اللواء جمال حكروش: “الطفل المخطوف كريم لم يكن موجودًا داخل إسرائيل بل في مكان لا تستطيع الشرطة الوصول إليه”
اجرت صحيفة الصنارة لقاء خاص مع اللواء جمال حكروش وطرحت أمامه اسئلة وتسمع منه ما يقول عن ما استجد من مهام وما يراه من ردّ على الأحداث خاصة الأخيرة والمستجدة منها . وما من شك ان حادثة اختطاف الطفل كريم جمهور من قلنسوة وإعادته الى أهله بسلام بعد أيام من اختطافه والشكل الذي تمّت فيه عملية تحريره وما رافق ذلك من تداعيات ,أثارت العديد من التساؤلات والأسئلة المحيّرة عن دور الشرطة ومكانتها ومستقبل نشاطها في الوسط العربي خاصة اذا كانت ستتعاون بهذا الشكل المكشوف مع شخصيات مثيرة للجدل.هذا اضافة الى ما يتصل بنشاط الشرطة بشكل عام في المجتمع العربي واسقاطات ذلك على خفض او ارتفاع مستوى العنف والجريمة في المجتمع العربي.
- خلال اللقاء الأول في الصحيفة جاء في تعريف منصبك أنك “رئيس مديرية تحسين الخدمات الشُرَطية للمواطنين العرب” وقلتَ يومها: “أدعو كل من يعارض تكثيف تواجد الشرطة في المجتمع العربي الى تقديم البديل لمواجهة العنف” . ماذا تقدم منذ ذلك التاريخ وهل تشعر انك انجزت المهمة التي من أجلها تسنمتَ منصبك هذا وتحملت المسؤولية (المقابلة ننشرت في الصحيفة بتاريخ 18/2/16)؟
حكروش: اليوم لدي إثباتات. حينها تحدثتُ وقلتُ انه لا يمكن خفض مستوى العنف دون شرطة وهذا ما ثبت. وأحد الأمور التي تفيد المواطن العربي هو تقريب الشرطة منه وفي كل ذلك فائدة للمواطن العربي.
هناك موقعان فتحنا وأقمنا فيهما محطات شرطة والنتائج لا تقبل النقاش ولا خلاف عليها. مثال ذلك جسر الزرقاء . فمقارنة الفترة الماضية (منذ فتح المحطة الى اليوم) بنفس الفترة من العام الماضي نجد أن الجميع يعترف بالنتائج, وهي خفض مستوى العنف بشكل كبير.
- وكذلك في الأعراس؟
حكروش: بالنسبة للأعراس اعتقد أن هناك انخفاضاً كبيراً بفضل موقف الشرطة الحازم والإجراءات التي تتخذها الشرطة مسبقاً من دعوة صاحب العرس وتوقيعه على التزام وما الى ذلك. وكذلك ازدياد الوعي لخطورة الأمر. لنعد الى الجسر, فنجد خفض نسبة إطلاق النار في الشوارع بنسبة 73%. كذلك العنف الصعب هبط بنسبة 63% (خلال 7 أشهر مقابلةً مع السنة الماضية).القتل, خلال 7 أشهر من سنة 2017 قتل 4 أشخاص في جسر الزرقاء, هذا العام النتيجة صفر. هل هناك نقاش على هذه النتيجة ومَن أوصلنا إليها؟؟ وجود الشرطة في الشوارع في جسر الزرقاء.
- وكيف حال الوضع بالنسبة للسرقات سواء السيارات او البيوت؟
حكروش: في وسطنا العربي مقارنة بالوسط اليهودي نسبة السرقات اقل بكثير. ليست السرقة مشكلتنا. سرقات البيوت مثلاً في الناصرة مقارنة مع مدن يهودية نجد ان في المدينة اليهودية السرقات عشرة أضعاف ما هي في الناصرة, لكن هذا لا يعني انه لا يوجد.
- لو قارنا الوضع بين جسر الزرقاء والناصرة هل انخفض العنف في الناصرة؟
حكروش: حسب المعطيات الرسمية أيضا هناك انخفاض للعنف في الناصرة. واذا قارنا العنف في الناصرة بالنسبة لألف شخص مقارنة مع مدينة يهودية توازيها نجد ان النسبة في الناصرة اقل بكثير. لا يمكن القول ان الناصرة مدينة عنيفة ولكن يوجد عنف ويجب ان تتم مداواته . خاصة بالنسبة للخاوة, المنتشرة في الشارع النصراوي وهذا الأمر تتم معالجته من قبل الشرطة في الناصرة والنتيجة ليست سريعة, هناك شغل على هذا الأمر والشرطة متنبهة لهذا الأمر وفي الناصرة خلال هذه الفترة منذ بداية السنة كان هناك حالتا قتل إحداهما معروفة تفاصيلها والثانية ليست معروفة مقابل ما كان في السابق. وفي كل الشمال من 1/1 حتى 16/7 العام الحالي قُتل ثلاثة أشخاص. هذا انخفاض كبير جداً في حالات العنف الصعبة. ثلاث حالات تعرفت الشرطة على اثنين من المجرمين ولا زالت الحالة الثالثة غير مكشوفة. في المحصلة نجد ان نسبة الكشف عن الجريمة أيضا ارتفعت بنسبة كبيرة, يجب الحديث ليس فقط عن السلبيات بل والإيجابيات أيضا.
