الأخبار الرئيسيةدوليّات

ترامب يربط مصير نتنياهو بمستقبل غزة: عفو مقابل إنهاء الحرب واتفاق سلام شامل

فاجأ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الإسرائيليين مساء الأربعاء بتدوينة على منصة “تروث سوشيال”، دعا فيها إلى إلغاء محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المتهم في عدة قضايا فساد، أو منحه عفواً فورياً.

وصف ترمب نتنياهو بـ”المحارب” و”البطل العظيم” الذي قدم الكثير لدولة إسرائيل، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة التي أنقذت إسرائيل في ماضيها، يجب أن “تنقذ” نتنياهو اليوم. تأتي هذه الدعوة قبيل أيام من استئناف المحاكمة التي بدأت عام 2020، والتي تتهم نتنياهو بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، ما يجعل تدوينة ترمب تتجاوز حدود الدعم السياسي إلى محاولة واضحة للتأثير على مسار القضاء الإسرائيلي، في موقف أثار موجة من الجدل داخل إسرائيل وخارجها.

“رجل الصفقات” وصراع العفو

ترمب، المعروف بلقب “رجل الصفقات”، لا يبدو أنه يتحدث مجرد تعبير عن الصداقة السياسية، بل هو يطرح ما يشبه صفقة شاملة، حيث يقترح إنقاذ نتنياهو من المحاكمة مقابل دعم جهود إنهاء الحرب في غزة، وضمان الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة “حماس”، وتسريع خطى تنفيذ اتفاقات السلام العربية – الإسرائيلية التي بدأها خلال ولايته الأولى.

هذا الطرح يتزامن مع صلاحيات الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في منح العفو، وهو الأمر الذي قد يتحول إلى ملف دبلوماسي معقد يجمع بين الاعتبارات السياسية والأمنية والقانونية. كما أنه يعكس الرغبة الأميركية في إعادة تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط، بمشاركة مركزية لنتنياهو.

ترمب وطموح نوبل للسلام

اللافت أن دعوة ترمب تأتي في وقت يتباهى فيه بدوره في الوساطات الدولية لإنهاء نزاعات مثل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، والحروب في مناطق أخرى كالهند وباكستان وصربيا وكوسوفو، إلى جانب جهوده في إبرام اتفاقات “إبراهام” التي وحدت بعض دول الشرق الأوسط مع إسرائيل.

ترمب أعرب عن أمنيته في نيل جائزة نوبل للسلام، متحدثاً عن أنه استحقها مرات عدة لكنه لم يحصل عليها بسبب الانتماء الحزبي. كما أعلن عن اتفاق قادم بين الكونغو ورواندا لإنهاء نزاع بينهما، في محاولة لإظهار نفسه كوسيط عالمي للسلام، رغم أنه أشار إلى أن الجائزة لن تُمنح له بسبب تحيزات سياسية.

صفقة إقليمية كبرى

وفق تحليلات الصحافة الإسرائيلية، تدخل ترمب في الشؤون القانونية لنتنياهو جزء من إستراتيجية أوسع، تهدف إلى دفع ملف السلام الإقليمي عبر إعادة ترتيب الأوضاع السياسية، مع ضمان دور محوري لنتنياهو في هذه المرحلة.

مبعوث ترمب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ألمح إلى قرب التوصل لاتفاق مع حركة “حماس”، بالإضافة إلى إعلان مهم بشأن توسعة اتفاقات “إبراهام” ليشمل دولاً أخرى.

نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر إسرائيلي قوله إن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة بشأن إنهاء محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كانت جزءا من تحرك واسع لإنهاء الحرب في غزة.

وقال المصدر المقرب من نتنياهو إن طلب ترامب إنهاء محاكمة رئيس الوزراء هو لإعداد الرأي العام لاحتمال منحه عفوا.

وأضاف أن تصريحات الرئيس الأميركي لم تنشر عبثا، بل كانت هذا جزءا من محاولة دبلوماسية شاملة يشارك فيها أيضا فاعلون دوليون آخرون.

وفي وقت سابق، نقلت وسائل إعلام عبرية بينها صحيفتا “يديعوت أحرنوت” و”يسرائيل هيوم” الخاصتان، عن مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين، قولهم إن نتنياهو وترامب اتفقا على إنهاء الحرب بغزة، في غضون أسبوعين كحد أقصى، وذلك في إطار خطة سلام إقليمية واسعة تشمل عدة مسارات سياسية وأمنية.

