الأخبار الرئيســـيةباقة وجتخاصّ القبسقبسات إخبارية

هل يدفع المزارعون في جت ثمن ذنوب البشر ؟

95c2ddf7-8ef1-4b3a-9968-21432384817c-1-copyaaتقرير: ايهام محمد وتد – مراسلة صحيفة وموقع القبس

قيل في الرّوايات القديمة إنّ انقطاع المطر هو غضبُ السّماء من ذنوب البشر، فبماذا أذنب البشر حتّى يدفع ثمنها مزارعو جتّ ؟

جتّ، القرية الّتي اقتات أهلها من الزّراعة منذ الزّمن الغابر حتّى يومنا هذا، لا يزال بعضٌ من أهالي البلدة يعملون فيها.

لكن، تشهد المنطقة منذ أكثر من 30 يومًا، وفي حديثنا بهذا التّقرير عن بلدنا جتّ، احتباسًا في الأمطار، حيث انقطع المطر عن القرية ممّا أثّر سلبًا على الموسم الزّراعيّ.

المزارعين في تذمّر كبير هذه الفترة، إذ انّ الانقطاع أثّر بشكل كبير على محصولهم وعلى أرباحهم.

في حديثنا مع الأستاذ جمال عارف وتد، الّذي لا يزال يعمل في زراعة أرضه بالإضافة إلى مهنة التّدريس، يقول: بسبب انقطاع الأمطار ارتفع سعر الماء، ولهذا السّبب قلّت الزّراعة، عدد لا بأس به من الفلّاحين يتوقّفون عن الزّراعة في هذه الفترة. وعن نفسي، هنالك 13 دونمًا من أرضي لن أزرعها هذه الفترة نهائيًّا. غلاء الماء غير معقول، ثمن كوب الماء 3.8 شيقل اليوم قبل الضّريبة. وبكلّ صراحة الأمر غير مربح، ويعود بالخسارة على المزارعين في نهاية المطاف.

وفي سؤاله عن تصرّفه في هذه الأوقات يقول: “لا أسقي الزّرع أبدًا، انقطاع الأمطار أدّى إلى نقص في الماء ممّا أدّى لغلائها، وإن تمّ ريّ المحاصيل بشكل خفيف سيتضرّر الزّرع، الخطّ الأحمر في بحيرة طبريّا منخفض جدًا، الأمل بعيد جدًا حتّى يعود ويرتفع مستوى الخطّ. الزّرع يتطلّب الكثير من الماء، البصل والملفوف على سبيل المثال بحاجة إلى الماء بشكل كبير، ومع احتباس الأمطار في هذه الفترة، من الصّعب جدًّا زراعتها و(نكبّرهن) .”

“سيعتقدون أنّ غلاء الخضار والمحصول يساعد في هذه الفترة، إلّا أنّه حتّى بغلائها نبقى بخسارة، ونفضّل الامتناع عن زرع المحاصيل بدل المخاطرة في زرعها مع انقطاع الماء”.

ويضيف السيد حمزة وتد لصحيفة وموقع القبس مستاءً من الوضع: “لا أمل الا في الغيث النافع”.

يقول: “انحباس الامطار ساهم في زيادة تكاليف انتاج المحاصيل الزراعية، الامطار المبكرة مفيدة جدًا للأشجار وغسل التربة الزراعية من الاملاح وتفكيكها لتسهيل حراثتها. الامطار الخريفية مفيدة للأشجار دائمة الخضرة كالزيتون والحمضيات. أما بالنسبة للمزروعات داخل البيوت البلاستيكية (الدفيئات) فقلة المطر يساعد على زيادة بارتفاع درجات الحرارة داخلها مما يزيد التكلفة من كميات المياه والامراض ونمو الاشتال وجودة المحصول.”
اما المبكي والمحزن، ان انحباس الامطار هي ظاهرة لم يشهدها اجدادنا في زمانهم.

إحدى مسنّات البلدة، أمّ محمد (اسم مستعار)، تبلغ من العمر 89 عامًا تقول: زماننا مختلف كثيرًا عن اليوم، لم تكن الزّراعة تشبه الزّراعة في هذه الأيام، لم تجفّ الماء يومًا ولم يُضرب الزّرع، دائمًا كانت المياه متوفّرة، الأمطار لم تنقطع بهذا الشّكل ولم نكن نشهد أيّامًا حارّة كحرّ أيّامنا هذه، كنا نسقي الزّرع من مياه الوادي والينابيع، والينابيع لا تجفّ !