- عندما نتحدث عن العنف لا نعني القتل فقط؟
حكروش: وأنا أتحدث هل العنف بالمجمل واسأل هل بارتفاع أم بانخفاض. والحقيقة تؤكد أن هناك انخفاضًا بنسبة كبيرة جداً وهذا بفضل الشرطة. ومن جهتي كل حادثة عنف لوحدها هي حالة زائدة ويجب ان لا تكون. يجب ان لا نظل نعتقد أن العنف بارتفاع والحقيقة غير ذلك. سواء كان ذلك في الناصرة أم جسر الزرقاء ام كفركنا. وكذلك أم الفحم التي كانت في العناوين وكان العنف فيها بازدياد. منذ ثلاثة أشهر دخلت قوات شرطة إضافية الى أم الفحم اذ أن الشرطة موجودة هناك, واليوم نجد ان العنف انخفض في ام الفحم. لا توجد في الأشهر الأخيرة حوادث عنف في أم الفحم, حملة الاعتقالات الأخيرة التي حصلت في ام الفحم, وهناك حملة على الطريق, أنتجت هدوءًا في المدينة.
- هذا يؤكد مقولة ان الشرطة عندما تكون معنية أن تدخل بقوتها وهيبتها وتفرض القانون فان هناك نتائج؟
حكروش: أحد الشروط الأساسية ان تكون الشرطة أولاً ومن ثم نطالبها بالعمل. لا يمكن القول: لا نريد شرطة وبنفس الوقت نريد من الشرطة ان تعمل, أولاً الشرط ان تكون الشرطة موجودة وبعد ذلك نطالبها بان تقوم بدورها.
- أين كانت الشرطة قبل سنوات. حيث كان هناك تقصير واضح من قبلها في عملها في الوسط العربي؟
حكروش: لم تكن شرطة, والمؤسسة الوحيدة التي اعترفت أنها لم تقم بواجبها طيلة 70 سنة, هي شرطة إسرائيل. هل باقي المؤسسات اعترفت بتقصيرها؟! لا أحد. الشرطة اعترفت سنة 2016 انها فشلت في الوسط العربي, والسبب أننا غير موجودين في الوسط العربي, كنا ندخل البلدات العربية فقط حين حدوث شجار وليس أي شجار. فقط عندما يكون شجار صعب. اليوم نحن موجودون وحتى ان حصلت مشاجرة تكون نتائجها اقل بسبب وجود الشرطة وتدخلها السريع والمباشر.
- وهل يجب ان تنتظر الأم العربية من قلنسوة ,الأسبوع الماضي, ان يأتي الحاج الجاروشي ويحضر ابنها المخطوف (كريم جمهور) أم ان الشرطة هي التي يجب ان تقوم بذلك؟
حكروش: انتم والإعلام بشكل عام لا يعرف تفاصيل او كل تفاصيل ما حدث. وأنا لا استطيع ان اكشف كل التفاصيل.
- ما حصل يعتبره البعض فضيحة بكل المقاييس كشفت تعاون الشرطة مع ما تُعرفه هي رموزالإجرام المنظم في المجتمع العربي؟
حكروش: منذ اليوم الأول نحن عرفنا مكان وجود الطفل وانا شخصياً اعلمت مَن يجب ان نعلمه ومن اليوم الأول كان ذلك. السؤال هو هل نقوم بأمور خطيرة ونحضره لأمه غير سالم أم ننتظر قليلاً ونحضره سالماً؟
الهدف كان ان يعود الطفل لأمه سالماً ومن اليوم الأول عرفنا مكان وجوده, وأنا شخصياً قمت بإعلام مَن يجب لكن حصلت أمور أخرى كبيرة لا استطيع ان اكشفها وأبوح بها حاليًا ومع الوقت سيتم ذلك وسيعرف الجميع ان شرطة إسرائيل قامت بعملها وواجبها كما يجب.
