صحيفة القبس تكشف: مسابقة “العشر أصابع” تعصفُ في المدارس الإبتدائية العربية وفي مدارس جت، ولماذا غابت المدارس اليهودية عن المراتب العشرة الأولى؟
تقرير: أحمد وتد
د. خالد أبو عصبة: “إذا لم تتوفر المصداقية في المنافسة فالأفضل عدم الدخول بها ماذا يعني حصول مدرسة على مرتبة معينة إذا لم يكن هناك مصداقية؟ وزارة المعارف أخطأت في توجهها وتعاملها مع هذه المسابقة هذا التنافس أدى إلى مردود سلبي هل يعقل أن أول عشر مدارس من بين 884 مدرسة هي عربية؟ نسبة الغش في التعليم العربي 8 أضعاف مما هي في التعليم اليهودي”
المربي محمد وتد – رئيس قسم المعارف في جت: ” “لم تصلنا أي شكوى رسمية بخصوص ما يجري حول المسابقة”
السيد غسان شرقية – رئيس لجنة الآباء المركزية في جت: “نرفض الغش بجميع أشكاله وعلينا أن نربي ثقافة الصدق في أبنائنا”
على إثر ما نشره موقع القبس الثلاثاء الماضي، حول المسابقة القطرية في الرياضيات والتي أطلقتها وزارة التربية والتعليم تحت اسم “مسابقة العشر اصابع”، فقد أثارت شكوكا كبيرة لدى الأهالي وعبروا من خلال اتصالاتهم وتعقيباتهم، عن مدى استيائهم من الطريقة التي تُدار بها هذه المسابقة، بعد أن “كشفت لهم أمورا” على حدّ قولهم.
هذه المسابقة، أطلقتها الوزارة في الفترة الأخيرة، بعد أن أطلقت سابقًا، مسابقة الـ “كودمانكي” والتي كانت فقط للأجيال من الرابع وحتى السادس، بينما هذه المسابقة “العشر أصابع” فهي للأجيال من الأوّل وحتى السادس، ويشترك فيها 884 مدرسة عربا ويهودا.
يقوم الطالب بالاشتراك بها من خلال موقع خاص، باستخدام كلمة سر خاصة به، ويقوم بحل الأسئلة المطروحة والعبور عبر مراحل مختلفة تناسب جيله، وإزاء هذه المنافسة القطريّة، فقد شهدت قرية جت وعلى مدار الأسبوع الأخير، نشاطا وفاعلية شديدة، من أجل المشاركة بها.
ومما يجدر ذكره، أن النتائج يتم عرضها أولا بأول على موقع المدرسة، حسب الصفوف والطبقات، فخلقَ جوا للمنافسة عند الأهالي والرغبة لرؤية أسماء أبنائهم.
كما أن هذه النتائج تُعرض عبر موقع مكشوف للجميع، يظهر ترتيب المدارس المشتركة كلّها بحسب النقاط، ويظهر تقدّم كل مدرسة ومدرسة وارتقائها لمركز أعلى أو نزولها لمركز أقل.
وقد أظهرت نتائج المسابقة، والتي انتهت أول أمس الأربعاء، أن الحاصل على المراتب العشرة الأولى هي المدارس العربيّة، والمُلفت أن مدارس جت الابتدائية الثلاثة هي ضمن المراتب العشرة الأولى.
أما على المستوى المحلّي، فنجدُ أن مدرسة ابن رشد تحتلّ المرتبة الثانية، ومدرسة الزهراء المرتبة الثالثة، ومدرسة الشافعي في باقة تحتل المرتبة الرابعة، ومدرسة ابن خلدون أم الفحم في المرتبة الخامسة، أما مدرسة الفاروق فتحتلّ المرتبة السادسة.
هذه المسابقة، جعلت المنافسة شديدة، بين المدارس وخلقت أجواء تنافسيّة بين الطلاب أنفسهم، وحتى أنها أشركت الأهالي ليكونوا ضمن هذه المنافسة في التشجيع والتحفيز.
وقد عملت كل مدرسة بالإمكانيات المتوفرة لديها، ومن خلال طواقم المعلمين فيها، وخطط خاصّة بها، من أجل حثّ الطلاب وتحفيزهم على المشاركة فيها، وإشراك الأهالي حيث كان لهم الدور الفاعل في هذه المهمّة على مدار الأيام الأخيرة.