شرحت الحاجّة أمّ محمد عن طريق سقي الزّرع في أيّامها سابقًا، تقول: كنّا نمدّ الأنابيب (المواسير) من الوادي للمحصول، وعند الانتهاء من عملنا، نغلق الأنبوب. أغلب أراضينا الزّراعيّة في القرية كانت “أرض نبع”، أي إنّ الأراضي هذه كانت على ينابيع، أرض الكركوريّة كانت على نبع، الزّبيديّة أيضًا والينابيع طبعًا لا تجفّ.”

لكن هذا الوضع لم يتوقف فقط على منطقتنا، فاطمة أبو إسماعيل، مزارعة من الشمال، تحدثت عن الوضع المشابه في مناطقهم بأسف، تقول: القمح اكثر الحبوب تضررًا في هذه الفترة الحرجة مع انقطاع المطر في مثل هذا الشهر، حيث ان النمل يقوم بسحبه اذا لم يسقيه المطر. كذلك العدس والفول. اما عن الشجر، فهو بحاجة ماسة للماء، اذا انقطع المطر يقع الثمر، وبهذه الظروف نضطر لان نسقي النباتات، والماء سعره غالي. سبب شح الامطار حتى لو نمَ الثمر، لا تتغذى الثمرة بشكل كامل، ويسوء الموسم الزراعي كله”.

78081dc7-9714-460a-a17f-229a7616ddf5الراصد الجوي الحاج ماجد سعد من مدينة ام الفحم يفسر سبب انقطاع الامطار والحرائق التي اجتاحت المنطقة: “ان معدل الامطار في منطقتنا، أي قضاء ام الفحم، جنين والكرمل 650 ملم في السنة. في العام المنصرم كان معدل الامطار 525 ملم فقط، أي ما يقارب ال 125 ملم فرق. وهذا أدى الى جفاف كبيرة ف المنطقة، وهذا الجفاف هو الذي سبب ارتفاع درجة الحرارة .. التي بدورها حبست الامطار.

من المعتاد ان ينزل المطر ثلاث مرات الى 4 في شهر 11، في هذا الشهر هذه السنة لم يسقط المطر ابدًا، ربما 2 ملم طيلة هذا الشهر مع الشهر المنصرم، هذا الجفاف المبالغ فيه، درجة حرارة مرتفعة بالإضافة الى الرياح أدت كلها الى هذه الحرائق، التي يصعب التغلب عليها، نسأل الله ان ينزل علينا من نعمه وامطاره في اقصى وقت ممكن”.

70629-4996-8b28-d3b18baa4b87الأستاذ عدنان وتد والذي يتابع كميات هطول الأمطار منذ سنة 1971 من خلال محطة خاصة لقياس الأمطار، يضيف لاقوال السيد ماجد سعد: “اما عن أسباب انقطاع المطر فهو عمليًا تغيرات في الإقليم المناخي، حيث ان الكرة الأرضية تتغير – دوران الأرض حول الشمس يتغير فيغير الجو والمناخ بدوره، مثلًا في منطقة السعودية التي لم تعتَد على الامطار سابقًا، باتت منطقة ماطرة أكثر من بلادنا ومنطقتنا، تغير الإقليم وغير الظواهر الطبيعية في منطقتنا، حتى على صعيد بلادنا، يزداد سقوط المطر في الجنوب وقلّ في الشمال”.

ويضيف: “هذه كلها امتحانات ربانية، الهتهم دنياهم عن دينهم وآخرتهم، نحن في وضع غريب جدًا بل ومخيف، علينا ان نعود الى طريق الله، ان نذكره وندعوه علّه ينزل علينا من نعمته وامطاره.”

ولأننا توقفنا عن تصديق الخرافات فالسماء لم تغضب ولن تغضب، بل ربما هو الله عز وجل الذي يمتحننا، وكل هذا ما هو الا نتاج ظواهر طبيعية، وردود فعل للجفاف وارتفاع درجات الحرارة، بفعل الله وقدرته عز وجل، ويبقى المتضرر هنا هو الانسان، ان كان يحمل ذنوبه على كفه او لم يفعل، ان كان نقيًا طاهرًا منها او لم يكن.
والأرض؟ هي أوْلى ضحايا احتباس الامطار!
“اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا مريئًا نافعًا غير ضار، عاجلًا غير آجل”

7059d291-0d63-4d61-be2e-af84dc70643595c2ddf7-8ef1-4b3a-9968-21432384817c

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى