20 ألف مريض في إسرائيل بـ “حمى البحر المتوسط”!
20 الف مريض في إسرائيل مُصابين بـ “حمى البحر المتوسطة”، وعدد آخر قد يصل إلى الاف لم يتم تشخيص حالته بعد!، هذا آخر ما عرضته جمعية “عنبار” داعية الجمهور في إسرائيل، وضمن حملة خاصة، للوصول من أجل تشخيص المرض الوراثيّ بسبب مخاطره الصحيّة علمًا أنّ غياب العلاج المناسب في الوقت المناسب قد يؤدي إلى اضرارٍ لا تحمد عقباها.
يُشار إلى أنّ مرض “الحمى العائلية”- أو “الحمى البحر متوسطية- FMF”، والذي أطلق عليه ايضًا اسم “الحمى الغامضة” لسنوات كثيرة، كان مرض من الصعب تشخيصه إلى ما قبل العقدين الأخيرين، وقد سميّ بحمى البحر المتوسط لأنه مرض شائع في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وعند الاعراق من العرب والأتراك والإيطاليين والأرمن، فنسبة حدوثه بين هذه الشعوب هي 1-3 بالألف، بينما تندر مشاهدتها في الأجزاء الأخرى من العالم!.
ويدور الحديث عن مرض مُرّكب، بسبب الأعراض المتنوعة التي ميزته، من موجات حم يرافقها التهاب غشاء البطن والصدر، أوجاع غامضة، انتفاخ وأوجاع في المفاصل وغيرها. هذه العوارض نُسبت قبل التشخيص الوراثي، الذي تطوّر قبل عقديّن، لالتهاب الزائدة الدودية، إلتهابات مفاصل، أو مشاكل هضم صعبة.
وتراوحت مدة الهجمات لهذه العوارض بين عدد من الساعات حتى أربعة أيام، ولدى غالبية المرضى ظهرت عوارض المرض الأولى بسن الصغر، قبل عمر 10 سنوات، وفي حالات نادرة فقط ظهر المرض لأول مرة بسن البلوغ.
تطور في تشخيصِ المرض
بالسنوات العشرين الأخيرة، مع ارتفاع قدرة التشخيص الوراثي للمرض وارتفاع الوعي لوجوده، انكشف العلم أكثر إلى مرض “حمى البحر المتوسط” واليوم شُخص في إسرائيل حوالي 20000 مريض، من اطفال وبالغين!.
والمثير في الموضوع، كما ذكر آنفًا، فأنّ غالبية المُصابين هم من اليهود من أصول عراقية وشمال أفريقية ومرضى من المجتمع العربي، والتقدير هو أن آلاف أخرى مصابة بالمرض الوراثي- جيني، لكن لم يُشخصوا أبدًا وعلى ما يبدو أنهم ليسوا على دراية بذلك وينسبون الأعراض لمشاكل صحية منتشرة أخرى!.
والمفاجئ أكثر، وفق معطيات جمعية “عنبار”، أنه على الرغم من وضوح المرض وسط من هم من طوائف شرق اوسطيّة، إلا أن المرض بدأ يظهر ايضًا بالسنوات الأخيرة لدى من هم من طوائف أخرى، بيد أن نسبة المصابين من أصول شرق اوسطية لا زالت الأعلى في صفوف المرضى.
ويشير القيّمون على جمعية “عنبار” على أنه يتم تشخيص المرضى “الجدد” على الغالب بتأخير كبير، الأمر الذي يرافقه أحيانا علاج خاطئ، فحوصات غير ضرورية، إعطاء علاج أدوية وأنتيبوتيكا خاطئة، مما يؤدي إلى احداث ضرر اكبر بالمرضى صحيًا ونفسيًا.
خطورة المرض
حول هذا الموضوع، أعراضه ومخاطره، تحدثنا إلى د. محمد حمد، المختص في مجال أمراض المفاصل في مستشفى شنايدر ومستشفى الكرمل وقال في السياق: حمى البحر المتوسط هو مرض منتشر نسبيًا ايضًا في المجتمع العربي، والحديث يدور عن مرض وراثيّ الذي ينتقل من الوالدين للأولاد، ولانتشاره يجب على الوالدين أن يكونا حاملين له. إنسان صاحب جين واحد مُصاب، محتمل أن يعيش حياته بدون أن يمرض بالمرض، ولا يكون مدركًا لكونه يحمل المرض، إلى أن ينتقل لأولاده.
واضاف د. حمد: من المهم تشخيص المرض وعلاجه مبكرًا، غياب التشخيص قد يُؤدي إلى أضرارٍ كبيرة إلى المدى القريب والبعيد، فكل نوبة للمرض وظهور عوارضه تسبب معاناة شديدة للمريض وعائلته، ويُبقي نُدُباً على أعضاء حيوية خاصة؛ الكبد والكليتان.
واضاف: التشخيص المتأخر أو غياب العلاج قد يجر ضررًا غير قابل للتصحيح بهذه الأعضاء الحساسة، لربما تصل إلى المس بالكلى وبالتالي يضطر المريض إلى الخضوع إلى علاج الدياليزا (غسل الكلى) او زرع الكلى.
وأوضح د. حمد: مع تطور قدرات التشخيص الجيني، يمكن اليوم التشخيص المُبكر، الذي يعتمد بشكل أساسي على سوابق حالات وشكوى المريض مع الاستعانة بالتشخيص الجيني، الذي يمكن اليوم بسهولة كبيرة، بفحص دم بسيط، أن تحدد الطفرة الجينية، وبالتالي معرفة إذا ما كان المرض موجودًا.