- الصورة التي شهدها العالم هي أنّ اول مَن عانق الولد ليس ضابط شرطة ولا أمه ولا أبوه بل الحاج الجاروشي. وظهر للناس ان هناك تعاونا تم بين الشرطة وجهات معينة؟
حكروش: سيأتي الوقت الذي سينكشف فيه كل ما حدث. كان هدف شرطة إسرائيل ان يُعاد الطفل لأمه سالماً وهذا ما حصل. هناك أشياء لم يتم الكشف عنها حتى الآن ولا ننسى ان الولد كان موجوداً في مكان لا صلاحيات هناك لشرطة إسرائيل (مناطق السلطة الفلسطينية).
- لكن هناك تنسيق امني على مستوى عالٍ بين الجانبين لماذا لم يتم هذا التنسيق؟ فما ظهر هو تنسيق امني بين الشرطة وعالم الإجرام؟
حكروش: لا علاقة بين ما يقال وما هو على ارض الواقع. لدي الصورة التامة وهناك تفاصيل وأمور لا استطيع الحديث عنها اليوم ومحتمل بعد فترة ان تتاح لي الفرصة وتسمح الظروف بكشفها. الشرطة عملت ونفذت العمل الواجب كما يجب ومن اللحظة الأولى عندما عرفنا مكانه انا اتصلت وأبلغت ان الولد بصحة تامة وغير موجود داخل إسرائيل بل في مكان آخر وخلال يوم او يومين سيعود الى أهله وهذا ما حصل. هناك أمور حصلت لم يعرفها أحد. وبالمحصلة هناك انجاز كبير. أما مَن حمل الولد وظهر بالصورة, ولماذا لم يُظهروا صورته مع القائد العام للشرطة الذي استقبله في محطة الشرطة؟!
- هل المسؤول عن الخطف مواطنون عرب من إسرائيل أم من أراضي السلطة الفلسطينية؟
حكروش: سجل التحقيق لا يزال في بدايته وهناك معتقلون وسيتم اعتقال آخرين وأمل ان لا نتوسع كثيراً حتى لا نؤثر على سير التحقيقات وأنا واثق انه سيكون سجل او لائحة اتهام وعندها ستنكشف امور كثيرة. القضية ليست سهلة أبداً. صحيح ان الولد عاد لأمه. لكن التحقيق لا يزال في بدايته.
- بالنتيجة والمحصلة وصل الإجرام لدرجة عالية وأصبحت هناك شَرعَنَة ما. وهناك مَن صار يتفنن بالإجرام لدرجة أننا أصبحنا شهودًا على خطف قد يتكرر في أي لحظة ولأي سبب.
حكروش: حالة واحدة لم ينجحوا بها. والخاطف او الخاطفون يعرفون ماذا فعلت الشرطة وما قامت به وذلك لن يسمح بتكرار هذه الحوادث.
- تتحدثون عن زيادة عدد المجندين العرب في الشرطة ما هي الإعداد الحقيقية؟
حكروش: التجنيد للشرطة في الوسط العربي, لا يقوم به اللواء جمال حكروش, بل مكاتب التسجيل للشرطة في الوسط العربي وهي موجودة مند قيام الدولة ومفتوحة أمام كل مواطن. لكن ما قمت به هو وضع تسهيلات للشباب والشابات العرب والعربيات الذين يريدون الانضمام لسلك الشرطة. برأيي لم تكن هناك عدالة ان يدخل هؤلاء وينافسوا مَن أنهى الخدمة العسكرية من الوسط اليهودي ولا ينجحوا في الامتحانات. كانت نسبة العرب الذين ينجحون في امتحانات القبول للشرطة 8% فقط. فنظمت فتح دورات تحضيرية على حساب الدولة لتأهيل وتحضير الشبان العرب الراغبين في الانضمام للشرطة. كان النجاح بين المتقدمين اليهود 31% والعرب 8%. اليوم بين العرب النسبة 32%. لا يزال ثلثان لا ينجحون. وهذا غير مرغوب ويجب التغلب عليه, وخلال السنة الماضية تم تجنيد 300 شرطي عربي مسلم و 34 شرطية عربية مسلمة.
- ماذا مع المسيحيين والدروز ولماذا الحديث باللهجة الطائفية؟
حكروش: بين المسيحيين والدروز كانت نسبتهم في الشرطة أكثر من نسبتهم بين السكان لكن بين المسلمين كانت 1% فقط في حين ان نسبتهم بين السكان 18% . نحن سنواصل رفع هذه النسبة. فتحت دورات تدريب للجميع من كل الطوائف ويأتون للتدريب والتعلم وانا لا افرّق بين مواطن عربي و عربي آخر وهناك زيادة بين الجميع لكن لم يكن هناك انضمام من بين المسلمين وهو ما حصل مؤخراً.
