ارتفاع نسبة الفتية بضائقة نفسية وانخفاض سنهم
أفادت معطيات أن ارتفاعا بعشرات النسب المئوية طرأ على محاولة انتحار فتية في سن 10 إلى 14 عاما. ووفقا للمعطيات، فإن هذه المحاولات ارتفعت بنية 44% بين الأولاد و14% بين البنات في السنوات 2016 – 2018، قياسا بالسنوات 2007 – 2009. وجرى استعراض هذه المعطيات خلال اجتماع المجلس الوطني لمنع الانتحار، في حزيران/يونيو الماضي.
وذكرت منظمة “عيران” (إسعاف نفسي أولي) أنه طرأ ارتفاع حاد في توجه فتية في ضائقة نفسية ونزعة نحو الانتحار، وحتى من جانب أولاد دون العشر سنوات. كذلك أفاد خبراء في هذا المجال بوجود اتجاه يتمثل بانخفاض سن الفتية الذين لديه ميول انتحارية.
وقال خبراء نفسيون إنهم يواجهون حالات يميل فيها فتية نحو الانتحار والكآبة والهلع، وشددوا على أن لجهاز التعليم دور مركزي في منع استمرار هذه الحالات وتشخيصها وإعطاء رد أولي لأوضاع الضائقة النفسية لدى الأولاد. لكن خطة وضعتها وزارة التربية والتعليم لمواجهة حالات كهذه، إلا أنها لم تخرج إلى حيز التنفيذ بالمستوى المطلوب، ما أدى إلى عدم حصول فتية كثيرين كهؤلاء على العناية المتوقعة، علما أنه تم رصد ميزانية بمبلغ 20 مليون شيكل لهذه الخطة، حسبما ذكرت صحيفة “هآرتس” اليوم، الأحد.
ويتبين أن تنفيذ الخطة ليس مستقرا، ويتم تفعيلها ثم إيقافها مرة تلو الأخرى، بوتيرة تضع مصاعب أمام مدراء المدارس والأطباء النفسيين بمتابعة التغيرات. وبعثت رابطة منظمات من أجل الصحة النفسية العامة، الأسبوع الماضي، رسالة إلى وزار التربية والتعليم والصحة والمالية والمدراء العامين لوزاراتهم، الأسبوع الماضي، احتجت فيها على أنه ظهرت، خلال العام الأخير، عدم انتظام في تحويل أموال للأطباء النفسيين. وأشارت الرسالة إلى أنه في البداية تم إيقاف الخطة، في أعقاب عدم تحويل الميزانية من وزارة الصحة وانعدام سير الأمور بانتظام في وزارة التربية والتعليم. وبعد النشر حول الموضوع جرى تحويل مبلغ جزئي بقيمة أربعة ملايين شيكل فقط، قبل شهرين.
لكن النتيجة لهذا الأداء، وفقا لأطباء نفسيين، هي أنه لو تم تطبيق الخطة لمنع توجه الكثير من الفتية في ضائقة نفسية إلى غرف طوارئ في المستشفيات. وأضافوا أن هناك حالات يمتنع فيها الأهل عن التوجه مع ابنهم أو ابنتهم إلى أطباء نفسيين عامين خوفا من وصمة.
ويشعر الأطباء في غرف طوارئ مستشفيات الصحة النفسية جيدا بعدم تطبيق منتظم للخطة الهادفة لتشخيص مسبق لضائقة نفسية لدى الفتية الصغار. إذ يرتفع عدد الفتية المتوجهين إلى غرف الطوارئ هذه عندما يتوقف العمل بالخطة، خاصة وأنه يوجد لدى الطاقم المدرسي وعي أكثر حيال إشكالية حالات كهذه ولا يريد الطاقم تحمل مسؤولية تبعات هذه الحالات، ولذلك يوجهون الفتية إلى غرف الطوارئ في المستشفيات بغياب أطباء نفسيين يعملون في إطار الخطة.
وتؤكد رابطة الأطباء النفسيين التربويين على أن المشكلة لا تنحصر بتفعيل الخطة، إذ أنه حتى عندما تطبق الخطة بكاملها، يصعب الالتزام بغاياتها لأن الكثير من الملكات شاغرة، ويكون هناك عبء كبير على الأطباء. وفي هذه الحالة يضطر الفتى في ضائقة نفسية إلى الانتظار لشهور طويلة حتى يحين دوره.
ومن دون علاقة بهذه الخطة، طرأ ارتفاع طردي على عدد الفتية المتوجهين إلى غرف الطوارئ النفسية، حسبما تؤكد المعطيات. وأفادت منظمة “عيران”، التي بالإمكان التوجه للحصول على خدماتها بواسطة الهاتف أو الانترنت، بحدوث ارتفاع في عدد المتوجهين إليها وازدياد شدة الضائقة، إلى جانب انخفاض سن المتوجهين. وتلقت المنظمة 12,500 توجه من قبل فتية في ضائقة نفسية، في العام 2018، مقابل 9,754 توجها في العام 2017.
كذلك أشارت المنظمة إلى ارتفاع الحالات التي تنطوي على ميول للانتحار. وفي العام 2018 استقبلت المنظمة 7,667 توجها كهذا، مقابل 5,203 توجهات في العام 2016.
وقالت المنظمة إن المحادثات الهاتفية، مع شخص في “عيران” هي ليست الخيار المفضل لدى الفتية، الذين يتوجه الآلاف منهم عبر محادثة في الانترنت (تشات). وخلال العام الأخير، استقبلت المنظمة توجهات قرابة ألف ولد دون سن العشر سنوات، والذين يشكلون 5% من مجمل المتوجهين دون سن 17 عاما عبر الانترنت.
وقالت المديرة المهنية القطرية لمنظمة “عيران”، الدكتورة شيري دانيالز، إنه “ينبغي أن نذكر سن المراهقة يبدأ مبكرا ويحدث في سن المدرسة الابتدائية. والانتقال بين تجربة مذلة، وحدة، إقصاء، فتوة، مصاعب اجتماعية وغير ذلك، وبين أن يقول الفتى لنفسه ’ليس ثمة ما ينبغي العيش من أجله’، يحدث برمشة عين. ولذلك فإن التوجهات إلينا هي بمستوى ضائقة وخطر مرتفع. وهذا الأمر مرتبط بطبيعة السن، برؤية أسود وأبيض، بأهمية الانتماء والجماعة المتساوية، وتغييرات جسمانية، عقلية وعاطفية والبحث عن هوية”.