ما حكم اقتداء الناس في البيوت وراء الإمام وهو في المسجد عبر مكبّرات الصّوت؟
الحمدُ لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين؛ وبعد:
لا يصح عند جماهير أهل العلم اقتداء الناس في البيوت وراء الامام وهو في المسجد؛ وذلك لفقدان شرط الاتصال المكاني وهو شرط لصحة الاقتداء.
جاء في حاشية الجمل على منهج الطلاب؛ لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري؛ من كتب الشّافعية ( 1/551 ): “وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ، وَكَانَ هُنَاكَ حَائِلٌ فِيهِ مَنْفَذٌ شُرِطَ أَمْرَانِ وُقُوفُ وَاحِدٍ فِيهِ، وَأَنْ لَا يَلْزَمَ الِاسْتِدْبَارُ عِنْدَ إرَادَةِ التَّوَصُّلِ”.
ولا شك أنّ هذا الشرط وهو الاتصال المكاني غير متحقق باقتداء النّاس في البيوت وراء الامام وهو في المسجد عبر مكبرات الصوت فضلا عن عدم وجود نافذ للامام بدون استدبار للقبلة.
جاء في بدائع الصّنائع ، ( 1/145 ) للامام الكاساني الحنفي في بيان شروط صحة الاقتداء:
“(وَمِنْهَا) – اتِّحَادُ مَكَانِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَلِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ يَقْتَضِي التَّبَعِيَّةَ فِي الصَّلَاةِ، وَالْمَكَانُ مِنْ لَوَازِمِ الصَّلَاةِ فَيَقْتَضِي التَّبَعِيَّةَ فِي الْمَكَانِ ضَرُورَةً، وَعِنْدَ اخْتِلَافِ الْمَكَانِ تَنْعَدِمُ التَّبَعِيَّةُ فِي الْمَكَانِ فَتَنْعَدِمُ التَّبَعِيَّةُ فِي الصَّلَاةِ لِانْعِدَامِ لَازِمِهَا وَلِأَنَّ اخْتِلَافَ الْمَكَانِ يُوجِبُ خَفَاءَ حَالِ الْإِمَامِ عَلَى الْمُقْتَدِي فَتَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْمُتَابَعَةُ الَّتِي هِيَ مَعْنَى الِاقْتِدَاءِ، حَتَّى أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ عَامٌّ يَمُرُّ فِيهِ النَّاسُ أَوْ نَهْرٌ عَظِيمٌ لَا يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْمَكَانَيْنِ عُرْفًا مَعَ اخْتِلَافِهِمَا حَقِيقَةً فَيَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ”.
وجاء في كشّاف القناع: “وإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا – أي بين الإمام والمأموم – نَهْرٌ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ لَمْ تَصِحَّ”.
والله تعالى أعلم
المجلس الإسلامي للافتاء
عنهم : د . مشهور فواز رئيس المجلس الإسلامي للافتاء
18.3.2020 م