عملية “تل أبيب”.. دلالات من “العيار الثقيل”
رأى مختصان في الشأن الإسرائيلي أن عملية إطلاق النار المزدوجة التي وقعت الليلة الماضية قرب مقر وزارة الجيش في “تل أبيب” مثلت “ضربة إيقاظ” مهمة لجهات عدة، و”صفعة قوية” للمراهنين على إنهاء فصول انتفاضة القدس المستمرة منذ أكتوبر من العام الماضي.
وأشارا في حديثين منفصلين مع وكالة “صفا” إلى أن العملية “دحضت مزاعم حالة الهدوء النسبي، ووضعت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في مأزق حقيقي”، مرجحان أن تشهد انتفاضة القدس خلال الأيام المقبلة مزيدًا من المفاجآت التي تخبئها في جعبتها.
وقتل 4 إسرائيليين وأصيب 16 جراح بعضهم بالغة الخطورة بعملية إطلاق النار في “تل أبيب”، ليرفع عدد القتلى الإسرائيليين منذ بداية الانتفاضة إلى 39، بعشرات العمليات بالضفة الغربية والقدس المحتلتين.
ولم تتبنَ أي جهة فلسطينية تلك العمليات ضد الإسرائيليين، واكتفت الفصائل والقوى السياسية وأجنحتها المسلحة بإصدار بيانات التأييد والمباركة، والمطالبة بمواصلة العمليات الفدائية.
مأزق حقيقي
الباحث والخبير في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت يقول إن عملية “تل أبيب” حملت دلالات عديدة أبرزها أن انتفاضة القدس لم تتوقف، وأن أسباب اندلاعها مستمرة بكل قوة.
ويعتقد شلحت في اتصال هاتفي مع وكالة “صفا” أن عودة العمليات- بنوعيتها وحجمها وثقلها- إلى “تل أبيب” كان بمثابة تلميح من المقاومين أن بإمكانهم ضرب العصب الأكثر حساسية في “إسرائيل”، مبينًا أنها وضعت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في مأزق حقيقي.
ويشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية التي تعد الأكثر تطرفًا، ستلجأ إلى اتخاذ سلسلة إجراءات ضمن سياسة العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين، لافتا إلى أن الحكومة هي من تتخذ القرارات وليس شخص وزير الجيش افيغدور ليبرمان المعين حديثًا.
ويصعب –والحديث لشلحت- التنبؤ بأن تفتح عملية أمس الباب مشرعًا أمام تنفيذ عمليات مشابهة، فـ”انتفاضة القدس حملت في أيامها عديد المفاجآت وفي أصعب الظروف وأحلكها”.
ضربة قاتلة
المختص في الشئون الإسرائيلية هاني أبوالسباع يرى أن عملية “تل أبيب” مثلت ضربة من “العيار الثقيل للمستويين السياسيين الفلسطيني والإسرائيلي في ظل مبادرات إحياء التسوية ومحاولات إخماد الانتفاضة.
ويقول أبو السباع لوكالة “صفا” إن توقيتها كان “قاتلًا” للاحتلال الإسرائيلي وأدخله بحالة إرباك شديدة وشكلت فشلًا ذريعًا لمؤسسته الأمنية، بل ووضعت وزير الجيش الجديد أفيغدور ليبرمان بمحك اختبار بعد تهديداته.
ويشير إلى أن التنسيق الأمني الذي زادت وتيرته مؤخرًا لم يفلح بمنع عملية تل أبيب بل قلبت كل الحسابات رأسا على عقب وفتت جهود السلطة الفلسطينية التي حاولت إجهاضها ونجحت في وقف العشرات منها.
ويتوقع أبو السباع أن تكون العملية بمثابة رافعة للعمل المقاوم وخاصة خلال شهر رمضان الذي تزاد وتيرة العمليات فيه بحسب تجارب جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، لافتًا إلى أن ردة الفعل التي أعقبت العملية تؤكد وجود أجواء حاضنة لتكرارها.
يشار إلى أن 39 إسرائيليا قد قتلوا وأصيب ما يزيد عن 600 آخرين في عمليات تفجير وإطلاق نار وطعن ودهس نفذها فلسطينيون منذ اندلاع انتفاضة القدس في الأول من أكتوبر الماضي.