- كم عدد المنتسبين خلال هذه السنة من كل المواطنين العرب؟
حكروش: الخطة التي وضعتها لثلاث سنوات ان ينضم لسلك الشرطة 600 شرطي. تقوية الوسط العربي في الشرطة ل1350 لكن لا يمكن تحقيق هذه الزيادة واعتقد ان 600 ممكنة. ووظيفة الشرطي العربي ليست كمالة عدد. بل لأننا نريد ان ندمج هذا الشرطي ليساعد على تغيير تعامل الشرطة في الوسط العربي وإدخال إمكانيات التفاهم والتعاون بين الطرفين عن طريق الاندماج.
- محطات الشرطة هذه هل تساهم في جمع الأسلحة ايضًا وكيف؟
حكروش: ما يهمني أكثر هو منع استعمال الأسلحة في المجتمع العربي وليس وجود الأسلحة مع المواطنين العرب. لنتفق جميعاً, ان هناك سلاحاً غير مرخص ولا جدال في ذلك. لكن مَن يطرح ارقاماً, الف, الفان ثلاثون الفاً ؟؟ لا احد يعرف الكم, هل هناك مَن قام بعد الأسلحة؟! لا أحد, انا اعترف ان هناك سلاحاً غير مرخص وهذا أمر مضر حتى لو كانت قطعة واحدة. انا يهمني وجود الشرطة في الوسط العربي لتمنع استعمال هذا السلاح. - وجود الشرطة دون سلاح مثلاً كما هو الحال في اوروبا (لندن على سبيل المثال) فقط بالهراوة؟
حكروش: يوجد, لدينا شرطة المشاة ومنها في الناصرة, وهي خطة جديدة منذ سنة لإدخال شرطة المشاة. وأهم شيء المعاملة الاجتماعية مع المواطنين. - هل هناك قرية عربية او مدينة مستوى العنف فيها أعلى من المستوى العام او هل هناك موقع عربي تأخذه الشرطة كمشروع خاص لنشاطها في فترة معينة؟
حكروش: لا , هذا غير موجود لا مكان للادعاءات غير الحقيقية. سابقاً قالوا عن ام الفحم ان أعلى نسبة عنف موجودة فيها. هذا غير صحيح. رغم ان العنف في فترة ما , كان سيد الموقف هناك. لكن بعدما تم إدخال الشرطة تغيرت الأمور. وانا شخصياً تجولت وتحدثت مع المواطنين والكل يشعر بالتغيير. - وظيفتك كلواء هل هي ادارية أم تنفيذية؟
حكروش: انا وظيفتي إدارية. تتلخص في مهمة تقوية الشرطة في الأماكن الضعيفة. وبناء محطات شرطة في أماكن غير موجودة فيها وتغيير تعامل الشرطة مع المواطن العربي . هذه أمور ليست بسيطة وليست بكبسة زر, أحد الأمور هي دمج الشاب العربي في شرطة إسرائيل ويتم عن طريقة تغيير التعامل. اليوم لا يوجد قرية عربية لا يوجد فيها شرطي .كل بلد يجب ان يكون فيها ممثلون للشرطة لنقل عقليتنا الى الشرطة فما يناسب بلداً معيناً لا يناسب أخرى. - هل هناك دور للجان وجاهات الصلح في خفض مستوى العنف؟
حكروش: انا احترم كل جاهات الصلح, وآمل ان لا يكون لهم عمل. وظيفة الجاهات التخفيف, هم يدخلون بعد ان يحصل العنف. آمل أن لا نحتاج لذلك. وكل الاحترام لأفراد هذه الجاهات الذين يدخلون الى بؤر العنف دون صلاحيات. الشرطة لديها صلاحيات, وهم يأتون بالمعاملة الحسنة . لكن للأسف ليس دائماً ينجحون .. فكل الاحترام والشكر لهم. - خلال معركة الانتخابات التي بدأت عملياً, من المؤكد ان يرتفع منسوب العنف. ما هي استعدادات الشرطة لمواجهة ذلك؟
حكروش: في الانتخابات هناك برنامج معين للشرطة وفقاً لقانون الانتخابات, لكن فوق ذلك انا أتوجه الى كل المشاركين في الإنتخابات بنداء , أن دعونا نخوض الانتخابات دون عنف. انا استند الى وعي شبابنا وشاباتنا في ذلك. وكل مَن يتقدم بالترشيح في برنامجه بند انه يضحي من مصلحته الشخصية للمصلحة العامة. إذن فليضحي حتى النهاية ولا يتوجه للعنف. آمل من كل المرشحين أن يقوموا بذلك وان يضحوا .هناك خطة لتقوية الشرطة وكل أسبوع نبحث نتائج ذلك وحيث يجب سيتم تعزيزالشرطة بقوى إضافية لمنع العنف ولمعالجة التوترات فورياً حتى لا تتأزم الأمور.