طاقم دفاع الشيخ رائد صلاح ينظّم ندوة قانونية ناقشت حيثيات قرار “إدانته” في “ملف الثوابت”
عقدت مساء السبت، ندوة قانونية، في قاعة “ميس الريم” في قرية عرعرة، دعا إليها طاقم دفاع الشيخ رائد صلاح، ناقشت حيثيات قرار محكمة الصلح في حيفا، الأحد الماضي، إدانة الشيخ رائد صلاح فيما بات يعرف إعلاميا بـ “ملف الثوابت”.
وبمشاركة جماهيرية حاشدة من مختلف البلدات العربية في الداخل الفلسطيني، أكد أعضاء هيئة الدفاع عن الشيخ رائد صلاح، أن قرار الإدانة الصادر عن المحكمة الأحد، كان قرارا يندرج ضمن الملاحقة السياسية للشيخ رائد صلاح واستهدافه الممنهج منذ سنوات.
يريدون تجيير الثوابت لتفسيرات الشاباك ومترجمته
كانت المداخلة الأولى للمحامي مصطفى سهيل، وقال في بدايتها إن “قرار الإدانة علمنا أن الاضطهاد الديني المتمثل بقانون منع الاذان والاضطهاد القومي المتمثّل بقانون القومية لا يقاسان مع قرار إدانة الشيخ رائد فيما يخص الاضطهاد الديني وتجريم المفاهيم الإسلامية والعروبية والفلسطينية”.
وأشار إلى أن قرار المحكمة، خطير لدرجة أنه يفتح الباب لمرحلة قد يحاكم ويجرّم فيها من يقرأ آيات قرآنية وأحاديث نبوية تتحدث عن الشهادة أو الجهاد أو الرباط أو فساد بني إسرائيل أو عن القدس والأقصى.
وأضاف المحامي مصطفى سهيل: “في هذا الملف أرادوا أن يقنعونا أن تفسير القرآن والسنة، يجب ان يكون وفق ما قالته المكناة شيرلي (مترجمة الشاباك التي اعتمدتها النيابة العامة في الملف) رغم انها لا تجيد التحدث بالعربية على الإطلاق”.
وقال أيضا إن الشيخ رائد صلاح يحاكم على مواقفه ودعمه الأيتام والفقراء ويحاكم كذلك لأنه يرفض أن تكون روايته وفق ما تمليه المؤسسة الصهيونية، لأنه يريد أن يحافظ على ثوابتنا الإسلامية والعروبية والفلسطينية ويرفض تجيير الثوابت لتفسيرات شيرلي وأمثالها.
ملاحقة ممنهجة منذ عقدين
المحامي عمر خمايسي من طاقم دفاع الشيخ رائد صلاح، سلّط الضوء على تاريخ الملاحقات السياسية الإسرائيلية ومحاكمة للشيخ رائد صلاح، وقال إنها بدأت عمليا وبصورة ممنهجة عام 1996 بعد “مهرجان الأقصى في خطر الأول”، حين استدعي الشيخ رائد والشيخ كمال خطيب، للتحقيق وسئلا “لماذا تربون أولادكم على حب الأقصى”.
ولفت إلى أنه بعد هبة القدس والأقصى عام 2000 وإصدار ما تسمى “توصيات لجنة أور” عام 2003 كان واضحا حجم التحريض في هذه التوصيات على القيادات العربية وبالذات الشيخ رائد صلاح، واعتقل بعدها على خلفية الملف العروف برهائن الأقصى، حيث مكث الشيخ رائد عامين في السجن.
ثم بعدها جرى ملاحقة الشيخ رائد في ملف “باب المغاربة” واعتقل بتهمة الاعتداء على شرطي، واعتقل 8 أشهر.
وأشار خمايسي إلى أن ملاحقة الشيخ تواصلت وحوكم عام 2007 على خلفية الملف المعروف بـ خطبة وادي الجوز” كذلك في نفس العام حوكم في الملف العروف بـ “العلم السوري”، ثم ملف “سطح الحلواني” وفي عام 2011 كانت محاكمة للشيخ رائد في ملف “معبر الكرامة” كذلك جرى اعتقال الشيخ عام 2011 في لندن بتهمة التحريض واللاسامية، وهناك تبين أن الجهاز القضائي الإسرائيلي زوّد النيابة في لندن بكافة الملفات التي حوكم فيها الشيخ رائد في البلاد.