وأضاف المسؤول أن شخصيات داخل الائتلاف الحاكم في إسرائيل تفكر في استغلال تصريحات ترامب لدفع مشاريع قوانين من شأنها إلغاء محاكمة نتنياهو. من جانبه، نفى رئيس المحكمة العليا الأسبق بإسرائيل أهارون باراك، وجود أي اتصالات حالية معه أو بواسطته بشأن “صفقة ادعاء” مع نتنياهو، موضحا أن ما جرى بهذا الشأن كان قبل عدة أشهر ولم يُثمر شيئا، وفق القناة 12 العبرية.

و”صفقة الادعاء” وفق القانون الإسرائيلي، هي “اتفاق بين المدعي والمتهم، حيث يتعهد الادعاء بالتنازل عن قسم من التهم المنسوبة للمتهم، وتحويل تهمة خطيرة إلى تهمة بسيطة أو التنازل للمتهم تنازلاً آخر يمنحه تسهيلاً بما يخص نتائج المحكمة، وذلك مقابل اعتراف المتهم بالوقائع التي يكون من شأنها إدانته”.

وتشير هذه المؤشرات إلى أن الولايات المتحدة تسعى لاستخدام نفوذها لتحويل الحرب في غزة إلى فرصة لإنهاء الصراع وفتح آفاق جديدة للتطبيع، عبر تسوية شاملة تدعمها صفقة سياسية بين واشنطن وتل أبيب.

ردود فعل إسرائيلية متباينة

أثارت دعوة ترمب موجة انتقادات من المعارضة الإسرائيلية، حيث اعتبر يائير لابيد أن التدخل الأميركي في القضاء الإسرائيلي غير مقبول، ووصف موقف ترمب بأنه محاولة ضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب، ضمن أسلوبه المعروف.

كما اتهمت النائبة نعما لازيمي نتنياهو بأنه يحاول “إلغاء محاكمته” عبر دعم ترمب، محذرة من أن فساد شخص واحد قد يدمر الديمقراطية في إسرائيل.

في المقابل، رحب بعض حلفاء نتنياهو بدعوة ترمب، رغم التأكيد على ضرورة احترام استقلال القضاء الإسرائيلي، ودعوا الرئيس هرتسوغ إلى استخدام صلاحياته بمنح العفو من أجل منح إسرائيل “لحظات من الهدوء والرحمة”.

كذلك ألمح السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، إلى احتمالية ممارسة واشنطن ضغوطاً على الجهاز القضائي الإسرائيلي.

العقبات ليست مستحيلة لكنها حقيقية

مع ذلك، يرى مراقبون أن تنفيذ مثل هذه الصفقة يصطدم بعقبات قانونية ومؤسساتية:

الرئيس الإسرائيلي لا يمنح العفو إلا بعد استنفاد المسار القضائي.

القضاء الإسرائيلي، رغم الضغوط، ما زال يتمتع باستقلال نسبي.

حماس لن تقبل بأي اتفاق لا يتضمن مكاسب ملموسة، ومنها انسحاب كامل أو وقف دائم لإطلاق النار.

محاكمة نتنياهو.. اختبار لاستقلالية القضاء الإسرائيلي

يواجه نتنياهو ثلاث قضايا فساد رئيسية تتعلق بتلقي هدايا ثمينة بشكل غير قانوني، ومحاولة التوصل لصفقة إعلامية مع ناشر صحيفة، وإصدار قرارات تنظيمية تصب في مصلحة شركات إعلامية واتصالات.

وينفي نتنياهو جميع التهم، معتبراً أن المحاكمة محاولة “انقلاب سياسي” لإزاحته.

وبموجب القانون الإسرائيلي، لا يمكن منح العفو إلا بعد انتهاء جميع الإجراءات القضائية، لكن في ظل السياق السياسي والأمني الراهن، قد تكون هناك ضغوط سياسية كبيرة تجعل العفو أمراً ممكناً، خاصة مع الدعم الأميركي المباشر في هذا الملف.

وفي كانون الثاني/ يناير بدأت جلسات استجواب نتنياهو الذي ينفي اتهامات بالفساد والرشوة وإساءة الأمانة فيما يعرف بملفات “1000” و”2000″ و”4000″، وقدم المستشار القضائي للحكومة لائحة اتهام متعلقة بها نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.

ويتعلق “الملف 1000” بحصول نتنياهو وأفراد من عائلته على هدايا ثمينة من رجال أعمال أثرياء، مقابل تقديم تسهيلات ومساعدات لهذه الشخصيات في مجالات مختلفة.

فيما يُتهم في “الملف 2000” بالتفاوض مع أرنون موزيس، ناشر صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية الخاصة، للحصول على تغطية إعلامية إيجابية.

ويعد “الملف 4000” الأكثر خطورة فيتعلق بتقديم تسهيلات للمالك السابق لموقع “واللا” الإخباري شاؤول إلوفيتش الذي كان أيضا مسؤولا بشركة “بيزك” للاتصالات، مقابل تغطية إعلامية إيجابية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى