تقديرات إسرائيلية متباينة بشأن مسيّرات “حزب الله”
تتفاوت التقديرات الإسرائيلية بشأن دلالات وتداعيات نجاح مسيّرة لـ”حزب الله” في التحليق في أجواء البلاد الجمعة الماضي، من دون أن تتمكن منظومات الدفاع الجوي وسلاح الجو من اعتراضها وإسقاطها، في الوقت الذي أعلنت أوساط رسمية في تل أبيب الاستعداد للتصدي لعمليات مماثلة في المستقبل.
ففي حين رأت بعض التقديرات أن “حزب الله” حاول من خلال إطلاق المسيرة تحقيق “مكاسب على صعيد الوعي”؛ رأت تقديرات أخرى أن الأمر يندرج في إطار استراتيجية تعكف عليها إيران.
وقد أكدت مصادر أمنية إسرائيلية أن “حزب الله تمكن، خلال الأعوام الماضية، من تحقيق قفزة نوعية في مجال تطوير وتصنيع المسيّرات”.
ونقلت صحيفة “معاريف”، في عددها الصادر اليوم الأحد، عن هذه المصادر ترجيحها أن يستخدم “حزب الله” المسيّرات في أية مواجهة مقبلة مع إسرائيل.
وفي تحليل أعده طال لفرام، المعلق العسكري للصحيفة، أوضح أن المسيّرة التي أطلقها “حزب الله، الجمعة الماضي “كانت بهدف جمع المعلومات الاستخبارية، إذ إنها قامت بتصوير أهداف داخل إسرائيل قبل عودتها إلى لبنان”.
وأعاد لفرام للأذهان حقيقة أن “حزب الله” أطلق أول طائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل قبل 18 عاماً في 2005، أي قبل اندلاع حرب لبنان الثانية؛ لافتا إلى أنه في حادثة أخرى، تمكنت مسيّرة لـ”حزب الله” من التحليق في أجواء مستوطنة “نهاريا” ومستوطنات أخرى شمالي إسرائيل وتصوير المكان والعودة بسلام إلى داخل لبنان.
وحسب المعلق الإسرائيلي، فقد أطلق “حزب الله” خلال حرب لبنان الثانية ثلاث مسيّرات هجومية على الأقل؛ حيث تمكنت مسيرتان منها من اجتياز الحدود وأسقطتا بواسطة طائرات إسرائيلية نفاثة.
وأشار إلى أن هدف “حزب الله” من إطلاق المسيرات صوب إسرائيل، حتى الآن، كان تسجيل نقاط على صعيد الوعي وإحراج إسرائيل؛ لافتاً إلى أن القيمة العملياتية لإطلاق هذه المسيّرات “لم تكن كبيرة”.
وشدد على أنه “نظراً إلى وجود تعاون بين حزب لله وإيران في مجال تصنيع وتطوير المسيّرات، فإن مسيّرات الحزب تشبه إلى حد كبير المسيّرات الإيرانية”، مضيفا أن التقديرات تشير إلى أن “حزب الله” أطلق المسيّرة رداً على تحليق طيران الجيش الاسرائيلي في أجواء لبنان.
توحيد الجبهات
من جانبه، رجح شاحر كلايمان، المعلق في صحيفة “يسرائيل هيوم”، أن يكون إطلاق “حزب الله” المسيرة، التي توغلت 70 كيلومتراً في عمق البلاد، قد جاء في إطار استراتيجية “توحيد الجبهات” التي تطبقها إيران.
وفي تحليل نشرته الصحيفة اليوم الأحد، لفت إلى أنه في اليوم الذي حلقت فيه مسيّرة “حزب الله”، تمكن الجيش الاسرائيلي من إسقاط مسيّرتين، إحداهما أطلقت من لبنان والثانية أطلقت من قطاع غزة.
وتوقع كلايمان أن تسهم العودة إلى الاتفاق النووي في تمكين إيران من المضي قدمًا في استراتيجية “توحيد الجبهات” عبر استغلال رفع العقوبات، وضمن ذلك عوائد بيع النفط التي ستبلغ سبعة مليارات دولار، في تمويل وتسليح المنظمات المتحالفة معها داخل الإقليم.
وأبرز المعلق الإسرائيلي ما كشفه مركز “عالمه” الإسرائيلي في ديسمبر/كانون الأول الماضي، والذي قدر أن “حزب الله” يملك 2000 مسيّرة؛ مشيراً إلى أن رفع العقوبات عن طهران سيمكنها من تزويد المنظمات المتحالفة معها في المنطقة بمسيّرات أكثر تطورا.
وفي ما يتعلق بحرص إيران على تزويد حلفائها بالمسيرات الهجومية، رأى كلايمان أن هذا يمنحها القدرة على مفاجأة الدول الأخرى في المنطقة؛ مشيرا بشكل خاص إلى الهجمات التي استهدفت السعودية والإمارات.
وفي السياق، علق وزير المالية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان على تسلل مسيّرة “حزب الله” قائلا إنه “لا يمكن ضمان تأمين أجواء إسرائيل بنسبة 100%”؛ مشددا على ضرورة استخلاص العبر من الحادثة. وفي مقابلة مع إذاعة الجيش اليوم الأحد، توقع ليبرمان ألا يكون “هذا إطلاق المسيّرات الأخير، فعلينا الاستعداد لذلك ونحن بالفعل نستعد”.
أما يعكوف أنجل، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، فقال، في مقابلة أجرتها معه اليوم إذاعة الجيش الاسرائيلي، إنه لم يكن من المناسب محاولة إسقاط المسيّرة بواسطة “القبة الحديدية” من منطلق أن إمكانية تسببها بالضرر متدنية.