وقال: نصيحتي للوالدين، في حالة وجود شك، بحالات ارتفاع حرارة متكرر غير المُفسر طبيًا، مع آلام بطن شديدة عابرة عفويا خلال عدد من الأيام، الام في الصدر، في القدمين أو المفاصل، يجب الشك بحمى البحر المتوسط والتوجه للفحص، خاصة إذا ما كان المرض معروفًا في العائلة او أنّ المريض من اصول شرقيّة.
التعقيدات تثير خوفًا كبيرًا لدى المرضى
وحول التعقيدات التي يمكن أن تحصل لدى مرضى FMF والذين لم يتم كشفهم وعلاجهم بالوقت المناسب، يقول د. حمد: هنالك عدد من التعقيدات قد تصيب المرضى حال لم يتم تشخيصهم وعلاجهم في الوقت المناسب، طبعا بالإضافة إلى المعاناة التي تصيب المريض وعائلته في كل نوبة الام أو حرارة، ومن هذه التعقيدات:
ضرر بالأداء الوظيفي للكليتين- “عميلوئيدوزيس- مرض يتمثل بغرق البروتينات النشوية بشكل غير طبيعي بنسيج أو أعضاء الجسم: هذا التعقيد الأصعب الذي ينتج عن طفح البروتين في خلايا الجسم. بالبداية يغرق (يطفح) البروتين في الكليتين وتباعًا يضر بأجهزة الجسم المختلفة. يمكن منع هذا التعقيد الصعب بواسطة تناول العلاج والدواء بصورة دائمة بدون تفويت الأوقات. في أكثر من 50% من الحالات التي لم يتم تناول العلاج بانتظام، يتطور التعقيد إلى مراحل صعبة.
عرقلة بالنمو: بالذات لدى الأولاد مرضى الـ FMF، يمكن للمرض أن يسبب عرقلة بالنمو. من معطيات بحثية وُجد أن العلاج المعياري في الـ FMF يمنع هذه الظاهرة.
فقر الدم المزمن: 30% من مرضى الـ FMF يعانون من فقر دم مزمن، الأمر الذي يسبب لهم ضعفا وانخفاضا باللياقة البدنية. علاج صحيح يُعيد مخزون الدم للوضع السليم.
واختم د. حمد بالحديث عن العلاج مؤكدًا أنه وإذا كان العلاج التقليدي غير فعالا للمرضى فالعلاج البديل موصى به، وأوضح قائلا: هنالك بالطبع مخاوف الا يتجاوب جسم المريض مع العلاجات التقليدية، عليه العلاجات البديلة والجديدة، وهي علاجات بيولوجية تعيق المرض موصى بها وممكن استعمالها.
الحياة قلبت إلى حجيم!
ايليت نكاش، وهي يهودية من أصول عراقيّة، زوجها (وهو أيضًا من أصول عراقيّة) مصاب بالمرض، مما أدى إلى انتقاله إلى أبنائها الثلاث، وحول هذا الموضوع قالت: يمكن باختصار القول إن حياتنا قلبت إلى جحيم. بدايةً تم تشخيص المرض لأبني عوز، وقد كان بالغًا، لاحقًا حذرنا الأطباء أنّ أولاد نوعم وشيرا، وهما صغيرا السن، ممكن أن يكونا مصابين بالمرض نظرًا ولأن الوالد مصابًا به.
وتضيف: مع الفحوصات لنوعم وشيرا وجد فعلا أنهما مصابان ايضًا بالمرض، واليوم ثلاثة أولادي يتلقون علاجًا دائمًا لمنع تطور المرض، مما يؤدي إلى المس بالكلى.
وعن المعاناة تقول: عوارض المرض لأطفالي الثلاث ووالدهم مختلفة، فكل منهم طور عوارض مختلفة عن الأخر، لكن ما يجمعهم سوية صعوبة الحركة والتنقل، فلا زالت لديهم القدرة على المشي أو المسير إلا أن هذه القدرة محدودة بشكل كبير، لدرجة أنهم لا يشاركون بأية رحلة مدرسية أو نشاط رياضي، على الرغم من أنّ هواية نوعم هي كرة القدم، وقد حرم منها.
وتضيف في السياق: قد تمر ايامًا بدون عوارض إلا أنّ هجوم العوارض يشكل حركة الأطفال، ناهيك على الألم المرافق لها، وهو ألم لا يحتمل، نضطر بسبب ذلك إلى المكوث في المستشفى لأيام طوال.
وأوضحت: من نافل القول أنّ المرض وخضوعنا لعلاجات مكثفة مس بشكل كبير راحتنا في البيت وقدرتنا الاقتصادية، حيث اضطررت إلى التنازل عن عملي وأعمل فقط في الترجمات حتى أساهم في المصاريف إلا أنّ هذا ليس بكافٍ.
واختتمت بالقول: نصيحتي إلى الأهالي، ممن هنالك شك بأن يكونوا حاملين للمرض، أن يقوموا بإجراء الفحوصات بشكل مبكر، فلدى شيرا نجحنا أن نعرقل تقدمه لكن المرض مس بقدرة نوعم على النمو بشكل كبير واليوم يخضع إلى علاجات مكثفة تساعده على النمو والطول بشكل يصل إلى الحد الأدنى من طول زملائه في الصف.
بقي أنّ نشير في السياق أنّ جمعية “عنبار” تنشط مؤخرًا في المساعدة في العلاجات البديلة والفحوصات اللازمة حيث خصصت موارد من أجل تشخيص المرض جينيًا لمنع الوصول إلى التعقيدات التي ذكرت آنفًا والتي تؤثر على حياة المريض الصحيّة والاجتماعية. للتواصل مع جمعية “عنبار” ممكن معاينة الروابط التاليّة:
http://www.inbar.org.il/ https://www.facebook.com/amutatinbar