كريم وماهر يونس من قرية عرعرة أقدم أسيرين يدخلان عامهما الــ 38
دخل الأسير كريم يونس (63 عاما) من قرية عرعرة-عارة يوم 6 كانون الثاني/ يناير الماضي عامه الـ38 في السجون الإسرائيلية، فيما يدخل ابن عمه الأسير ماهر يونس (61 عاما) عامه الـ38 في الأسر، وكان قد اعتقل يوم 18 كانون الثاني/ يناير عام 1983، وهو ثاني أقدم أسير في السجون الإسرائيلية بعد الأسير كريم يونس.
تعثر تحرير الأسيرين يونس رغم إبرام عدة صفقات تبادل أسرى بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وذلك بسبب تعنت وتحفظ الجانب الإسرائيلي عليهما باعتبارهما “شأنا إسرائيليا”.
ولد كريم يونس يوم 24 كانون الأول/ ديسمبر 1956، وولد ماهر يونس يوم 9 كانون الثاني/ يناير 1958. ومنذ 38 عاما يقبعان بالأسر إثر إدانتهما بـ”تهريب الأسلحة للضفة الغربية وقتل جندي إسرائيلي” وفرضت عليهما المحكمة في البداية، في حينه، حكما بالإعدام شنقا مع قريبهما الأسير سامي يونس (توفي يوم 10 حزيران/ يونيو 2018 عن عمر ناهز 86 عاما، وهو أحد الأسرى القدامى الذين أفرج عنهم ضمن صفقة وفاء الأحرار “شاليط” في تشرين الأول/ أكتوبر 2011 بعد قضائه 28 عاما في السجون).
وبعد شهر عادت المحكمة وأصدرت حكما بتخفيض العقوبة من الإعدام إلى السجن المؤبد مدى الحياة، وبعد جهود حثيثة في المسار القضاني، حددت المحكمة في أيلول/ سبتمبر 2012 حكم المؤبد 40 عاما، لعدد من الأسرى.
نديم يونس: معاناة لا تحتمل
وقال شقيق الأسير كريم يونس، نديم يونس، إن “المعاناة والموقف الأكثر أيلاما هو قضاء 38 عاما في السجن لغاية الآن، معاناة غير إنسانية وغير محتملة. حمل هذا العدد 38 شابا في العشرينيات من عمره حُكم بالإعدام شنقا وارتدى بدلة الإعدام البرتقالية وهو مكبل اليدين والرجلين لمدة 275 يوما. ومن بعدها الحكم المؤبد مدى الحياة. مؤلم أنه في العام 1985 خرج من وراء القضبان لبضع دقائق حتى وصل إلى سلم الحافلة التي كانت ستنقله خارج أسوار المعتقلات الغاشمة والظالمة حتى أن عادوا به إلى زنازين القيد والظلام بذريعة أنه يختلف عن باقي الأسرى وهو يشكل خطرا حقيقيا على أمن إسرائيل، كما ادعوا، ومن بعدها حرب الخليج وسقوط بغداد وإعدام الشهيد صدام حسين، واتفاقية أوسلو وعودة القيادة الفلسطينية بخيبة أمل”.
وأضاف يونس أن “صفقات تبادل الأسرى جميعها شملت قدامى الأسرى، وعلى رأسهم كريم يونس، حتى الدقيقة الـ90 وجرى التخلي عنه في الوقت القاتل. وتم تصفية العديد من القادة وبضمنهم القائد الرمز ياسر عرفات، ووفاة الوالد دون أن يسمح لأخي الأسير بالمشاركة في الجنازة أو العزاء، وتحرير 3 دفعات من 4 دفعات من قدامى الأسرى (أسرى ما قبل أوسلو) التي لم تشمله رغم كل توقعاته مسبقا لما حدث، وقد أدرك وحاول دون جدوى تنبيه السلطة الفلسطينية والمفاوضين من مكر الإسرائيليين وسوء نيتهم، وكذلك إضراب الحرية والكرامة الذي امتد 42 يوما وهو من أطول المعارك وأصعبها وأشدها التي خاضتها الحركة الأسيرة. كلها مواقف صعبة ومؤلمة ولا يمكن أن نحكم أيها الأصعب والأكثر إيلاما”.
