31 عاما على مجزرة الأقصى الأولى.. عدنان خلف شهيد الداخل الفلسطيني
تحلّ اليوم الجمعة، 8/10/2021، الذكرى الـ 31 للمجزرة المروّعة بحق المصلين الفلسطينيين في المسجد الأقصى المبارك التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في صبيحة يوم 8 تشرين الأول/ أكتوبر من العام 1990، والتي ارتقى فيها 21 شهيدا وجُرح أكثر من 150 واعتقل ما يقارب الـ 270 فلسطينيا ممن تصدوا لاقتحامات المستوطنين آنذاك.
تفاصيل المجزرة
منذ احتلال المسجد الأقصى عام 1967، بدأت منظمات وجماعات يهودية مدعومة من المؤسسات الإسرائيلية الرسمية تعدّ العدة وتضع الخطط، وترسم المخططات، وتبرمج المراحل، وتعلن علانية أنها بدأت تعدّ العدةّ لبناء الهيكل المزعوم على حساب المسجد الأقصى. وكانت يومها اقتحامات محدودة للأقصى من مستوطنين وأفراد في الجماعات اليهودية، لكن دعوات لإقامة الصلوات اليهودية الراتبة فيها أخذت تزداد وتتصاعد، ووصل الحد إلى مطالبات لوضع حجر الأساس لبناء الهيكل داخل المسجد الأقصى، وإقامة المراسيم لذلك، لتكون الخطوة الأولى لبناء الهيكل المزعوم.
أعلن “جرشون سلمون” وجماعته ما يسمى “أمناء جبل الهيكل” أنهم سيضعون حجر الأساس للهيكل، وينظمون مراسيم ذلك في المسجد الأقصى، بالتزامن مع عيد العرش العبري، وأعدوا العدة لذلك، وسمحت المحكمة الإسرائيلية لهم مبدئيًا بذلك، حددوا الموعد، قبل الساعة 11:00 من يوم الاثنين 8 تشرين 1990، واكفهرت الأجواء، واستشعر الفلسطينيون الخطر، وتنادوا قبل الموعد المذكور لحماية المسجد الأقصى، عبر احتشاد المصلين داخل المسجد منذ ساعات الصباح.
وفي مساء ما يسمى “عيد العرش”، كانت أذرع الاحتلال قد وضعت خطة، لمجابهة المصلين في المسجد الأقصى، واتخذت قراراً بالاعتداء الغاشم على المسجد الأقصى وكل من يحضر فيه، في صباح الاثنين المشهود. وقبل المجزرة بنصف ساعة، وضعت قوات الاحتلال الحواجز العسكرية على كل الطرق المؤدية إلى المسجد الأقصى، لمنع المسلمين من الوصول إلى المكان، لكن المصلين كانوا قد تجمعوا في المسجد قبل ذلك التوقيت بساعات، في استجابة للدعوات التي أطلقت من داخل المسجد.
وفور اقتحام المستوطنين المشاركين في المسيرة للمسجد الأقصى المبارك، هبّ المعتكفون لمنعهم من تنفيذ مخططهم. وأطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلية العنان لأسلحتها واستخدمت قنابل الغاز السام والأسلحة الأوتوماتيكية والطائرات العسكرية، كما شارك المستوطنون بإطلاق الرصاص الحي تجاه المصلين في مجزرة الأقصى المروًعة مما أدى لاستشهاد 21 شابا وإصابة المئات بجروح متفاوتة. كما اعتقل 270 شخصا داخل المسجد وخارجه، واعتدى المحتلّون على الجرحى والمعتقلين، وما تزال صور المعتقلين، في صحن قبة الصخرة، ومنطقة سطح المرواني، شاهدة على قبح الاحتلال، طرحوا المعتقلين أرضا، وكبّلوا أيديهم، وعاملوهم بامتهان.
بقي جنود الاحتلال في الساحات، ومنعوا إخلاء جثامين الشهداء والجرحى، إلا بعد ست ساعات من بداية المجزرة.
وقد لاقت المجزرة النكراء استنكاراً واسعاً، وأعلن فيها المراقبون أنّ القوات الإسرائيلية انتهكت المحرمات، وفاقت بمجزرتها كل الخطوط الحمراء.
عدنان خلف شهيد الداخل الفلسطيني
الشهيد عدنان خلف مواسي ابن مدينة طمرة، وكان آنذاك في الثامنة والعشرين من عمره، كان ضمن كوكبة الشهداء الذين قضوا في سبيل ذودهم عن حرمة وقدسية المسجد الأقصى المبارك، حيث اعتكف مع آلاف المصلين داخل مصليات المسجد الأقصى وباحاته، وذلك في أعقاب دعوات مجموعة “أمناء الهيكل” لوضع حجر أساس “الهيكل المزعوم” في المسجد الأقصى.
الشهيد عدنان خلف مواسي المولود في الثاني من شباط 1962، لا تزال ذكراه متقدة داخل أسرته وأبناء شعبه، وكأنما رحل قبل فترة وجيزة، بالإضافة إلى أن العائلة أطلقت اسم الشهيد عدنان على الكثير من أبنائها حفاظا لذكراه الطيبة التي مرّ عليها 31 عاما.
وقالت الأسرة “إن الشهيد عدنان كان يمتاز بالتزامه الديني القوي، فمنذ صغره كان يهتم بارتداء اللباس الديني ويرتاد المساجد بلا انقطاع، حيث ترعرع فيها واستمد ثقافته منها.
وتلفت إلى انه لم تفته يوما صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك لمكانته الخاصة في قلبه، ولطالما لبى نداءات نصرته، لكن لظروف صعبة ألمت به، لم يحضر صلاة الجمعة الأخيرة قبل استشهاده بثلاثة أيام، فحزن كثيرا، لكنه عزم على السفر إلى القدس يوم الاثنين الموافق 8/10/1990، للرباط في المسجد الأقصى تلبية لمناشدة مفتي ديار فلسطين آنذاك، الفلسطينيين لحمايته، والتصدي لجماعة “أمناء جبل الهيكل”.
وتضيف أسرة الشهيد أن عدنان كان يملك سيارة متواضعة من نوع “بونتيك” لونها أحمر، كان يسافر فيها إلى القدس ويستغرق معه السفر أكثر من ساعتين ونصف الساعة، حيث كانت الطريق طويلة جدا والسفر فيه من المشقة والمعناة ما فيه، وليس مثل طرق وشوارع اليوم السريعة مثل شارع رقم 6 وغيره، وبالرغم أن السيارة متواضعة جدا وصعوبة ومشقة السفر لكنه كان نشيطا ومثابرا في شد الرحال إلى المسجد الأقصى وخصوصا يوم الجمعة.
وترى أسرة الشهيد عدنان خلف مواسي أن استشهاد ابنها بمثابة الشمعة التي أنارت الداخل الفلسطيني، وأثره الطيب واضح من خلال الاقبال على المساجد وخصوصا شد الرّحال إلى المسجد الأقصى، ولا ننسى أن استشهاده كان في وقت تندر فيه زيارة المسجد الأقصى المبارك، ونحن نعتقد أن الله اصطفاه من بين أهلنا وشعبنا ليكون أول شهيد في الأقصى من الداخل الفلسطيني ليوقد الشعلة.