كورونا 2021.. شهور صعبة قادمة وهذا ما يجب علينا فعله
مع مرور سنة 2020 بكل ما فيها من أحداث كبرى، ربما كان أهمها جائحة كورونا، وما صاحبها من عمليات إغلاق وحظر واسعة في دول العالم، ربما يكون السؤال الكبير الذي يطرح نفسه الآن: ما هو مستقبل كورونا في العام الجديد؟ هل وصول اللقاحات تعني نهاية الخطر وبدء عودة الحياة إلى طبيعتها؟ أم أن 2021 قد تحمل لنا بعض الأمور غير المتوقعة، خصوصًا في ظل الحديث عن ظهور سلالات جديدة متحورة من الفيروس؟
قد يكون من الصعب التنبؤ تحديدًا بالكيفية التي ستسير بها الأمور، وما الذي سيفعله كورونا 2021، لكن هناك بعض الأشياء التي يمكننا توقعها بدرجة معينة، وأمورًا أخرى يتوجب علينا فعلها.
كورونا 2021.. أشهر صعبة قادمة!
بالرغم من أن عملية طرح لقاحات فيروس كورونا قد بدأت بالفعل في العديد من دول العالم، إلا أن أنباء غير سارة ظهرت لنا من دول بعينها حول ظهور سلالات جديدة من الفيروس، والتي من المحتمل أن تكون أكثر عدوى. الأمر الذي جعل هناك عدم يقين حول الكيفية التي سيتطور بها الوباء بالضبط.
الأمر المؤكد هنا طبقًا للتوقعات أن الأشهر الثلاثة القادمة، أو نحو ذلك، ستكون صعبة، خصوصًا أنها فترة أشهر الشتاء. من المحتمل أن تكون فكرة الوصول إلى حياة خالية من فيروس كورونا بعيدة المنال. بل يمكننا القول بقدر من الثقة إنه قد لا تعود بعض الأشياء إلى ما كانت عليه من قبل.
احتفالات العام الجديد وارتفاعات مفاجأة في أعداد المصابين
في البلدان التي خففت قواعد التباعد الاجتماعي خلال فترة عيد الميلاد، قد نشهد ارتفاعًا مفاجئًا في الحالات بعد عيد الميلاد. في هذه الحالة سيكون للمرض زخم كبير جدًا في أوائل عام 2021. ومن المحتمل أن يكون هذا هو الحال أيضًا في تلك الدول التي ظهرت فيها السلالة الجديدة من الفيروس، مثل: المملكة المتحدة.
بالحديث عن المملكة المتحدة، والتي خرجت من إغلاقين كبيرين؛ كونها الدولة صاحبة أحدث نسخ فيروس كورونا، مع تخفيف القيود، واستمرار ارتفاع معدلات الإصابة، وتباطؤ نشر اللقاح، هناك خطر من وقوع الإغلاق الثالث في أوائل عام 2021.
ترقب وخشية من أي طفرات جديدة
لا توجد حاليًا سوى معلومات محدودة حول السلالة الفيروسية الجديدة التي ظهرت في بريطانيا وانتشرت إلى بعض الدول. وعلى الرغم من أنه لم يصلنا تأكيد تجريبي قاطع، فإن هذه السلالة يبدو أنها أكثر عدوى، لكنها – في الوقت نفسه – لا تؤدي إلى مرض أكثر حدة، أو أنها قادرة على التهرب من المناعة الناجمة عن تناول اللقاح.
ومع ذلك فإن ظهور هذه السلالة يشير إلى أن الفيروس قادر على إنتاج طفرات كبيرة، ويمكن أن تغير الطفرات القادمة مسار تفشي المرض. لذلك أصبح قمع الوباء بسرعة مهمة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
والقيود مستمرة
من المحتمل أن تستمر القيود الأكثر صرامة على السلوك الاجتماعي خلال العام الجديد أيضًا، وقد نحتاج إلى مزيد من القيود للسيطرة على كورونا 2021 إذا تحول بالفعل إلى فيروس أكثر عدوى.
اللقاحات ليست حلًا سحريًا، إذ يجب الحفاظ على مستوى معين من الاحتياطات لأشهر قادمة. في المناطق التي تنتشر فيها السلالة شديدة العدوى، قد تستمر القيود عالية المستوى حتى انتهاء عملية نشر اللقاح بالكامل، أي مع نهاية العام تقريبًا. أي تغييرات ستأتي ببطء، بشكل أساسي في مجال إعادة فتح المستشفيات للعلاج المنتظم.
المهمة الصعبة: عملية التلقيح
تعد عملية إنتاج جرعات كافية من اللقاح مهمة كبيرة، وقد تصطدم بما يطلق عليه «الاختناق»، أي أزمة في عملية الإنتاج والوصول. فحتى لو افترضنا أننا قادرون على صنع كل ما نحتاجه من لقاحات، فإن عملية تحصين الناس سيستغرق عدة أشهر من العمل الشاق. لتوضيح هذه النقطة سنعطي مثال.
