا: “اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف” أي سنوات وقحط ومحل وجدب، فاستجاب الله دعوة رسوله ﷺ فكان القحط والشدة التي لم تمر بها مكة من قبل حتى أن ألم الجوع وأكل جيف الحيوانات والخوف من الهلاك والفناء، قد أذلّ رقابهم خلال بضعة أشهر، فكيف إذا امتد القحط بسبع سنوات كما دعا عليهم رسول الله ﷺ. فأرسلوا أبا سفيان مندوبًا عنهم إلى رسول الله في المدينة لأن أبا سفيان من عائلة رسول الله ﷺ الكبرى “بني عبد مناف”، وكان صاحب كياسة ولباقة، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: “فآتاه أبو سفيان، فقال: يا محمد إنك جئت تأمر بطاعة الله بالرحم، وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم”. وكان الحوار طويلًا بين رسول الله ﷺ وبين أبي سفيان لكنه انتهى بصاحب القلب الكبير ورحمة الله للعالمين أن رق قلبه كما قال ابن مسعود: “فدعا رسول الله ﷺ فسقوا الغيث فأطبقت عليهم سبعًا أي سبعة أيام ممطرة حتى شكا الناس من كثرة المطر”. فليس أن هؤلاء يخالفونه الرأي فقط وإنما هم كفار قريش بكل ما أساؤوا به إلى رسول الله ﷺ، ولكنه ومع ذلك فلم ينس الرحم ولا الرحمة عاملهم بها وهم الذين أخرجوه من بلده وبيته.
وإنها عظمة الإسلام تجلت في أن رسول الله ﷺ كان يحسن إلى أهل الكتاب وخاصة اليهود في المدينة، فكان يزورهم ويكرمهم ويحسن إليهم ويزور مرضاهم إلى أن كان الذي كان منهم من نقض العهد ونكران الجميل والإساءة، فكان قرار إجلائهم من مدينة رسول الله ﷺ، وتجلّت عظمة الإسلام مع المخالفين له في الرأي حين قدم إليه وفد نصارى نجران إلى المدينة فدخلوا عليه في مسجده حين صلّى العصر وقد حان وقت صلاتهم، فقاموا في مسجد رسول الله ﷺ يصلّون، فأراد بعض المسلمين أن يعترضوهم فقال رسول الله ﷺ: دعوهم. فصلّوا إلى الشرق.
خط مفتوح بين تل أبيب وواشنطن وبين الله جل جلاله
فإذا كان هذا هدي الإسلام دين الإنسانية والعالمية في تعامله ليس فقط مع اليهود والنصارى بما هم عليه، وإنما تجاوز ذلك لتعامله بالإحسان حتى مع الكفار، فكيف يا ترى نفسّر وفي أي قالب يمكن أن نضع من يعلنون الحرب على ديننا ويحرقون قرآننا في الساحات العامة، ويرسمون الرسوم الساخرة لنبينا؟ وكيف لمن يعلنونها اليوم علينا حربًا دينية مما نراه ورأيناه من استشهاد نتنياهو بآيات التوراة من سفر إشعيا وحديثه عن “العماليق” الفلسطينيين القدماء، ووجوب حربهم وقتلهم وإبادتهم “זכור את אשר עשה לך עמלק בדרך בצאתכם ממצרים”. “תמחה את זכר עמלק מתחת השמיים” أي لا تنس ما فعل بكم العماليق الفلسطينيون عند خروجكم من مصر، امحوا ذكر العماليق حتى لا يبقى لهم ذكر تحت السماء. ليسانده في ذلك عضو مجلس الشيوخ الأمريكي ليندسي غراهام مع بدء الحرب على غزه قائلًا: “نحن في حرب دينية، أنا مع إسرائيل، قوموا بتسوية الأرض في غزة” أي امسحوها مسحًا فلا يبقى لغزة وأهلها أثر.
إن هذا الدعم اللامحدود والذي يفوق الخيال من الإدارة الأمريكية لإسرائيل، فإنه يأتي في سياق ديني حيث أنه وفي تقرير موسع لصحيفة هآرتس العبرية يوم 5/1/2024 تبين كيف أن نشوة أصابت الإنجيليين الأصوليين في أمريكا لما حصل في 7 أكتوبر حيث اعتبروا هذا مقدمة لحروب لن تنتهي إلا بعودة المسيح المخلص. حتى أن هؤلاء الإنجيليين يموّلون الهجرة إلى إسرائيل ويموّلون الاستيطان في الضفة وغزة لأنه ضمان لبقاء إسرائيل التي سينزل فيها المسيح.
إن الهوس الديني الأمريكي الذي يقف وراء هذا الدعم بالمال والسلاح الذي قتل ثلاثين ألفًا من أبناء شعبنا في غزة، قد وصل إلى حد أن يقول رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون: “إنّ هناك خطًا مفتوحًا بين مكتب رئيس الكونجرس -يقصد شخصه- وبين مقرّ وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب -הקריה- وبين الله”. وقال في جملة أخرى: “أنا لا أريد أن أخيفكم، ولكن الله قال لي بشكل صريح يجب أن تستعدوا”.
أي مقارنة يمكن أن تكون بين دين الله يعاتب فيه رسوله ﷺ في آيات قرآنه لأنه حابى مسلمًا على حساب يهودي وقال له” استغفر الله”، وبين من يرفضون ولا يقبلون أن ينتقدهم أحد، ولا أن يعاتبهم أحد، ولا أن يحاسبهم أحد بما يفعلونه بأبناء شعبنا في غزة. إنهم لم يحتملوا أن يحاكموا وأن يحاسبوا أمام محكمة العدل الدولية، ولكنهم شاءوا أم أبوا فإنهم سيحاكمون أمام محكمة العدل الإلهية، وهناك سيتبرأ منهم موسى وعيسى عليهما السلام من أفعال فعلوها باسمهما وهما من أفعالهم براء.
فأن يصل الهوس وجنون العظمة بهؤلاء إلى أن يعتبروا أن سلوكهم وتصرفاتهم بل وجرائمهم هي بوحي إلهي، وأن توقيعًا ربانيًا يصدّق جرائمهم، فإن هذا معناه أن هؤلاء إنما يتقربون إلى إلٰههم بقتل وسفك ودماء أبناء شعبنا.
إننا نعبد الإله الذي قال لأحب الخلق إليه: {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا*وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ}. ولا نعبد بل ونكفر بالإله الذي قال: “امسحوا غزة مسحًا فلا تبقوا لها أثرًا، واقتلوا العماليق الفلسطينيين حتى لا يبقى لهم تحت السماء ذكر لأنهم حيوانات بشرية”.
إننا نعبد الإله الذي أنزل وحيًا يوقف حبيبه ﷺ فلا يتجاوز في ظلم وقع على يهودي. ولا نعبد بل ونكفر بالإله الذي لم يشبع بعد قتل ثلاثين ألف طفل وامرأة وشيخ من المسلمين، وما يزال يقول هل من مزيد؟
إننا نعبد الإله والرب الذي يعاتب الحبيب، ونكفر بالإله الذي يجامل ويداهن ويحرض تل أبيب.
إرفع رأسك فأنت مسلم.
نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا.
رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .