القسام تضع أسئلة مبهمة حول الجنود المفقودين في غزة
قال قائد في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس أن جيش الاحتلال الإسرائيلي -رغم تنفيذه إجراء “هانيبال” خلال الحرب- فقد عددًا من جنوده وضباطه ولم يستطع إنقاذهم أو معرفة مصيرهم.
ويتيح إجراء “هانيبال” للجيش الإسرائيلي استخدام القوة المفرطة لإنقاذ أي من جنوده حال وقوعه في الأسر حتى لو شكل ذلك خطرا على حياته.
وكشف القائد البارز في القسام “أبو العطار” الذي كان أحد قادة المقاومة خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، عن استخدام الجيش الإسرائيلي أسهل الخيارات بالإعلان عن مقتل هؤلاء الجنود.
وأشار في حديثه لموقع “الجزيرة نت” إلى أن “الاحتلال لم يمتلك فيما بعد الشجاعة للوقوف على الحقائق التي تكشف هذه المقابلة جزءا منها”.
ورغم مرور عامين على العدوان الإسرائيلي على القطاع عام 2014، ما زالت القسام تلتزم الصمت فيما يخص الجنود الإسرائيليين الذين أسرتهم خلال المعركة، وما زال مصيرهم وعددهم مجهولا.
كيف تنظرون إلى إلغاء الاحتلال الإسرائيلي إجراء “هانيبال”؟
– إلغاء الاحتلال إجراء “هانيبال” يعني اعترافا واضحا وصريحا من العدو بأن هذا الإجراء لم يعد يتماشى مع الواقع الذي فرضته المقاومة على الأرض، فبعد كل استخدام لهذا الإجراء كان يتضح أن العدو ارتكب مجازر بحق المدنيين، مما يؤكد وجهه الإجرامي البشع أمام العالم.
وفي الجانب الآخر يتبين له أنه فقد من جنوده وضباطه أسرى ولم يستطع فعل شيء.. إذن من الناحية العملية لم يكن إجراء “هانيبال” سوى وصفة لارتكاب المجازر.
هل يعتبر إلغاء هذا الإجراء نصرا للمقاومة الفلسطينية؟
– بالطبع، فإلغاء الإجراء يعني أن إحدى طرق العمل المفصلية لدى جيش العدو قد فشلت في تحقيق أهدافها، فإجراء “هانيبال” يهدف إلى منع عمليات أسر جنود العدو، وقد أثبتت التجربة أنه لم ينجح أبدا في منع أي من عمليات الأسر التي قامت بها القسام والمقاومة الفلسطينية.
ولنأخذ على سبيل المثال قضية الضابط هدار غولدين التي استخدم فيها إجراء “هانيبال”، حيث عقّّد هذا الإجراء الوضع بالنسبة لمصير الضابط، واختفت آثاره تماما، وأصبح من الصعب على العدو معرفة هل هو في عداد الأحياء أم الأموات؟ ولذلك وجد نفسه مضطراً للكذب على عائلة الجندي وقال لها إنه في عداد الأموات.
كما قام بعمل جنازة وقبر للجندي، وادعى أن المراسم جاءت وفقا لأحكام الديانة اليهودية، مع العلم أن هذه الأحكام تقول إن الدفن يتم إذا وُجد الجزء الذي لا يستطيع الإنسان الحياة بدونه من الجسم، في إشارة إلى الرأس الذي يعتبرونه مسكن الروح.
وفي الحقيقة أن العدو لم يجد سوى بقع من الدم وجزءا من العتاد الشخصي للجندي، مما يضع علامة استفهام كبيرة على رواية العدو حول مصير الجندي.
فكل ما أراده العدو في حينه هو تصدير رواية ما لعائلة غولدين وللرأي العام تخرجه من الورطة التي وقع فيها، وكان القرار الأفضل بالنسبة له أن يقول بأن الضابط غولدين قد قتل، وإلا فإن الخيار الآخر أمامه هو استمرار التوغل براً والبقاء على الأرض تحت ضربات مجاهدي القسام والمقاومة، وقتل وأسر العشرات من جنود العدو.
كيف تمكنت كتائب القسام من جعل الاحتلال يشعر بأن هذا الإجراء خطير على جنوده أكثر من خطره على المقاومين الفلسطينيين؟
– استخدمت كتائب القسام مجموعة من التكتيكات العسكرية التي لا يمكن الحديث عنها، ولكن يمكن القول في العموم أنها اعتمدت على عدة عناصر منها المباغتة والسرعة، مما أفقد العدو القدرة على التعامل مع الحدث لحظة وقوعه.
هذا بالإضافة إلى قدرة المقاومة وكتائب القسام على تحويل أرض غزة إلى أشبه ما يكون برمال متحركة من شأنها أن تبتلع جنود العدو وضباطه، وتمضي بهم إلى غياهب المجهول.
ففي حالات جلعاد شاليط وشاؤول آرون وهدار غولدين فشل العدو فشلا ذريعا في فهم الحادثة إلا بعد ساعات أو أيام، فقد أعلن عن فقدان آثار آرون على سبيل المثال بعد نحو أسبوع من وقوعه في يد المقاومة.
لقد استطاع مجاهدونا وضع العدو في حالة شاؤول أمام خيارات صعبة للغاية، فبعد أيام من فحص حطام الناقلة التي كان يستقلها مع زملائه، تبين أنه لا أثر له على الإطلاق بين الأشلاء ولا الدماء.
ورغم ذلك أعلن العدو أن الجندي قتل واختار هنا أيضاً أسهل الخيارات، فقد كان حينها مضطرا للتعامل مع معضلة أكبر وهي وقوع سلسلة القيادة في لواء النخبة “جولاني” بكاملها بين قتيل وجريح، ولكن فيما بعد لم تمتلك قيادة العدو العسكرية أو السياسية الشجاعة الأدبية الكافية للوقوف على الحقائق.
فأين ذهب شاؤول آرون إذا لم يوجد لأشلائه أو دمائه أو سلاحه أي أثر، أم أن العبوة التي فجرت الناقلة كانت ذات قوة تدميرية تصل إلى حد أن يتبخر الجندي فلم يبق له أثر؟ وإذا كان صحيحاً فلماذا هو الوحيد الذي تبخر بين زملائه؟
كيف تعاملت كتائب القسام مع إجراء “هانيبال” في الحرب؟
– إجراء “هانيبال” تكتيك إجرامي ينافي الأخلاق والقيم والقوانين الأرضية والسماوية، ويعتبر جريمة في نظر كل الشرائع، وهذا هو شأن كل تكتيكات العدو العسكرية وأساليبه السياسية والاقتصادية وغيرها.
فكل ما في الكيان الصهيوني من إمكانات ومقدرات هدفها شيء واحد هو تدمير كل ما هو فلسطيني بغض النظر عن مكانه أو انتمائه أو جنسه، حيث إنه بهذه الصفة يمثل نقيضا للاحتلال الذي يرى في مجرد وجود أي شيء فلسطيني فشلا لمهمته، وأن هذه المهمة لم تنته.
ولذلك فإن كتائب القسام كجناح يقف في مقدمة المقاومة الفلسطينية، ترى أن دورها ومهمتها مقاومة الاحتلال عسكريا، وهذا يعني الاستعداد لمواجهة كافة تكتيكاته، وهذا يتطلب أن تقوم بدورها ميدانياً لإفشال كافة تكتيكات العدو وتكبيده الخسائر، وهذا ما كان خلال الحرب الأخيرة عام 2014.