الأهالي: “النتائج تثير الشكوك”
ويشير عدد من الأهالي عبر تعقيباتهم واتصالاتهم، أن نتائج المسابقة “غير نزيهة” على حد قولهم، مستعرضين الطرق التي تم نهجها، فمنهم من قام بالحل مكان أبنائهم حتى في ساعات متأخرة من الليل، ومنهم من قام بإعطاء “الأرقام السرية” لبعض الطلاب من الأجيال المتقدمة ليحلوا المسابقة، وغيرها من الطرق “الاحتيالية” على حد قولهم، التي تم استخدامها من أجل رفع مستوى المدرسة والترفع لمراكز أعلى، تاركين الهدف الأسمى وهو استفادة الطالب ممّا تعرضه المسابقة من فحوى ليعود عليه بالفائدة التعليمية.
د. خالد أبو عصبة: “ماذا يعني حصول مدرسة على مرتبة معينة إذا لم يكن هنالك مصداقية؟ ووزارة المعارف أخطأت في التعامل مع هذه المسابقة”
أمام ما كشف من خلال تصريحات الأهالي، توجّه مراسل صحيفة وموقع القبس للدكتور خالد أبو عصبة مدير معهد مسار للأبحاث والذي بدوره عقّب على نتائج المسابقة، حيث أكّد على أن المنافسة يجب أن تكون منافسة بها نوع من المصداقية، أي مساواة في الفرص بين الجميع، لكي يثبتوا قدراتهم وإمكانياتهم.
وتابع بقوله: “إذا لم تتوفر هذه المصداقية فالأفضل عدم الدخول في هذه المنافسة، لأن مردوده السلبي قد يكون أصعب بكثير من مردوده الإيجابي، وذلك في حال أن المنافسة غير شريفة وغير موثوق بها”.
وقال: “المقصود من المنافسة هي محاولة التعزيز لدى الطلاب، ويُقدّم لهم الشكر والثناء على اجتهادهم ودفعهم إلى الأمام حتى يستطيعوا استغلال قدراتهم، لكن في حالة كون الممنافسة غير شريفة والتي تنعدم للمصداقية مائة بالمائة، فهذا التعزيز يتحول إلى تعزيز سلبي وإلى إحباط عند كثير من الطلاب وعند كثير من المدارس”.
ثم يتساءل الدكتور خالد: “ماذا يعني بأن مدرسة حصلت على المركز الأول ومدرسة على المركز الرابع أو العاشر، إذا لم يكن هنالك مصداقية؟ بالتالي هذا يؤدي إلى إحباط ويؤدي إلى العداوة حتى بين المدارس وطاقم المعلمين. وهذا سلبي جدا، لذا يجب الامتناع عن ذلك”.
ويوجه الدكتور خالد أبو عصبة لومه إزاء ما حصل في هذه المسابقة، لوزارة المعارف، حيث قال: “ربما ربما كان الهدف إيجابي من وراء هذه المسابقة، لكن أعتقد بأن وزارة المعارف، قد أخطأت في توجهها، وأخطأت في أسلوب التعامل في هذا الموضوع، فيجب عدم نشر هذه المعطيات، فإذا نشرت هذه المعطيات، فيجب أن تنشر فقط في نطاق كل مدرسة ومدرسة وليس من ناحية ترتيب بين المدارس، لأنه ما القصد من الترتيب؟ هذا الترتيب يؤدي ليس فقط إلى تنافس كما قصدوا، وإنما إلى مردود سلبي.
وتابع بقوله: “إذا أرادت المدرسة أن تكرم طلابها المتفقوين، تستطيع أن تجد السبل والطرق الى ذلك بطرق لا تسيئ للآخرين.
كما أنه من حق الطالب الذي لا يوجد لديه قدرات عالية في الرياضيات، بأن لا نحبطه أكثر مما هو محبط. لذلك يجب إيجاد السبل والطرق لدعم الطلاب المتفوقين ودفعهم إلى الامام لاستغلال قدراتهم وبنفس الوقت عدم إحباط الآخرين.
