هذا ما ينتظر المسجد الأقصى خلال عيد الفصح اليهودي الوشيك
يرمز عيد الفصح في الديانة اليهودية إلى الفترة التي خرج فيها بنو إسرائيل من مصر هربا من فرعون بقيادة النبي موسى عليه الصلاة والسلام، وتقول روايتهم إنهم صنعوا خلال خروجهم، وعلى مدى 8 أيام، فطيرا من دون خميرة بأمر من الله وبمثابة شكر له على إنقاذهم من فرعون.
ولهذا يعدّ هذا العيد من أكثر المناسبات أهمية لدى اليهود لارتباطه بما يسمونها قرابين “الشكر لله” على إنقاذ بني إسرائيل، حسب تفسيرهم، ويمتد الفصح -الذي يعني بالعربية “العبور”- لمدة 7 أيام، سيحل أولها يوم الثلاثاء الموافق 23 أبريل/نيسان الجاري.
وتصر جماعات الهيكل المتطرفة على ربط هذا العيد بالمسجد الأقصى المبارك، وتحشد أنصارها قبل حلوله كل عام لتنفيذ اقتحامات جماعية لساحاته، في وقت يعيش فيه فلسطينيو القدس أياما عصيبة.
تحضيرات مبكرة
وفي إطار تحضيراتها هذا العام، قدمت منظمة “عائدون إلى جبل الهيكل” طلبا رسميا للشرطة الإسرائيلية للسماح لها بذبح “قُربان الفصح” داخل المسجد الأقصى المبارك بعد الانطلاق من ساحة البراق نحوه.
وفي الطلب قالت المنظمة المتطرفة إنها تريد ذبح القربان عند قبة السلسلة في صحن مصلى قبة الصخرة المشرفة أو على مقربة منها.
وبعد أيام من تقديمها هذا الطلب، دعت المنظمة أنصارها للتجهز لذبح القربان في الأقصى يوم الأحد المقبل ويوم الاثنين الذي يعتبر عشية العيد، وقالت إن الذبيحة يجب أن يكون عمرها أقل من عام واحد.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل قدمت المنظمة إغراءات بمنح مكافآت مالية ضخمة لمن ينجح من المستوطنين في تهريب وذبح القرابين داخل الأقصى خلال عيد الفصح، وتصل قيمة المكافأة إلى أكثر من 13 ألف دولار أميركي، بالإضافة لمكافآت مالية أقل قيمة لمن يحاول من المستوطنين تهريب قربان الفصح الحيواني ويفشل في ذلك.
إعلانات وتحفيز
أما منظمة “جبل الهيكل بأيدينا” فلم تتوقف منذ أسابيع عن نشر إعلانات تحث فيها المتطرفين على الاقتحام خلال عيد الفصح. وجاء في الإعلانات أن وسائل النقل ستكون مدعومة، وأن اقتحاماتهم للمسجد الأقصى ستكون مؤمنة من الشرطة الإسرائيلية، ووعدتهم بأن تكون جولاتهم بداخله مثيرة، ودعتهم لتنفيذها دون ارتداء أحذية جلدية “لقداسة المكان” بالنسبة لليهود، وفق زعمها.
ونشرت المنظمة برنامج عيد الفصح وجولاتها التي أدرجتها تحت عنوان “الحج إلى جبل الهيكل مع أفضل المرشدين”، ووضعت في تصميم الإعلان صورة كأس نبيذ أمام مصلى قبة الصخرة المشرفة.
وفي هذا العيد يشرب اليهود 4 كؤوس من الخمر خلال قراءة نصوص كتاب “الهجداه” (أكثر الكتب التقليدية انتشارا عند اليهود).
المتحدث باسم منظمات الهيكل المتطرفة آساف فريد كتب على صفحته في موقع فيسبوك “على الجميع الصعود إلى جبل الهيكل ومن دون حذاء جلدي.. سيادتنا على جبل الهيكل أول مكان يجب إصلاحه، والأمر بين أيدينا في عيد الفصح لتخليصه”.
وتتزامن هذه التحضيرات مع إعلان الشرطة إتمام استعداداتها لهذا العيد في القدس عبر نشر الآلاف من أفرادها وقوات “حرس الحدود”، بالإضافة لمتطوعين وقوات إضافية خلال أيام العيد.