وشدد يونس على أن “التقصير هو مسؤولية الجميع، السلطة الفلسطينية مقيدة باتفاقيات أوسلو، وكان من المفترض أن النواب العرب ولجنة المتابعة أن يلعبوا دورا كبيرا في هذا الملف إلا أنه وبصراحة كان التقصير فاضحا ولم يرق للحد الأدنى من تضحيات الأسرى”.
أم ماهر يونس: ترك الأسرى عار ومعيب
ووصفت أم الأسير ماهر يونس في حديثها معاناة ووجع العائلة، وقالت إنه “38 عاما من الأسر هي مأساة من الانتظار وشد الأعصاب خصوصا عندما كان يتم الحديث عن صفقات تبادل الأسرى ويتم التراجع في اللحظات الأخيرة كما تكرر هذا الأمر عدة مرات”.
وأضافت: “أنا كأم انتظر تحرير ابني في كل دقيقة، وهو يرافقنا في كل حركة وكل حدث أو مناسبة لدى العائلة، وهذا دهر من الوجع والحنين، لكنني مؤمنة بالله الذي أعطانا الصبر ونحن راضون. الحسرة الأكبر إهمال الأسرى ووضعهم على الهامش من قبل القيادات”.
وختمت أم ماهر يونس بالقول: “يظهر في السنوات الأخيرة بعض الاهتمام بقضية الأسرى، لكنه مجرد كلام لا يتعدى الحديث من على المنصات والإعلام، وكذلك أعضاء الكنيست العرب يهتمون بكراسيهم وبأبنائهم وعائلاتهم. أقول لهم إن الأسرى سجنوا من أجل القدس وفلسطين وهم مرابطون من أجل الوطن وإهمال قضيتهم عار ثم عار وأمر معيب للقيادة الفلسطينية وقيادات الداخل، وبالتالي نقول للقيادات إن هؤلاء ممن ضحوا بزهرة أعمارهم وبعضم دخل الستينيات من العمر ويجب أن يكونوا أمانة في أعناقكم وضمائركم، ومن العار والمعيب تركهم لوحدهم طيلة هذه السنوات. أعلم ما أشعر به كأم وما يعتمل في صدري، لكنني صامدة وصابرة وضميري مرتاح وبعد سنتين سأحتضن ماهر إن شاء الله”.
أم كريم يونس: أنتظر تحرير ابني كريم
ولم تخف والدة كريم يونس، صبحية يونس وقد تجاوزت الثمانين من العمر، في حديثها هي الأخرى وجعها وألمها الشديدين، وهي تتحدث بتأثر بالغ، وقالت إن “كريم لم يغب من مخيلتي رغم أسره منذ 38 عاما، وفقط الله يعلم كم هي الحسرة والمعاناة وأنا أم وكريم هو ابني البكر”.
وأضافت أنه “عندما أزور كريم في السجن ويرى أنني حزينة ومتضايقة يحاول مواساتي ورفع معنوياتي، ويقول إنه من المفترض بعد كل هذه السنوات أن تعتادي على الموقف وأنا لست سجينا لقضية مخجلة. ورغم أن هذا صحيح، لكنني كأم أريده خارج السجن وإلى جانبي، واليوم أنا تجاوزت سن الثمانين وأعياني الانتظار وأريد أن أعيش معه بقية ما يمنحني الله من العمر”.
وعن أصعب المواقف خلال كل هذه العقود من الأسر، قالت أم كريم، إنه “عندما تمت صفقة التبادل التي تعرف بصفقة جبريل لتبادل الأسرى في العام 1985 والتي ضمت تحرير أكثر من ألف أسير، كان من المفترض أن كريم من بينهم إلا أن الصدمة كانت بعد أن كان كريم خارج السجن وهو مقيد بيد والأخرى بيد الأسير المحرر منير منصور، وفي آخر لحظة قبل أن يصعد للسيارة فكوا القيد إذ صدرت الأوامر بالتحفظ على كريم وإعادته للسجن”.
وختمت والدة كريم يونس بالقول: “أنا عاتبة على كل القيادات، وكان ممكن للقيادات الفلسطينية بحكم علاقتها وتنسيقها مع إسرائيل أن تمارس ضغوطات أكبر من أجل تحريره، وكذلك قيادات الداخل وخاصة أعضاء الكنيست العرب غالبيتهم كانوا يتحدثون عن الأسرى فقط لرفع العتب، ورغم كل هذا أنا صابرة ومؤمنة”.(عرب 48)