27% من الأسر العربية تعرضت لأحد أشكال الاعتداء في السنة الاخيرة !
مسح العنف المجتمعي الذي تم إنجازه وعرضت نتائجه المركزية في مؤتمر “في مهب العنف” الذي عقد في الناصرة بتاريخ 12 حزيران 2019، هو المسح الأوسع والأشمل الذي أجري في المجتمع العربي في اسرائيل بكل مكوناته، مناطقه الجغرافية وبلداته المتنوعة، كما يرصد الواقع بمنظور الجمهور العربي نفسه متطرقاً الى الاعتداءات ومدى التعرض لها، مشاهدتها وممارستها، المواقف والآراء حول العنف وطرق التعامل معه والميل الى ممارسته، العنف وعلاقته بمتغيرات الفرد والمجتمع، الجهات والأطر المسؤولة عن انتشار العنف وعن مكافحته ودورها القائم والمأمول، وبهذا يوفر هذا المسح قاعدة معلوماتية علمية موثوقة, شاملة و محتلنة تشكل أساساً لعملية التخطيط الاستراتيجي والتدخل العملي لمعالجة آفة العنف, تقليص انتشارها ومنعها.
ملخص للنتائج المركزية
يعيش في إسرائيل 1.5 مليون فلسطيني ويشكلون 17% من مجموع السكان، في مجتمع يعتبر فتياً حيث يشكل الأطفال والأولاد (جيل 0-17) 40% منه ويبلغ متوسط حجم الأسرة 3.9 فرداً.
من خلال هذا المسح تم فحص بعض خصائص المجتمع وعلاقتها بالعنف المجتمعي ففي سياق رأس المال الاجتماعي يتضح أن نصف الجمهور يصرح بأنه راض عن حياته بشكل عام مع بعض التباين بي المناطق المختلفة والبلدات.
كما أشار أكثر من 90% الى رضاهم عن علاقاتهم في مكان عملهم. ومما يلفت الانتباه النسبة المرتفعة للأشخاص الذين أشاروا الى عدم الثقة بين الناس وبالآخرين. ومن حيث جودة الحياة فقد صرح حوالي 40% بأنهم لا يشعرون بالأمان عند تجولهم ليلاً في حيهم أو بلده في حين صرح 21% بهذا الخوف أثناء النهار.
يجمع ما بين 33% الى 45% على انتشار المخدرات، الكحول، ظاهرة الخاوة والجريمة المنظمة في المجتمع العربي في حين يصرح 74% عن وجود للسلاح في بلداتهم. ويعزو 80-85% من الجمهور وجود وانتشار هذه الظواهر الى عدم اهتمام السلطة بمحاربتها وتهاون الشرطة في علاجها ومنعها.
من خلال هذا المسح تم رصد المواقف والآراء حول عدد من المواضيع وعلاقتها بالمتغيرات الشخصية والمجتمعية. وفي هذا السياق يتضح أن 12.1% من الجمهور يشرعنون العنف ضد النساء كما أن 70% يوافقون على وجوب منح النساء حقوقاً متساوية ومع ذلك فإن 57% من الجمهور لا يعتبر أن من حق المرأة تقديم الشكوى في حال تعرضها للضرب من قبل زوجها.
لا يزال ثلث جمهور الرجال (33.8%) وربع جمهور النساء (25.6%) تقريباً يعتبرون استخدام العنف وسيلة جيدة للتربية. في حين يعتبر 19% استخدام العنف أداةً جيدة لحل المشاكل و20% يعتبرون الأخذ بالثأر هو حق لذوي ضحايا القتل. كما يرى أكثر من 68% بأن هنالك عمليات تعنيف للمعلمين في المدارس. ومن المثير للانتباه بأن معظم الجمهور (75.9%) يرون بأن الدولة معنية بانتشار العنف في البلدات العربية وبأن الأحكام الصادرة بحق مرتكبي العنف غير شديدة. وفيما يخص العادات العربية يرى 44.4% من الجمهور بأنها تشجع العنف في المجتمع.