يجب التحقق من مصداقية نشر حصول مدرسة معينة على نتائج مشرفة
ويكمل الدكتور أبو عصبه حديثه قائلا: “مجتمعنا متشوق ومتعطش إلى الايجابيات، ذلك لوجود كثير من السلبيات، وأحيانا الجمهور متعطش أن يسمع اخبارا ايجابية وإنجازات. ولكن يجب أن نكون حذرين في حالة النشر وأن نكون متأكيدن مما نشر بالسلبيات وبالإيجابيات، يجب أن نكون على ثقة وبينة بأن هذه الامتحانات، والاختبارات ذات مصداقية عالية، فإذا لم تكن ذات مصداقية عالية فالمردود سيكون سلبي جدا على الآخرين أفرادا وجماعات، على المعلمين والطلاب والأهالي، فماذا خدمنا بهذه الطريقة؟
وتابع: “كما أني احيانا أرى من خلال وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي تهنئة لمدرسة كذا بحصولها على كذا، ولكن هل هذا فيه مصداقية؟ فمثلا رئيس بلدية أو رئيس مجلس أو لجنة أولياء الأمور يهنئون مدارس معينة، هل أنت على ثقة ما تقوم به، أنا أشك بذلك!
“ظاهرة الغش في التعليم العربي”
وتطرق الدكتور خالد ابو عصبة في حديثه للقبس عن ظاهرة الغش معقبا على نتائج المسابقة، بقوله: “هل يعقل من النتائج أن أول عشر مدارس من 884 مدرسة في اسرائيل هي مدارس عربية؟ هذا بحد ذاته يثير الشك!
ثم تساءل: “لماذا هذه المدارس وهؤلاء الطلاب لا يستمروا في المراحل الأخرى في البيزا وفي امتحانات البجروت وفي الـ 5 وحدات في الرياضات؟! وفي بالسيكومتري؟
اذا هذا علامة شك، ويثير تساؤلات كثيرة، فأنا أعلم وعندي معطيات ومعلومات بأن ظاهرة الغش في التعليم العربي هي 8 أضعاف الغش في المدارس اليهودية، وهذا معروف على مستوى راما في وزارة المعارف، وانا أتحدى راما أن تبرز هذه النتائج، ووزارة لمعارف لا تريد أن تظهر هذه النتائج لأنها تعي جيدا أنها اذا كشفت عن النتائج، سوف تكون هناك صدمة في داخل المجتمع العربي من حيث التحصيل.
لذلك يجب علينا ان نكون ذحرين جدا، نحن لا نريد أن نعزز الغش، نحن نريد أن يكون الأمر واضحا وصريحا، وان نكون على بينة مما نحن فاعلون، لانه باعتقادي نحن نساعد في ظاهرة الغش في حالة النشر”.
“علينا أن نعزز الصدق والتربية القيمية”
ويكمل الدكتور خالد في حديثه متطرقا إلى القيم التربوية التي علينا أن نعززها في نفوس أبنائنا: “نحن نسيء للتربية وللقيم، فالأهالي يعلمون أن هناك غش، حتى أن المعلمين أنفسهم يعلمون ذلك في حالة الغش، والمدارس والإدارات تعلم ووزارة المعارف تعلم.
نحن نريد أن نعزز التربية القيمية، واذا أردنا أن نعزز التربية القيمية علينا أن نعزز الصدق، على أن يكون هنالك مكاشفة وشفافية، فأين الصدق والشفافية والمكاشفة في مثل هذه الحالة؟ نحن نعمل العكس بالضبط، لذلك هنا تظهر خطورة الموضوع”.
وتساءل كذلك معقبا مرة أخرى على النتائج: “هل هذه النتائج لا تثير الشكوك لدى وزارة المعارف بأن اول 10 مدارس هي مدارس عربية؟ أيعقل هذا؟ لماذا وهم صغار يكونوا عباقرة وعندما يكبروا يختفون؟ نحن نملك العباقرة في مجتمعنا ولكن ليس بهذا المقدار! علينا أن نكون متواضعين ونعي بالضبط الواقع الذي نحن نعيشه.
“المسؤولية تقع على وزارة المعارف”
وعن المسؤول حول ما يحصل يرى الدكتور خالد أبو عصبة بأن الوزارة هي المسؤولة عن ذلك، فيقول: “في هذه الواقعة، أحمل وزارة المعارف المسؤولية، ولا أحمل المجلس المحلي فهو لم يبادر لهذه المسابقات، ولا قسم المعارف، الأهالي كان عليهم ضغوطات، ولكن خوفا من أن يكون هناك احباط لدى الأولاد، فربما قام بعض الأهل بأعمال تخل بالقيم، ولكن أحمل المسولية كاملة لوزارة المعارف، وهي عليها أن تفحص إذا كان هناك غش أو لا، وأن تكف عن مثل هذه المسابقات، إما أن تضمن أن تكون هناك شفافية ومصداقية ونزاهة في المسابقة وإما بلا.
