خفايا السنوار.. لهذه الأسباب باتت إسرائيل تعد للعشرة بعد إنتخاب قائد حماس الجديد
انتخبت حركة حماس أحد عناصرها من جناحها المُسلَّح قائداً جديداً لها في قطاع غزة، لتصعِّد بذلك المخاوف من احتمالية تدشين جولة أخرى من المواجهات الخطيرة بين الحركة وإسرائيل.
أُطلِقَ سراح يحيى السنوار، البالغ من العمر 55 عاماً، الذي يرفض أية مصالحة مع إسرائيل، من سجنه الإسرائيلي في العام 2011، بعد 22 عاماً قضاها فيه، كجزءٍ من عملية تبادل الأسرى مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وسيتولَّى السنوار المسؤولية من رئيس الوزراء إسماعيل هنيَّة، المُرشَّح الآن لزعامة تنظيم حركة حماس برمتها.
وتولَّى هنية رئاسة وزراء حكومة حماس في قطاعِ غزة منذ سيطرتها عليها في 2007.
ويأتي الكشف عن تصعيده إلى زعامة الحركة في غزة وسط إشاراتٍ بتصاعد التوترات على كلا الجانبين من حدود القطاع. وكانت إسرائيل قد قصفت عدداً من مواقع حماس منذ أسبوع، بعد صاروخٍ أُطلَق من القطاع لم تُعلِن أية مجموعةٍ مسؤوليتها عنه، لكن منذ حرب غزة في 2014 أطلقت مجموعاتٌ سلفية مقذوفاتٍ على إسرائيل في عددٍ من المناسبات.
وتَعزَّزَ هذا الشعور بالتوتر المتنامي بعد يومٍ واحد من الغارات الإسرائيلية، بما قاله وزير التعليم الإسرائيلي اليميني المتطرف، واصفاً الأمر بأنه: “مسألة وقت، وليس مسألة ما إذا كانت جولة جديدة من الصراع بين حماس وإسرائيل ستحدث أم لا”.
داخل حماس
ويبدو أن انتخاب السنوار سيضع حدّاً للنزاع الداخلي طويل الأمد في حركة حماس، بين جناحيها المُسلَّح والسياسي، وسط حالة من الاستياء تجاه الحركة في غزة.
ويبدو أيضاً أن انتخاب السنوار من شأنه أن يُذِيب الصراع بين “سكان غزة”، مثل السنوار و”أولئك الذين يعيشون بالخارج”، والذين يُمثِّلهم رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل، الذي يعيش في المنفى.
ويقول مُحلِّلون إنَّ النظرة المستقبلية للسنوار ستكون أكثر تركيزاً على غزة بصورةٍ أكبر من مشعل أو أعضاء الحرس القديم في القيادة السياسية لحماس، الذين يهتمَّون بمحادثات المُصالحة الوطنية طويلة المدى مع حركة فتح التي يتزعَّمها الرئيس محمود عباس في الضفة الغربية.
ووفقاً لصحيفة The Guardian البريطانية، فإنه ومنذ الإفراج عن السنوار من جانب إسرائيل في العام 20111 عزَّز قوته داخل الجناح العسكري السري، وتزعم الصحيفة أنَّه أمر بإعدام أحد منافسيه الرئيسيين العام الماضي خلال صراعٍ على السلطة.
ويعتبر مسؤولون أمنيون إسرائيليون السنوار واحداً من بين الأكثر عناداً ضمن القادة الثلاثة الذين قادوا الجناح العسكري لحماس.
وقالت الصحيفة البريطانية إن “الجناح المُسلَّح في حماس، والسنوار بصورةٍ خاصة، ألقى باللائمة على القيادة السياسية فيما اعتبر أنَّه فشلٌ في استثمار حرب العام 2014 في غزة، التي أدت لدمارٍ واسع، وحالةٍ من الجمود النسبي، وأزمةٍ اقتصادية واجتماعية داخل قطاع غزة”.
زاهد ومنضبط
وكان أول دورٍ بارز للسنوار داخل حماس هو كوْنه أحد مؤسِّسي جهاز “مجد” الأمني، الذي كان هدفه هو تحديد الجواسيس الفلسطينيين الذين يعملون لمصلحة إسرائيل، والذين قُتِل بعضهم. وسُجِن السنوار في العام 1989 لدوره في بعض عمليات القتل تلك.
ونشأ السنوار -الذي يُعَد أخوه محمد شخصيةً بارزة أخرى في حماس- وساهم في التحضير لعملية تبادل الأسرى التي أُطلِقَ فيها سراح يحيى، جنوبي قطاع غزة، داخل مخيم خان يونس للاجئين.
ويُعَد السنوار هو القطب المُقابِل لمشعل، سواء من حيث نمط حياته البسيط، أو نفوذه الذي مارسه في سريةٍ نسبية، بعيداً عن التغطية الإعلامية. ويُوصَف بأنَّه زاهد، ومنضبِطٌ للغاية، وغير منزعج من إمكانية اللجوء للمواجهة.
ومنذ الإفراج عنه في صفقة شاليط، التي قِيل إنَّه عارضها من داخل السجن، بدا السنوار مُصِرَّاً على عدم السماح بأي تبادلٍ مستقبلي للأسرى استناداً إلى شروطٍ شبيهة. فكان السنوار هو من أفادت التقارير بمسؤوليته عن عرقلة محادثاتٍ جرت مؤخراً لمبادلة المزيد من أسرى حماس مقابل أسرى إسرائيليين ورفات جنودٍ إسرائيليين.
وشكا السنوار من أنَّ الصفقة التي أُفرِج عنه بموجبها لم تكن ناجحةً بالصورة المطلوبة، وتركت أسرى حماس الآخرين الذين لا يزالون داخل السجن.
ووصف يارون بلوم، الذي كان حتى وقتٍ قصير مسؤولاً بارزاً في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي “شين بيت”، السنوار، في إذاعة صوت إسرائيل قائلاً: “إنَّه شخصيةٌ كاريزمية، وليس فاسداً، وهو متواضع ويؤيد اتِّخاذ إجراءاتٍ. وسيقوم بكل شيءٍ من أجل تعظيم وجني أكبر المكاسب من جثتي الجنديين الإسرائيليين أورون شاؤول وهدار غولدن، والجندي الأسير أبراهام أفيرا مِنغِستو، والشخص البدوي، الذين تحتجزهم حماس. وسيقوم بكل ما في إمكانه للقيام بهجماتٍ إرهابية”.