يضع نصف الجمهور ( 52.1%) مشكلة العنف على رأس سلم المشاكل من حيث خطورتها على المجتمع تليها القوانين العنصرية والظروف الاقتصادية الصعبة.
وفيما يخص التعرض للعنف فتشير المعطيات الى أن 27% من الأسر العربية تعرضت لأحد أشكال الاعتداء في السنة الأخيرة وترتفع هذه النسبة في منطقة الجنوب الى 38.5% ويعتبر الاعتداء على الممتلكات هو الأكثر انتشاراً يليه الاعتداء الكلامي. يشار الى أن 18% من الاعتداءات عامةً حدثت في البيت.
وفيما يتعلق بالتعامل مع العنف ولاعتداءات فقد أشار 35.9% من الأشخاص الذين تعرضوا للاعتداء الة عدم التبليغ عنه وتظهر النسبة الأعلى للتبليغ في حالات حدوث الاعتداء خارج البلدة او في البلدات اليهودية أو مكان العمل مقابل حالات الاعتداء في البلدة أو حي السكن أو البيت. ويفسر 54% من المعتدى عليهم عدم التبليغ باعتبار الحادثة بسيطة وليست خطيرة في حين أشار 57.5% الى عدم رغبتهم بتدخل الشرطة و37.8% الى خوفهم من الانتقام مقابل 13.1% الذين صرحوا بأنهم قاموا بحل الشكال بطريق غير سلمية.
حوالي ربع الجمهور (24.7%) تعرضوا بشكل شخصي لشكل من أشكال العنف، في حين أشار 67.8% بأنهم شاهدوا حالات عنف و10% مارسوا بأنفسهم العنف ضد آخرين في السنة الأخيرة التي سبقت المسح. أما الأشخاص الأكثر تعرضاً للعنف فهم العاملون في تقديم الخدمات.
وفق المعطيات تتضح العلاقة العكسية بين ممارسة العنف والوضع الاقتصادي للفرد والأسرة ودرجة تحصيله العلمي. كما أن حوالي 10% من الاعتداءات كانت تحرشات جنسية والتي كان المعتدي في 57.8% منها شخصاً معروفاً للضحية.
وفي سياق الآفات المجتمعية فيجمع 74.5% من الجمهور على انتشار الأسلحة النارية في بلداتهم في حين يشير 45.3% الى وجود ظاهرة “الحماية المشروطة\ الخاوة” و33.6% الى وجود مجموعات إجرامية في بلداتهم. يشار الى أن 4.6% صرحوا بقيامهم باستخدام السلاح مرة واحدة على الأقل في السنة الأخيرة و1.2% بتعاطيهم ب “الخاوة” ويعزو معظم الجمهور (87.7%) انتشار هذه الظواهر الى عدم اهتمام السلطة والحكومة إضافة الى تهاون الشرطة في علاجها.
من جهة أخرى، هنالك إجماع عام بأن المؤسسات الرسمية (الجهاز القضائي، الشرطة وغيرها) ومؤسسات المجتمع العربي (الهيئات الاجتماعية والسياسية) لا تقوم بالدور الكافي في محاربة العنف. يشار الى أن الإطار الأكثر تقديرا هو لجان الصلح في البلدات العربية حيث قيم 75.1% من الجمهور عمل هذه اللجان بالجيد او الجيد جداً.
تأتي هذه المعطيات المركزية لتشكل أساساً علمياً موثوقاً لعملية تخطيط استراتيجي نحو التدخل متعدد الجوانب لكبح جماح ظاهرة العنف حيث من شأنها توجيه المخططين الى نقاط الضعف التي تستوجب التركيز عليها وسلم الأولويات من حيث مجموعات ومناطق “الخطر” إضافة الى المواضيع والمشاكل التي يجدر معالجتها. نشير الى أن هذه العملية تستوجب البحث المعمق، الإحصائي التحليلي، في المعطيات التي يوفرها هذا المسح.