هل يرخص لأصحاب الأعمال الشاقة كعمال العمار ونحوهم الإفطار ؟
الجواب :الحمد لله والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد رسول الله؛ وبعد :
بداية نسأل الله تعالى أن يمدد العمّال بحول من لدنه ومعونة لما يتكبدونه من المشقة والتعب وشدة الحرّ … واطمئن أخواني العمّال الذين يجاهدون أنفسهم بالصيام بمزيد الأجر والثواب فالأجر كما يقال على قدر المشقة فهنيئا لهم مزيد الثواب ورفع الدرجات ……
وبناءً عليه نقول بخصوص أصحاب الاعمال الشاقة كعمّال العمار ونحوهم:
يجب على أصحاب الأعمال الشاقة القيام يوميا بالخطوات الآتية :
أ.أن يخرج العامل من بيته صائماً يومياً .
ب. أن يبدأ العمل وهو صائم فإن وجد مشقة شديدة فوق القدرة والطاقة بسبب جوع أو عطش شديدين بحيث خشي على نفسه الأذى أو الضرر جاز له الإفطار ولكن بشرط ألاّ يجاهر بفطره ويلزمه القضاء بعد رمضان …
قال الله تعالى :
”
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ”
قال ابن كثير في تفسير الآية الكريمة:
{ وجاهدوا في اللّه حق جهاده} أي بأموالكم وألسنتكم وأنفسكم، كما قال تعالى: { اتقوا اللّه حق تقاته} ، وقوله: { هو اجتباكم} أي يا هذه الأمة اللّه اصطفاكم واختاركم على سائر الأمم، وفضلكم وشرفكم وخصكم بأكرم رسول وأكمل شرع، { وما جعل عليكم في الدين من حرج} أي ما كلفكم ما لا تطيقون، وما ألزمكم بشيء يشق عليكم إلا جعل اللّه لكم فرجاً ومخرجاً، ولهذا قال عليه السلام: (بعثت بالحنيفة السمحة) وقال لمعاذ وأبي موسى حين بعثهما أميرين إلى اليمن: (بشّرا ولا تنفّرا ويسّرا ولا تعسّرا)، والأحاديث في هذا كثيرة، ولهذا قال ابن عباس في قوله: { وما جعل عليكم في الدين من حرج} يعني من ضيق ” .
وقال سبحانه وتعالى أيضا : ” لا يكلّف الله نفساً إلاّ وسعها ” …
هذا ونحذّر من تهاون بعض العمّال بالافطار حيث يخرجون من البيت وهم مفطرون ولا يبيتون النية للافطار في كلّ يوم بل يخرجون بنية الافطار أصلا وعدم محاولة الصّيام …
جاء في حاشية البيجوري الشافعي ( 1\448 ) : “أصحاب الأعمال الشاقة كالحصادين والزارعين والدارسين ونحوهم ، يجب عليهم النية من الليل ( قبل الفجر ) وإن احتاجوا للفطر أفطروا وإلاّ فلا ، ولا يجوز لهم ترك النية من أصلها كما يفعله بعض الجهلة ” .
– ومن الجدير بالذكر أنّه إن أمكنه أن يعطّل أو يعمل صباحاً مبكراً أو في ساعات الليل فيجب عليه ذلك وليس له الإفطار .( انظر : حاشية ابن عابدين ، 3\401 ، كشاف القناع ، البهوتي ، 2\358 ).