المجلس الإسلامي للافتاء يصدر فتوى بما يجب على من هو بالحَجْر الصّحي أو يشعر بأعراض الكورونا
المجلس الإسلامي للافتاء يصدر فتوى بأنّه يجب على من هو بالحَجْر الصّحي أو يشعر بأعراض الكورونا أو الرشح أن يصلي الجمعة وباقي الصّلوات في البيت وكذلك يُرخَص لمن لديه ضعف مناعة أداء صلاة الجمعة وغيرها من الصّلوات في البيت.
نصّ الفتوى :
الحمدُ لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد المبعوث رحمةً للعالمين ؛ وبعد :
في ظلّ انتشار مرض الكورونا وفي ظلّ هذا القلق الذّي يشهده العالم فإنّ المجلس الإسلامي للافتاء من باب الوقاية والحذر والأخذ بالأسباب يصدر بفتوى بأنّ من هو بالحجْر الصّحي أو يشعر بأعراض الكورونا أو الرشح يجب عليه أن يصلي الجمعة وباقي الصّلوات في البيت حتى يبرأ تماماً من المرض وذلك كي لا يتسبب بإيذاء غيره .
فقد جاء في صحيح البخاريّ عن أبي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قال : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ تُورِدُوا المُمْرِضَ عَلَى المُصِحِّ» رواه البخاري في صحيحه حديث رقم ( 5774 ) .
فإذا كان قد ثبت النّهي عن إدخال حيوان مريض على حيوان غير مريض كي لا يُعديه أليس من باب أولى أن يكون هذا الإحتياط في مجال الإنسان الذّي له كرامة خاصة عند الخالق سبحانه وتعالى.
وروى ابن ماجه والدارقطني عن أبي سعيد سعد بن سنان الخدري رضي الله عنه : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ضرر ولا ضرار ) حديث حسن .
ومعنى الحديث أنّه : لا يجوز أن تُلحِق الضّرر بنفسك ولا بغيرك ولا شك أنّ مخالطة المصاب بمرض معدٍ للغير فيه تسبب بإلحاق الضّرر بالغير .
قال النّووي رحمه الله تعالى: ” قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ يَعْنِي الثَّوْمَ فَلَا يَقْرَبَنَّ الْمَسَاجِدَ هَذَا تَصْرِيحٌ يَنْهَى مَنْ أَكَلَ الثَّوْمَ وَنَحْوَهُ عَنْ دُخُولِ كُلِّ مَسْجِدٍ وَهَذَا قول جمهور أهل العلم .
ويلحق بالثوم والبصل والكراث كل ماله رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ مِنَ الْمَأْكُولَاتِ وَغَيْرِهَا قَالَ الْقَاضِي وَيَلْحَقُ بِهِ مَنْ أَكَلَ فُجْلًا وَكَانَ يَتَجَشَّى قال وقال ابن الْمُرَابِطِ وَيَلْحَقُ بِهِ مَنْ بِهِ بَخَرٌ – أي رائحة كريهة – فِي فِيهِ – أي فمه – أَوْ بِهِ جُرْحٌ لَهُ رَائِحَةٌ قَالَ الْقَاضِي وَقَاسَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذَا مَجَامِعَ الصَّلَاةِ غَيْرَ الْمَسْجِدِ كَمُصَلَّى الْعِيدِ وَالْجَنَائِزِ وَنَحْوِهَا مِنْ مَجَامِعِ الْعِبَادَاتِ وَكَذَا مَجَامِعُ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَالْوَلَائِمِ وَنَحْوِهَا ” . ( شرح النّووي على مسلم ، 5/48 ) .
– كما أنّه يُرخَص لمن يخاف على نفسه العدوى بسبب ضعف المناعة بسبب المرض أو كِبَر السّنّ أن يُصلّي في البيت جميع الصّلوات ومنها الجمعة وذلك بعد استشارة الطبيب المسلم الثقة.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ رحمه الله تعالى :” لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ الْجَمَاعَاتِ مِنْ أَجْلِ الْمَرَضِ ” انظر : المغني ( 1/451 )
قال ابن قدامة الحنبليّ رحمه الله تعالى : ” وَيُعْذَرُ فِي تَرْكِهِمَا – أي الجمعة والجماعة – الْخَائِفُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – «الْعُذْرُ خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ» وَالْخَوْفُ، ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ؛ خَوْفٌ عَلَى النَّفْسِ، وَخَوْفٌ عَلَى الْمَالِ، وَخَوْفٌ عَلَى الْأَهْلِ ” انظر : ( المغني ، 1/ 451 )
ولا شك أنّ العدوى سبب من أسباب الايذاء للنفس .
وفي هذه الحالة يصلّي من هو بالحجْر الصّحي أو يشعر بأعراض الكورونا أو الرشح الجمعة كالظّهر تماماً وله كامل الأجر والثّواب .
روى البخاري في صحيحه عن أبي بُرْدَةَ قال : سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى مِرَارًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» ( حديث 2996 )
– ملاحظات هامة جداً :
أ. ننصح بأن يكون بين المصلين فراغ قدر ذراع ( نصف متر تقريباً ) .
ب. نؤكّد على ضرورة تعقيم المساجد ووضع مواد لتنظيف الأيادي
ت . نؤكد على أنه يجب على من شعر بأعراض المرض أن يتصل بالجهات المختصة فوراً ويجب الالتزام بقرارات وتعليمات وزارة الصحة .
ث. ينبغي عدم السّفر خارج البلاد في هذه الظروف .
ج. ننصح بعدم المصافحة والاكتفاء بالتّسليم مشافهةً وينبغي تجنب التّقبيل والمعانقة مطلقاً .
ح. ننصح المصلين باصطحاب مصليات خاصة معهم للمسجد .
خ. ننصح بتجنب اللقاءات الجماعية في المساجد والملاعب وجميع المحافل .
ونوصي بالتزام أدعية وأذكار الصّباح والمساء والحرص على التّغذية السّليمة .
والله تعالى أعلم
المجلس الإسلامي للافتاء
الأربعاء 16 رجب 1441 ه / 11 آذار 2020 م
عنهم : د . مشهور فواز – رئيس المجلس .