في المملكة المتحدة، يقوم الممارسون العامون من الأطباء بمهمة إعطاء اللقاحات للناس، ويرعى كل ممارس عام إنجليزي حوالي 9 آلاف شخص. وبافتراض أن الأطباء الممارسين يعملون ثماني ساعات كل يوم، ويحتاجون إلى 10 دقائق لتطعيم شخص ما، وأن كل مريض يحتاج لجرعتين، سيستغرق الأمر أكثر من عام لمتابعة كل ممارس لجميع المرضى. بالتأكيد لن تقع مهمة التطعيم في النهاية على الممارسين العامين فقط، وسيساعدهم آخرين، لكن هذا يوضح حجم المهمة، وأنها ليست بالسرعة، ولا البساطة المتوقعة. سيكون التأخير لا مفر منه.
أضف إلى هذا تحديًا آخر. بالنسبة للقاح شركة «فايزر»، يجب إعطاء جرعتين من اللقاح بفاصل 21 يومًا، مع وصول الشخص للمناعة الكاملة بعد سبعة أيام من حصوله على الجرعة الثانية. تتطلب اللقاحات الأخرى – مثل لقاح شركة «أسترازينكا» – فترة أطول بين الجرعات. سوف يستغرق الأمر شهرًا على الأقل (إن لم يكن أكثر) لمعرفة التأثير الكامل لكل شخص جرى تطعيمه.
كورونا 2021 وفصل الربيع.. توقعات بانخفاض أعداد المصابين
بعد إصابة الأشخاص بفيروس كورونا أو تلقي اللقاح، يصبحون محصنين، على الأقل في المدى القصير. ثم يتواصل هؤلاء المصابون في وقت لاحق مع الأشخاص الذين يحملون المناعة ضد المرض نتيجة إصابتهم السابقة، أو تلقيهم اللقاح بدلًا عن الأشخاص المعرضين للإصابة، لذلك ينخفض معدل انتقال العدوى، ويتوقف المرض في النهاية عن الانتشار، وهذا ما يعرف باسم «مناعة القطيع».
مستوى المناعة اللازمة لوقف انتشار الفيروس بين السكان غير معروف بدقة. يُعتقد أنها تتراوح بين 60% و80%. نحن لسنا قريبين من ذلك حاليًا؛ لأنه يعني ببساطة أن المليارات حول العالم سيحتاجون إلى التطعيم لوقف انتشار الفيروس.
إذا كان الأمر كذلك، فسنشهد انخفاضًا في حالات الإصابة بكورونا، ربما في وقت مبكر من ربيع عام 2021. ومع ذلك ستظل هناك حاجة إلى الإغلاق والتدابير الأخرى للحد من انتقال العدوى، بينما يعمل التطعيم على بناء مناعة السكان.
في المقابل إذا كان اللقاح سيمنع الأشخاص من الإصابة بالمرض ذي الأعراض الخطيرة، فسوف نترك الاعتماد على العدوى لبناء مناعة القطيع. في هذا السيناريو سيقلل تطعيم الضعفاء من معدل الوفيات، ولكن من المرجح أن يستمر المرض الخطير وفيروس كورونا الذي يصيب الشباب على وضعه.
كثير من علماء الأوبئة والأطباء وعلماء المناعة متفائلون بحذر بأن عدة دول حول العالم، مثل: الولايات المتحدة، تتجه نحو صيف أفضل، لكنهم أكدوا أن مثل هذا ليس أمرًا مؤكدًا على الإطلاق.
كورونا 2021.. اللقاحات لن تقضي على الفيروس في غمضة عين
هل يمكن أن يؤدي التطعيم إلى استئصال الفيروس؟ لا نعرف حتى الآن إلى متى تستمر المناعة القائمة على اللقاح؛ إذ إن المناعة طويلة الأمد هي المفتاح.
سيكون القضاء الكامل على الفيروس أمرًا صعبًا للغاية، وسيتطلب جهدًا عالميًا. إذا استمرت المناعة ضد الفيروس لمدة أقل من عام بعد التلقيح، على سبيل المثال: على غرار الفيروسات التاجية البشرية الأخرى المتداولة، فقد تكون هناك زيادات سنوية في إصابات كورونا حتى عام 2025 وما بعده.
ما الذي يجب علينا فعله مع كورونا 2021؟
مع مرور الوقت نأمل أن يصبح السفر أكثر وضوحًا في عام 2021، وأن تبدأ حركة الطيران في استرداد عافيتها. قد تبدأ شركات الطيران في طلب شهادات التطعيم. وعلى الرغم من أن بعض البلدان تتطلب التطعيم ضد الحمى الصفراء لدخولها على سبيل المثال، فإن طلب جوازات سفر مناعة لفيروس كورونا من المحتمل أن يكون مثيرًا للجدل. نحن نتحدث هنا عن عدم معرفتنا بآثار وفعالية اللقاحات بشكل قاطع حتى الآن.
في الأخير فإن ارتداء الكمامة سيصبح عادة اجتماعية على مستوى العالم كما هو الحال الآن في آسيا عندما يكون شخص ما على ما يرام، أو يشعر بالقلق على صحته، علاوة على غسيل اليدين باستمرار والتزام التباعد الاجتماعي في حالة التعامل مع أشخاص آخرين.