بحث جديد: ثلث أبناء الشبيبة في المجتمع العربي يدخنون
جرّب معظم المراهقين التدخين لأول مرة بين سن 11 – 15 عاما؛ الأرجيلة، والسجائر العادية، والسجائر الإلكترونية هي أكثر منتجات التبغ شعبية في أوساط أبناء الشبيبة العرب؛ 85% من أبناء الشبيبة الذين سعوا لشراء منتجات تدخين حصلوا على ما يريدون من دون أية عوائق.
ثلث أبناء الشبيبة العرب مدخنون، وقد جربوا التدخين لأول مرة في سن يتراوح ما بين 11 إلى 15 عاما. إن سن التجربة الأول للتدخين آخذ في الانخفاض، وعلى الرغم من حظر بيع منتجات التبغ لأبناء الشبيبة، إلا أن 85% من أبناء الشبيبة الذين سعوا لشراء منتجات تبغ حصلوا على مرادهم في محلات البقالة والسوبر ماركت من دون أي عائق. هذا ما تظهره نتائج بحث جديد حول عادات التدخين في أوساط أبناء الشبيبة والشباب في المجتمع العربي. وينشر هذا البحث من قبل مبادرة القضاء على التدخين، وهي جمعية تعمل من أجل الحد من عدد المدخنين في أوساط أبناء الشبيبة والشبان في المجتمعين العربي واليهودي، وذلك بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التدخين (31.5.22)، الذي يُحيى في المجتمع العربي أيضا.
أجريت الدراسة ما بين شهري تشرين ثاني (نوفمبر) 2021 ونيسان (أبريل) 2022، من قبل شركة “ناس” للاستشارة والأبحاث الاقتصادية الاجتماعية في المجتمع العربي، لصالح مبادرة القضاء على التدخين. وقد شملت الدراسة مسحا كميا بين عينة تمثيلية من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13 – 17 عاما، إلى جانب مجموعة مراقبة من الشبان الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 -23 عاما. وإلى جانب ذلك، دمج البحث عملا مع أربع مجموعات تركيز من نفس الفئات العمرية في أربعة مناطق من البلاد: الشمال، وحيفا، والمثلث، والنقب، رافقته لجنة التوجيه التي ضمت في صفوفها خبراء من المجتمع العربي في مجال الصحة العامة، ومن ضمنهم: أحلام أبو قرن، البروفيسور بشارة بشارات، د. جمانة عيسى، دعاء زيد، هدى أبو عبيد، د. نور عبد الهادي، ود. رامي غريفات.
كما تضمّنت الدراسة مقارنة بين معدل المدخنين ممن تتراوح أعمارهم بين 12 – 24 عاما في المجتمع العربي، ونظرائهم في المجتمع اليهودي، وذلك من خلال مقارنة الاستبيان بمخرجات بيان موازي قامت به مبادرة القضاء على التدخين في المجتمع اليهودي بواسطة شركة i-panel.
هذا، وقد كشفت أبحاث مبادرة القضاء على التدخين أن مناسيب التدخين في المجتمع العربي، أعلى من نظيرتها في المجتمع اليهودي في جميع الفئات العمرية. وتكمن الفجوة الأكبر في الفئة العمرية لمن تتراوح أعمارهم ما بين 12 -14 عاما، حيث بلغ فارق مناسيب التدخين ثلاثة أضعاف لدى الأطفال العرب، مقارنة بالأطفال اليهود (12.8% إلى 3.4%). أما في الفئة العمرية ما بين 15- 17 عاما، فيتقلص الفارق بين المجتمعين ليصل إلى 1.5 ضعفا فقط (38.3% في المجتمع العربي مقارنة ب 25.9% في المجتمع اليهودي). ومثل هذا الفارق ظل قائما في الأعمار الأعلى. كما كشف البحث إلى جانب ذلك أن وتيرة تدخين المراهقين العرب في الأعمار ما بين 15- 17 عاما تبلغ 17% مقارنة بـ 10% فحسب لدى نظرائهم من المجتمع اليهودي.
وتشير المعطيات إلى أن 31% من أبناء الشبيبة في المجتمع العربي مدخنون. أما في أوساط الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 – 23 سنة، فإن نسبة التدخين أعلى من ذلك، وتبلغ 53%. وقد كانت مناسيب تجريب التدخين أعلى في أوساط الذكور منها لدى الإناث، في الفئتين العمريتين المذكورتين.
يكشف المسح أيضا أن العمر الذي يبدأ فيه الشبان العرب آخذ في الانخفاض مع السنوات. وقد قال 85% من أبناء الشبيبة في المسح بأن تجربتهم الأولى كانت بين عمر 11- 15 عاما، في حين أن 89% من البالغين الشباب قد أشاروا إلى أن تجربتهم الأولى مع التدخين قد كانت حينما كانت أعمارهم تتراوح ما بين 15- 20 عاما.