“المنافسة الشريفة”
وعلى مستوى المدارس والطواقم فيما يخص المنافسة عقب على ذلك بقوله: “يجب على جميع الزملاء والزميلات أن يتعاونوا سوية، وكل يدلي بدوله، وأن يتعلموا من بعضهم البعض، فنحن ننادي بإقامة بنك للمبادرات ليستخدموها، ولكن ان يكون هناك منافسة وان يصلوا لحد أن يتهموا بعضهم البعض وتكون هناك عداوة فهذا يسيء للطلاب ويسيء للجو ويسيء للثقافة التربوية والتعليمية على مستوى البلد.
فانا أمقت ذلك وأرجو كل الرجاء من الزملاء والزميلات بأن يكفوا عن ذلك، إذا كان مثل هذا الأمر، وأن يجدوا السبل والطرق للتعاون سوية.
غسان شرقية: “نرفض الغش بجميع أشكاله وعلينا أن نربي ثقافة الصدق في أبنائنا”
أما رئيس لجنة الآباء المركزية في جت السيد غسان شرقية قال معقبا عن هذه المسابقة بعد توجه مراسل القبس له فيما يخص الحديث الذي يدور بين الأهالي من شكاوى، قال:
“لا بد أن اقدم شكري بداية لجميع المدارس على المجهود الذي بذلته، وأؤكد أننا في لجنة الآباء المركزية في جت، نهتم بموضوع التربية والتعليم، ونوليه اهتماما كبيرا، ونتابع الأمور مع اللجان المدرسية، وإزاء ما وصلني من بعض الأهالي وشكاوى حول ما يدور في آلية تمرير المسابقة في بعض المدارس، فإنني أؤكد أنه يجب علينا تعزيز قيمة الثقة بالنفس لدى أبنائنا، ونعزز قيمة الصدق بنفوس أطفالنا، فالأمر الذي يخالف ذلك، فهو يضر بمصلحة التربية والتعليم وبالقيم، وفعلى كل طالب أن يقدم ما بمقدوره وبوسعه.
وتابع بقوله: “عندما يتحول التنافس لتنافس أهالٍ، يصبح الشيء فاقدا للمعنى. لذا فأننا نناشد بمثل هذه مسابقات ان تكون بنطاق المعقول وأن تكون للطلاب فقط من أجل تحصيلهم واستفادتهم، وليس من أجل المراكز والمراتب والاسم والشهرة.
فيجب العمل على تذويت قيمة الصدق، ليعمل وفقها.
فعلينا أن نربي أبناءنا على قيمة الاعتماد على نفسه، فحلّ الأهالي لأولادهم في هذه المسابقة يضر ولا ينفع.
المربي محمد وتد: “لم يصلنا أي شكوى رسمية في هذا الشأن”
هذا، وقد توجه مراسلنا لرئيس قسم المعارف في المجلس المحلي في جت المربي محمد وتد حول هذه المسابق حيث قال: “هذا الموضوع داخلي في المدارس نفسها، فقسم المعارف ليس من شأنه هذا الأمر وبما يخص المسابقة التي هي مسابقة قطرية في جميع المدارس وليس فقط في جت، وما علمناه ووصلنا ليس بشكل رسمي كشكوى أو انتقاد، من قبل أي جهة، كلجنة آباء أو غيرها، لذلك لن يكون لنا توجه ليس مسنود”.
ثم تابع بقوله: “على لجنة الآباء أن تتوجه لنا نحن كقسم معارف، وتخبرنا بما يحصل من أمور معينة، فلا يمكننا التوجه للمدراء في المدارس بدون طلب رسمي، وفقط بالعتماد على حديث بينهم على مستوى محلي”.
وختم بقوله: “أين كانت لجان الآباء على مدار أكثر من شهر؟ فإذا كانت لجنة الآباء المحلية والمركزية تعلم بما يحصل في المدارس، لم لم يكن هناك توجه لقسم المعارف في المجلس؟ بغياب مستندات نعتمد عليها بشكل قاطع، لا يمكن لقسم المعارف التوجه للمدراء بناء على حديث يدور بين الناس”.