الأخبار الرئيســـيةقبسات إخباريةمحليّات

المثلث: أزمة السكن بين الواقع والتحديات

20161016143337تزداد معاناة المواطنين في المجتمع العربي في أعقاب تفاقم أزمة السكن، حيث يشتد الخناق على البلدات العربية لا سيما منطقة المثلث الجنوبي.

ورغم أزمة السكن المتفاقمة التي تقض مضاجع الأهالي، تشهد أسعار قسائم البناء ارتفاعا غير معقول، ويصل سعر قسيمة البناء (400 متر) إلى مليون ونصف المليون شيقل، في ظل تمييز عنصري واضح من قبل الحكومة التي تشرع في بناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات اليهودية المجاورة لمنطقة المثلث، في حين تمنع بشكل واضح التوسع الديمغرافي في المدن والقرى العربية.

وبات شراء القسائم وبناء منزل خاص حلمًا يراود الشباب الواعدين الذين لا يملكون قسيمة أرض أو شقة سكنية، في واقع متدهور اجتماعيا واقتصاديا بالمجتمع العربي بأسره.

واقع…

وقال المهندس فادي سمارة من مدينة الطيرة: “إن ‘الكثير من الأسباب أدت إلى رفع سعر القسائم والتي تتمثل بأزمة السكن الحالية وهي مرتبطة ببعضها البعض، ما رفع من حدة هذه الأزمة في المجتمع العربي، في ظل انتشار الفقر والبطالة، ولو تحدثنا في كلها بتعمق لاستغرق ذلك أياما معدودات، لكن هناك الكثير من الأسباب الجلية، منها ما يخصنا ومنها سياسة الحكومة الإسرائيلية”.

وأضاف أنه يجدر بنا أن نعلم بداية أنه لو كان عندنا تخطيط سليم وبرؤية مستقبلية لكنا قد تخطينا مرحلة غلاء قسائم البناء وعدم إصدار تراخيص للكثير من البيوت، إضافة إلى أن التخطيط السليم يحد من ظاهرة أزمة السكن، لكن العشوائيات التي اتخذتها السلطات المحلية وعدم العمل على خرائط هيكلية مستقبلية تخدم المواطنين على المدى البعيد، أدى إلى انخفاض عدد القسائم المفروزة للبناء’.

وانتقد السلطات المحلية، ‘للأسف الشديد، سلطاتنا المحلية العربية ينقصها بعض المهنيين والمختصين في هذه المجالات، فنرى أن لجان التنظيم والبناء في البلديات تنشغل في منح الخدمات للأفراد بشكل خاص، وتكاد لا تفقه شيئا بما يخص البلدة بشكل عام، الأمر الذي ينعكس مستقبلا على الأهالي داخل هذه البلدات’.

وأوضح حول سياسة الدولة، أن ‘سياسة الحكومة واضحة، واللغة التي تتعامل بها مع البلدات العربية هي لغة غريبة على المواطن البسيط. ومن أجل وقف التخطيطات العنصرية وبغية تحصيل مستحقاتنا يجب على سلطاتنا المحلية فهم لغة الحوار، لغة التخطيط والبناء، ومن ثم الرد على مؤسسات الدولة العليا المسؤولة عن التخطيط القطري، والرد يكون بنفس اللغة عن طريق جميع الأدوات التي مُنحت للمواطن كحق التصدي لمخططات ليست لصالح البلدة، ومن أجل تحسين المخططات وتطوير البلدة’.

وأكد سمارة حول دور المواطن في هذا الشأن، أن ‘غلاء أسعار القسائم له عدة أسباب، وهو جزء لا يتجزأ من أزمة السكن المتمثلة به. السبب الرئيسي هو أن القسائم ملك شخصي، ليس كما هو معهود في المجتمع اليهودي فهناك الأراضي تابعة للدولة، الأمر الذي يدفع بعض العرب الى احتكار الأراضي الخاصة بهم، إضافة إلى أن كل من يملك قطعة أرض يبني عليها بيتا واحداً، وهذا من حقه طبعاً، لكنه سبب رئيسي في ارتفاع أسعار القسائم وأزمة السكن، وذلك نسبة للازدياد السكاني الطبيعي للمواطنين العرب، إذ ازداد الطلب وقلت الموارد ما دفع الناس لرفع أسعار القسائم بشكل غير معقول’.

وأشار إلى أن ‘سياسة الحكومة رفض مساعدة السكان العرب من أجل حل هذه الأزمة، فلو كانت لديها نية لمنحت بعض الأراضي التابعة لها للناس من أجل البناء وسهلت استصدار تراخيص البناء. لا ننسى دور السلطات المحلية التي لا تقدم الخرائط الهيكلية في الوقت المطلوب للمؤسسات، وتُماطل السلطات المحلية في ذلك الأمر الذي يُعيق إصدار رخص بناء منظمة. فلو أجرينا إحصائية في البلديات العربية لوجدنا أن غالبية البلديات قدمت الخارطة الهيكلية قبل نحو عشرين عاما، وهذا الأمر ينبع من سياسة المصالح والعائلية القبلية في غالبية سلطاتنا المحلية، لأن غالبية الرؤساء عندما يستلمون مفاتيح البلدية لا يضعون قضية السكن في سلم أولوياتهم، كونها تحتاج إلى وقت طويل وميزانيات كبيرة، والأهم بالنسبة لهم هو كيفية الحفاظ على كرسي الرئاسة’.

وحول الحلول، تابع المهندس سمارة، أن ‘بدايتها تكمن في التخطيط السليم من قبل السلطات المحلية دون اللجوء لسياسة المحسوبيات، والتي تُعيق العمل الجماعي وتعود عواقبها على العامة، إضافة إلى دور المواطنين بأن يكفوا عن البناء العشوائي قدر الإمكان، وألا يشرعوا في البناء دون تراخيص ودون الأخذ بعين الاعتبار أن هناك خرائط تنظيمية للمنطقة المحيطة، فكل لبنة تُبنى في مكان غير منظم من شأنها أن تعيق إصدار تراخيص لحي كامل، إضافة إلى أخذ أزمة السكن بالحسبان، والشروع في بناء مساكن متعددة الطوابق لمن يستطيع ذلك ويملك القسائم المفروزة للبناء، فذلك يُعيد عليه مدخولا لا بأس به، ويحل أزمة الكثير من العائلات والأزواج الشابة’.

اللجوء إلى الاستئجار

وقال الشاب سعيد مدني من مدينة الطيبة: “إن هذه المعضلة تقلق الكثير من الشباب في الآونة الأخيرة، حيث وصلت أسعار القسائم إلى مبالغ طائلة، وهي لا تُتيح لشاب مدخوله متوسط أن يقتني له قسيمة أرض ليبني عليها بيتا، إلى جانب الشُح في قسائم الأراض والمساكن”.

وحول حل هذه الأزمة، قال إن ‘الطيبة خاصة ومنطقة المثلث عامة لم تتهيأ حتى الآن لثقافة الاستئجار، فالمعتاد منذ سنوات طويلة أن يبني الشاب بيتا له على قطعة أرض، حتى وإن كان طابقا إضافيا على منزل أهله، لكن مع مرور الزمن واحتدام هذه الأزمة سيضطر الجميع إلى اللجوء لمساكن مستأجرة رغم ارتفاع أسعارها مقارنة بمستوى المعيشة في المجتمع العربي’.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى