غضب شعبي يدفع “الأوقاف” المصرية للتراجع عن منع التهجد
تراجعت وزارة الأوقاف المصرية، الاثنين، عن قرارها بعدم السماح بصلاة التهجد في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك في المساجد والساحات العامة، إثر غضب شعبي متزايد، واستياء واسع.
وقررت الوزارة المصرية، وفق بيان أصدرته مساء الاثنين، فتح “جميع المساجد الكبرى والجامعة، التي تُقام بها صلاة الجمعة، والتي بها أئمة من الأوقاف، أمام المصلين، في صلاة التهجد، بدءا من ليلة السابع والعشرين ليلة الخميس المقبل حتى نهاية شهر مبارك”.
وكانت وزارة الأوقاف قد أعلنت عدم السماح بفتح المساجد لأداء الاعتكاف أو صلاة التهجد، في 15 نيسان/ أبريل الجاري، بزعم استمرار الإجراءات الاحترازية، وإجراءات التباعد الاجتماعي الخاصة بمكافحة فيروس كورونا، وذلك على الرغم من التراجع الكبير جدا في أعداد الإصابات.
كورونا تتلاشى
وأعلنت وزارة الصحة، السبت، أن متوسط عدد الإصابات اليومي بفيروس كورونا بلغ 89 إصابة فقط، وذلك خلال الأسبوع الماضي، لافتة إلى أن متوسط الوفيات اليومي بلغ 6 حالات جديدة.
كذلك أعلنت الوزارة، مؤخرا، خلو مستشفيات محافظتي قنا (جنوبا)، والبحيرة (شمالا) من أي مرضى بفيروس كورونا للمرة الأولى منذ بدء الجائحة، وسلبية كل التحاليل التي أجريت بالمحافظتين.
وكان مستشار ما يسمّى رئيس الجمهورية للشؤون الصحية والوقائية، محمد عوض تاج الدين، قد أكد، مطلع الشهر الجاري، أن هناك انخفاضا شديدا جدا في أعداد الإصابات بفيروس كورونا في مصر، وهناك أعداد قليلة جدا من الحالات تحتاج إلى مستشفيات.
وأوضح تاج الدين، في تصريحات إعلامية، أن “كثيرا من مستشفيات العزل لا يوجد بها أي حالات إصابة، والحالة الآن في مصر جيدة، ونتوقع أن يتحول وباء كورونا في 2022، إلى مرض نتعايش معه خلال الفترة المقبلة”.
مشاهد غير مسبوقة
فيما ذكرت وسائل إعلام مصرية أن وزارة الأوقاف كانت قد كثفت من الجولات الليلية والمرور على المساجد للتأكد من إغلاقها، وذلك في مشاهد غير مسبوقة في مصر بلد الأزهر الشريف.
وقبل أيام، أصدر القطاع الديني في وزارة الأوقاف، بيانا قال فيه، إن صلاة التهجد من السنن، وأن السنن الأفضل لها أن تُصلى في المنزل، رافعا شعار “صلوها في بيوتكم”.
وفي السياق ذاته، انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر قيام مفتش أوقاف بمنع المصلين من استكمال صلاة التراويح في أحد مساجد منطقة حلوان (جنوبي القاهرة)؛ بحجة مخالفة الشروط الصحية، وهو ما أثار استياءً كبيرا.
في حين تداول مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي تغريدة لمواطن مصري، يقول فيها إنه أدى صلاة التهجد في زاوية (مسجد صغير) قرب منزله، وقام المصلون بإطفاء الكهرباء، وخفضوا أصواتهم، ولم يتحدثوا مطلقا فيما بينهم، حتى لا يسمعهم أحد، مضيفا: “حسيت (شعرت) أننا رجعنا أيام فجر الإسلام تاني (مرة أخرى)”.
يُذكر أن وزارة الأوقاف المصرية كانت قد شدّدت على ضرورة ألا تتجاوز صلاة التراويح 30 دقيقة فقط، على أن يتم بعدها غلق المساجد مباشرة حتى أذان الفجر من اليوم التالي.
بخلاف ذلك، منعت وزارة الأوقاف صلاة عيد الفطر في الساحات، وجعلتها في المساجد الكبرى بخطبة موحدة مدتها لا تزيد على 10 دقائق، وسط تهديدات بالفصل والعقاب لمَن يخالف هذه “الضوابط”.
بينما قارن نشطاء ومغردون على مواقع التواصل الاجتماعي الإجراءات التضييقية التي فرضتها الدولة بحق المساجد والمصلين وبين تكدس الأشخاص في المراكز التجارية والمطاعم والمقاهي والنوادي وحفلات الخيم الرمضانية من دون الالتزام بأية إجراءات احترازية للتباعد.
عودة الاعتكاف عربيا
وفي المقابل، أعلنت العديد من الدول العربية عودة الاعتكاف في المساجد خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، عقب تخفيف إجراءات مواجهة كورونا.
من بين تلك الدول: السعودية، والأردن، والكويت، والعراق، وفلسطين، وقطر، ولبنان، وموريتانيا، واليمن، والصومال، وأخرى.
حق لكل مسلم
من جهته، قال الأكاديمي المصري وأستاذ الفقه الإسلامي، الدكتور عطية عدلان، إنه “ليس من حق وزير الأوقاف (محمد مختار جمعة) أن يصدر تعليمات بمنع صلاة التهجد، حيث أن جميع المرافق تخلصت من القيود الاستثنائية لوباء كورونا، وحيث أن العبادة المشروعة في دين الإسلام حق لكل مسلم فلا يجوز بموجب الشرع الحنيف، وكذلك بموجب دستور البلاد، منع مسلم من ممارسة هذا الحق الأصيل، وهذا من جانب الأحكام”.
وأضاف عدلان، في تصريح صحفي “أما من جانب التربية، ودور الليالي العشر والاعتكاف وليلة القدر فيها، فإنه ينبغي على الأوقاف أن تشجع على ذلك بدلا من منعه، ولا سيما مع انتشار منابع الفساد في أرجاء البلاد”.
وأكد أن “بلادنا تمر بأزمات ومخاطر جمّة تأتي على رأسها الأزمة الاقتصادية التي غدت حديث المؤسسات الدولية فإن لم تعمل وزارة الأوقاف على تشجيع الشعب على العبادة والتوبة والاستغفار والدعاء تكون قد قصرت في دورها ووظيفتها الجوهرية تجاه الأمة المصرية، وعندئذ لا يكون لوجودها دور إلا منح الرواتب الباهظة لموظفيها على قيامهم بدور (الخفير) الذي يحمي أمن النظام من خطر الساجدين”.
“قرار جنوني”
بدوره، وصف الكاتب الصحفي، خالد الشريف، قرار منع الاعتكاف وصلاة التهجد بالمساجد بأنه “جنوني للغاية، وليس له أي مبرر منطقي”، لافتا في حديث صفحي إلى أنه “يُعبّر عن خوف السلطة الحاكمة من تجمع للمصريين، حتى في صلاتهم”.