هذا، وتعدّ الأرجيلة منتج التجريب الأول والأكثر شيوعا في أوساط أبناء الشبيبة والشبان في المجتمع العربي، حيث أشار 45% من المستطلعة آراؤهم إلى استخدامها. وقد حلّت في المكان الثاني السجائر العادية بنسبة 25% لدى أبناء الشبيبة، و46% لدى فئة الشبان. في حين قال 22% من أبناء الشبيبة بأن تجربتهم الأولى كانت مع السجائر الإلكترونية.
هنالك معطى آخر مثير للقلق في هذه الدراسة، ويشير إلى أن ربع أبناء الشبيبة معتادون على التدخين داخل المنزل، حيث يقوم 15% من هؤلاء بالتدخين في حضور والديهم. وتشير الدراسة إلى أن هذه الظاهرة مرتبطة ارتباطا مباشرا بكون المنسوب الأعلى لانكشاف أبناء الشبيبة على التدخين يأتي من العائلة الممتدة (62% من مجمل المشاركين في الدراسة) ومن العائلة الصغيرة (50%). كما كشفت الدراسة عن معطى آخر يتمثل في العلاقة بين انكشاف أبناء الشبيبة على التدخين من أصدقائهم المقربين (46%) وبين النسبة العالية من هذه الفئة العمرية ممن شهدوا بأن الضغط الاجتماعي هو السبب الأساسي لدفعهم إلى بدء التدخين (71%)
وعلى الرغم من الحظر الصريح في القانون، فإن أكثر من ربع المراهقين يشترون منتجات التدخين في محلات البقالة والسوبر ماركت، حيث أشار 85% من هؤلاء إلى عدم ملاقاتهم عوائق في شراء منتجات التدخين بصورة مباشرة، حيث إنهم إما لا يتم توجيه أسئلة إليهم عن أعمارهم، أو أنهم حتى بعد سؤالهم عن أعمارهم يتاح لهم شراء المنتجات رغم كونهم قاصرين.
هذا، وقد فحصت الدراسة العوائق التي تحول دون التعامل مع وباء التدخين في المجتمع العربي، وذلك بواسطة العمل مع مجموعة التركيز، وبمساعدة خبرة ورؤى اللجنة التوجيهية المرافقة للدراسة. وبناء على المعطيات، فإن العادات الاجتماعية المتمثلة في تدخين الأرجيلة، وإهمال مكافحة التدخين في المجتمع العربي من جانب الدولة، وعدم وجود نماذج إيجابية يحتذى بها من قبل المؤثرين والشخصيات المعروفة في المجتمع العربي، واستخدام وسائل تدخل غير ناجعة لمكافحة التدخين، هي العوائق الرئيسية في مواجهة ظاهرة التدخين السائدة في أوساط المجتمع العربي.
ومن توصيات التقرير الهادفة للحد من التدخين في أوساط المراهقين والشباب في المجتمع العربي: تركيز الجهود على مرحلة الوقاية في فترة المراهقة، وذلك من أجل الحد من الانكشاف وبدء تجريب منتجات التدخين، وزيادة الوعي، وتشجيع الخطاب المعارض للتدخين لدى كل من وزارة الصحة، أصحاب القرار، إلى جانب المؤثرين في المجتمع العربي، والاستثمار في نماذج إيجابية يحتذى بها، والتدخل الوقائي أيضا في أوساط الفئات السكانية البالغة لتقليص انكشاف الشبان على التدخين، وتحسين منسوب إنفاذ قوانين منع التدخين.
هذا، وقد صدر تصريح عن مبادرة مكافحة التدخين جاء فيه “تظهر الدراسة أن المجتمع العربي في إسرائيل قد صار الباحة الخلفية لوباء التدخين في إسرائيل. كما إن الإهمال طويل الأمد في تعامل الدولة مع المجتمع العربي تظهر آثاره في مجال التدخين أيضا، من خلال مناسيب هائلة للمدخنين منذ جيل المراهقة. إن المنسوب العالي لمدخني الأرجيلة هو معطى مثير للقلق بصورة خاصة، وقد أضيفت إلى جانب الأرجيلة في السنة الأخيرة أيضا السيجارة الإلكترونية، اللتين تستقطبان سويا الآلاف من أبناء الشبيبة، من ذكور وإناث، وتوقعهم في الإدمان على التدخين. وبناء عليه، فإن على وزارة الصحة بلورة خطة عمل خاصة بالمجتمع العربي، جنبا إلى جنب مع مهنيين من المجتمع العربي، وبناء على مميزات التدخين التي أظهرها البحث، وبصورة تتسق مع الاحتياجات الثقافية والفريدة للمجتمع العربي. وقبل كل شيء فإن على مثل هذا البرنامج تخصيص الموارد والقوى لمنع بدء التدخين في أوساط أبناء الشبيبة العرب، بالتزامن مع بلورة منظومات فرض القانون الذي يحظر الإعلان عن منتجات التدخين وبيعها للقاصرين، إلى جانب تعزيز برامج الإقلاع عن التدخين في أوساط البالغين، سعيا إلى تقليص مناسيب التدخين والانكشاف على التدخين والمدخنين في المجتمع العربي. هذه هي الوسيلة الوحيدة التي يمكننا من خلالها حماية الجيل المقبل من الإسرائيليين، من تلاعب شركات التدخين وطرق تسويقها المتطورة”.