وأضاف المحامي عمر خمايسي: “عندما نقرأ ونتابع الملفات التي حوكم فيها الشيخ رائد ثم نأتي إلى عام 2015 حيث حظرت الحركة الإسلامية وصولا إلى ما حدث عام 2017 وأحداث البوابات الإلكترونية في الأقصى واعتقال الشيخ رائد بعدها، عندما نربط كل ذلك بقرار الإدانة الأخير في ملف الثوابت، يتضح أن ما جرى قبل عقدين من ملاحقات وإلى اليوم لم يكن اجراء عفويا مرتبطا بفعالية ما، وإنما كان مخططا مدروسا منذ سنوات لاستهداف الحركة الإسلامية التي حظرت واستهداف الشيخ رائد صلاح بشكل شخصي”.
القاضي واعتماد ترجمات النيابة والشاباك
بدوره تحدث المحامي رمزي كتيلات، عن السمّات التي اتصف بها قرار إدانة الشيخ رائد صلاح، وقال إن القاضي سعى إلى تجريم مبادئ الحركة الإسلامية في حيثيات قراره ولم يتحدث عن المخالفات المتعلقة بالشكل التنظيمي المسمى حركة إسلامية.
وأضاف: “اعتبر هذه النقطة هي الأخطر في قرار الإدانة، حين قال القاضي “لنفرض ان الشيخ رائد قصد مبادئ الحركة وليس التنظيم، لكن الحظر على التنظيم يتضمن الحظر على مبادئ وفكر الحركة الإسلامية” وأكد كتيلات “هذا التفسير من قبل القاضي لا يمكن بصلة حتى للقانوني الإسرائيلي، وهذا يمكن أن يكون في أنظمة محاكم التفتيش”.
وأوضح كتيلات أن القاضي “اعتمد في قراره على أنصاف الحقائق فمثلا في البنود المتعلقة بالتحريض على الإرهاب، يقول القاضي إن نقطة الخلاف بين الأطراف تتعلق بالترجمة والمعاني التي نسبت للمتهم وكان هناك أدلة قدّمتها النيابة بناء على ترجمات لمترجمة من شركة خارجية ومترجمة من قبل الشاباك المكناة شيرلي، وترجمة شرطي من وحدة “لاهف”، ورغم اعتراف المترجمة الخارجية أنها لا تتقن الحديث مثل الشيخ رائد لكن القاضي اعتمد في معظم قرار الإدانة على ترجمات النيابة العامة”.
وأكد أن تبني القاضي لترجمات شيرلي وغيرها من مترجمي النيابة رغم اقرارهم بعدم معرفتهم بأصول اللغة العربية، يوضح حجم التواطؤ في القرار ويثبت أنه لم تكن هناك محاكمة تقوم على أصول موضوعية”.
واستعرض كتيلات عددا من الأمثلة التي تثبت ازدواجية القاضي وعدم موضوعية قراره على الإطلاق من بينها فيديو منسوب للشيخ رائد صلاح اقتطعت منه العديد من المقاطع ولا يوجد فيه تواصل في الكلام.
وقال في السياق: “كذلك كانت هناك جرأة غير مسبوقة في التعامل مع النصوص الدينية والآيات والأحاديث النبوية، حيث اعتمدت المحكمة ترجمات شيرلي في تفسير النصوص، رغم ان شيرلي هذه لا تجيد الحديث بالعربية على الإطلاق وادعت انها تترجم بناء على مفتاح سري للمفردات والنصوص الدينية يعتمد عليه الشاباك!!”.
في ختام مداخلته قال المحامي رمزي كتيلات: “قرار إدانة الشيخ رائد صلاح لم يفاجئنا بطبيعة الحال، ولكن تخلي المحكمة عن الأمانة العلمية واعتمادها على التزييف والتلفيق كان أقبح ما يمكن أن يفعله قاضي في أي محاكمة حتى لو كانت محاكمة صورية”.
