ماهي أسباب نقص المعلمين في السويد
تعاني السويد من نقص هائل في أعداد المعلمين، حيث تُقدر الإحصائيات الحكومية عن حاجة البلاد الى نحو 77 ألف معلم بوظيفة دوام كامل خلال الخمس سنوات القادمة، بينما تحتاج مقاطعة يافلبورغ بمفردها إلى نحو 2000 معلم خلال العامين القادمين. فما هي الأسباب التي أدت إلى هذا النقص الحاد في أعداد المعلمين في البلاد؟
السويديون والنرويجيون لا يحترمون مدارسهم
لا تحضى المدارس في السويد والنرويج بإحترام واسع ما بين عامة السويديين والنرويجيين على عكس المدارس في فنلندا والتي يُعرف عنها بانها أكثر إلتزامًا وجدية من المدارس السويدية والنرويجية. وبالإضافة إلى ذلك، تُركز المدارس الفنلندية على عكس المدارس السويدية والنرويجية على الجانب العلمي كالرياضيات والفيزياء والكيمياء أكثر من الجانب الفلسفي كالدين واللغة والديمقراطية. وعلاوة على ذلك، يتمتع المعلم في فنلندا على عكس المعلم في السويد والنرويج بصلاحيات قانونية في التصرف وتحديد مصير الطلاب المسيئين.
الطلاب لا يفضلون الدراسة في برامج إعداد المعلمين
تُشير إستطلاعات الرأي في السويد إلى ان معظم الطلاب لا يفضلون الدراسة في برامج إعداد المعلمين بالجامعات الحكومية، ويختارون بدلًا منها برامج أكثر سهولة بحيث يكملون الدراسة فيها خلال فترة زمنية قصيرة. وقد أظهرت الإحصائيات الحديثة ان نحو 60 في المئة من الطلاب في برامج إعداد المعلمين يفرون منها خلال السنتين الأولى والثانية، بينما يفضل نحو نصف عدد النسبة المتبقية من الـــ40 في المئة ترك مهنة التدريس بعد تخرجهم منها. يذكر ان برامج إعداد المعلمين في الجامعات الحكومية تتطلب مدة زمنية تتراوح ما بين ثلاث إلى خمس سنوات لإتمامها.
فرار المعلمين من المدارس السويدية
تشير الإحصائيات الحديثة إلى ان نحو 13 في المئة من المعلمين تعرضوا للتهديد والضرب من قبل الطلاب في مقاطعة يافلبورغ وسط البلاد، ويزداد العدد كلما تحركت البوصلة جنوبًا، مما زادَ بشكل ملحوظ من هجرة العديد من المعلمين المدارس السويدية. وفي المقابل، يعاني المعلمين من النقص في اجورهم مقابل ساعات عملهم الطويلة، حيث يتقاضي بعض المعلمين نحو 25 ألف كرون سويدي شهريًا والتي لايمكن ان تغطي نفقات معيشة أسرهم أو دفع قروضهم المالية التي إستلفوها خلال دراستهم الجامعية. وعلاوة على ذلك، يشكوا المعلمين في المدارس السويدية من إزدياد المسؤوليات عليهم، حيث من واجبات معلم الرياضيات في المدارس الثانوية مثلًا ان يكون معلم رياضيات وبنفس الوقت ان يكون مُعالج لمشاكل الطلاب الإجتماعية كأن يواجه التحرش الجنسي والبلطجة والخِلافات بين الطلاب داخل الفصول الدراسية من دون صلاحيات قانونية في تحديد مصيرهم!
إزدياد أعداد المعلمين غير المؤهلين
تشير الإحصائيات الحديثة إلى ان نحو 4 في المئة من المعلمين غير مؤهلين ولايحملون رخصة التدريس بسبب عدم مواصلتهم الدراسة في برامج إعداد المعلمين بالجامعات الحكومية. ويلعب الدور الرئيسي في خلق هذه الفجوة نقص أعداد المعلمين كذريعة للتعيين في الوظيفة بجانب العلاقات الإجتماعية وفساد بعض السياسيين في المجالس البلدية.
إزدياد أعداد الطلاب المهاجرين
تَدفق الالاف من الطلاب المهاجرين من سوريا والعراق وافغانستان وافريقيا إلى السويد خلال السنوات الأخيرة، والمعضلة الرئيسية ليست بأعدادهم بل بمستواهم العلمي، حيث يعاني أكثر من ثمانين في المائة من هؤلاء الطلاب من فترة إنقطاع دراسي خلال إنتقالهم إلى البلاد أدت إلى تراجع مستواهم العلمي. ولكي يواصل هؤلاء الطلاب دراستهم بما يوزاي النظام التعليمي السويدي تتطلب العملية جهدًا كبيرًا في توفير معلمين مؤهلين يعملون من جديد على بناء وتطوير هؤلاء الطلاب.
دائرة المدارس السويدية من دون سلطة حقيقية
لا تمتلك دائرة المدارس السويدية صلاحيات قانونية في تغيير بند واحد في قانون المدارس والمنهاج الدراسي، فمثلًا يعترض الكثير من المعلمين السويديين على إقامة الإحتفالات الدينية داخل المدارس مثل عيد لوسيا لإن ذلك سيزيد من الفجوة الدينية بين الطلاب بجانب انه عيد خُرافي يرفضه الجانب العلمي، ومع ذلك ترفض دائرة المدارس السويدية حظره بحجة انها لا تمتلك صلاحية لعمل ذلك وترمي بالمشكلة برمتها إلى البرلمان السويدي. وعلاوة على ذلك، لم تعد الكثير من البنود في قانون المدارس 800 لعام 2010م والمنهاج الدراسي لعام 2011م مناسبة للتعامل مع مشكلة زيادة أعداد الطلاب في المدارس خلال السنوات الأخيرة وما نجم عنها من بروز تحديات إجتماعية حديثة مثل متابعة بعض الطلبة للمواقع الأباحية وسهولة الوصول إلى المُسكرات والمخدرات والأسلحة النارية. وخلاصة القول حول دائرة المدارس السويدية كما اخبرني رئيس مجلس التعليم في أحدى المقاطعات بانها “مُنظمة من دون سلطة حقيقية”.