استعداد الشرطة
وجاء على موقع هيئة البث الإسرائيلية أن الاستعدادات العملياتية ستتركز على مدينة القدس، وخاصة الأماكن المزدحمة “والأماكن المقدسة حفاظا على أمن وسلامة المصلين وجميع سكان المدينة والوافدين إلى بواباتها”.
وستعمل الشرطة بقوات متزايدة في غربي وشرقي المدينة، وفي أزقة البلدة القديمة بهدف “إتاحة ضمان حرية العبادة للمصلين الذين يتوافدون إلى الأماكن المقدسة”.
لكن حرية العبادة التي تدّعي الشرطة أنها تؤمنها لا تشمل المسلمين أصحاب الحق في المسجد الأقصى المبارك، ويرجح مدير ملتقى القدس الثقافي في الأردن أحمد الشيوخي أن تشدد الشرطة المتمركزة على أبواب المسجد على دخول المصلين لأولى القبلتين، وستحدد أعمارهم وتمنع وصول كثير منهم إلى الساحات خلال فترتي الاقتحامات الصباحية والمسائية، كما تفعل كل عام خلال مواسم الأعياد اليهودية.
“وفي المقابل تعتبر فترة الأعياد فرصة سانحة للمقتحمين لتسليط الضوء على الأقصى من خلال حث أعضائها وتشجعيهم على زيادة أعدادهم وتنفيذ الطقوس الخاصة بكل عيد، لكن حكومة الاحتلال تخشى في الوقت ذاته فتح جبهة المسجد الأقصى الآن لأن الاعتداء عليه كان سببا رئيسيا في معركة سيف القدس عام 2021، وشكلت معركة طوفان الأقصى عامل ردع لأي تحرك صهيوني إستراتيجي تغييري تجاه المسجد الأقصى”، حسب الشيوخي.
لكن هذا لا يعني -وفقا للشيوخي- عدم الانتباه للمخططات التي تحاك تجاه الأقصى والتي كان آخرها إدراج وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير خطة عمل وزارته السنوية التي ترتكز على تغيير الوضع القائم بالمسجد.
وأمام ذلك يرى أنه لا بد من التفاف الأمة الإسلامية حول الوصاية الأردنية باعتبارها مهددة بالسحب والإزالة من جهة، وحماية الأقصى والذود عنه أمام مخططات الاحتلال لتحقيق معادلة الردع المستمر من جهة أخرى.
أيام عصيبة
ولم يمر عيد الفصح اليهودي خلال العامين الأخيرين هادئا في ساحات ومصليات أولى القبلتين خاصة أنه تزامن مع شهر رمضان المبارك.
وفي عام 2023 اقتحم المسجد الأقصى خلاله 3430 متطرفا ومتطرفة أدوا طقوسا وصلوات تلمودية، وارتدى كثيرون منهم الملابس التوراتية البيضاء.
ونفذت جماعات الهيكل المتطرفة طقوس ذبح القربان على السور الجنوبي للمسجد، ونشرت “6 حقائق” للتحريض على ذبحه في الأقصى قائلة “دمه هو رابطة عهدنا مع الرب، وإذا أتيتم بالآلاف إلى أبواب الأقصى ستمكّننا الحكومة من فرض القربان”.
وفي عام 2022 اقتحم ساحات الأقصى 3670 متطرفا ومتطرفة خلال العيد، وضُبطت نحو 15 محاولة تهريب للقرابين الحيوانية إلى المسجد قُبيل الفصح وخلاله.
ولا يمكن ذكر عيد الفصح في رمضان 2022 دون التطرق إلى الاقتحام الأقسى الذي نفذته قوات الاحتلال للمسجد الأقصى بُعيد صلاة فجر الجمعة الموافق 15 أبريل/نيسان، واعتدت على 30 ألف مصلّ بشكل وحشي، مما أسفر عن وقوع 158 إصابة واعتقال 476 من المعتكفين داخل المصلى القبلي بعد اقتحامه، وتسلم جميع هؤلاء أوامر بالإبعاد عن المسجد المقدس لفترات متفاوتة.