هندسة مفاهيمنا وفق رؤيتهم
وكانت المداخلة الأخيرة في الندوة للمحامي خالد زبارقة، وتحدث فيها عن تداعيات وإسقاطات قرار الإدانة.
وقال: “هذا القرار ليس إدانة للشيخ رائد صلاح والمفاهيم التي حملها وانما هو إدانة للجهاز القضائي الإسرائيلي، الذي قبل أن يمارس هذه اللعبة السفيهة وتجرأ على مفاهيمنا وديننا الإسلامي، لا يوجد في العالم كله مثل هذا التدخل السافر في المفاهيم الدينية، القاضي أخذ مفهوم الرباط وهو فسره وهو لا يفهم شيء، سمح لنفسه تفسير الآيات والأحاديث تفسيرا اسرائيليا، وهذا شيء غير مسبوق”.
وقال إن القاضي تلعثم كثيرا وصوته كان خافتا حيث قرأ القرار وهذا يعكس نفسية القاضي ومؤشرات واضحة أن القرار لم يكتبه هذا القاضي أو انه غير مقتنع بما يقول.
ولفت زبارقة إلى أن معظم الأجهزة الإسرائيلية من قضاء ونيابة وإعلام وشرطة تواطأت في لائحة الاتهام التي نسبت إلى الشيخ رائد.
وأوضح أنه لا يمكن قراءة لائحة الاتهام بدون فهم السياق العام الذي تريده المؤسسة الإسرائيلية، مشيرا إلى التحقيق مع الشيخ في إحدى المرات ودعوته إلى العمل السياسي من خلال الكنيست فقط وإلا فإنه سيمنع من الحراك!!
وأكد المحامي خالد زبارقة أن “الشيخ رائد صلاح مشروع وحالة تريد إسرائيل قمعها وتقييدها، بعد فشلهم في موضوع البوابات بالأقصى بحثوا عمن يعلقون عليه هذا الفشل، لأنهم يعلموا ان مشروع الشيخ وما يمثله هو الذي أوجد الجماهير التي وقفت سدا منيعا لحماية الأقصى عام 2017”.
واستهجن جرأة القاضي على تفسيره للمفاهيم الدنية وقال: “لا شك هناك محاولات لصياغة المفاهيم الدينية التي تريد إسرائيل هندستها لنا بالإضافة للملاحقة الشخصية للشيخ رائد وما يحمله من تأثير على المجتمع”.
وقال زبارقة إن القرار يؤكد كذلك طبيعة الصراع مع المؤسسة الإسرائيلية وأنه حول القدس والأقصى، لافتا إلى إشارة القاضي لهذا الموضوع في عدة نقاط خلال قراره.
وقال إن الهدف كما يبدو أنهم “يريدون هندسة رواية جديدة، يريدون مسلمين إسرائيليين يريدون أن نصلي ونعبد الله باللغة الإسرائيلية ونفهم وننسجم مع سياسات الاحتلال وهذا لن يكون إن شاء الله”.
وبيّن زبارقة أن “قرار المحكمة سطحي جدا ولا يملك أي قيمة علمية، في السابق كانوا يسوغون قرارتهم بشكل علمي ولكن هذا القرار صيغ بطريقة هزلية”.
وتابع “الهدف الآخر الخفي من خلف القرار أنهم يريدون صياغة خطاب سياسي جديد لأهلنا في الداخل الفلسطيني، هناك محاولات للعبث بخطابنا السياسي، ونقول للقيادات العربية في المجتمع العربي، إن من يتماثل مع تبعات هذا القرار يرتكب جريمة بحقنا كداخل فلسطيني، سيتحمل تبعاتها لاحقا من الأجيال والتاريخ”.
هذا وفي نهاية الندوة جرى توجيه أسئلة من الجمهور إلى طاقم الدفاع، حول المرحلة القادمة بعد قرار الإدانة، كما نوه عدد من الحضور بطاقم الدفاع والجهود التي بذلها في الملف.