عملية تضليل أم منع للتصعيد ؟
أثارت “عملية التضليل” التي زعم الجيش الإسرائيليّ تنفيذها الأحد، بعد عمليّة حزب الله قرب “أفيفيم” جدلًا في إسرائيل، حول ظروف إعلانها وإن كانت تمّت بالشكل الصحيح، وحول سياسة الضبابيّة التي تتبعها إسرائيل بشكل عام بشأن عملياتها الأمنية والعسكرية، وحول أسباب خرقها.
وعملية التضليل كانت عبارة عن حطّ مروحية عسكريّة ونقل جنود إليها للإيهام أنها نقلت جنودًا جرحى، قبل أن تحطّ لاحقًا في مشفى رمبام بحيفا.
وتبيّن أن هذا الأسلوب من التضليل استخدمه الجيش الإسرائيلي في السابق، إذ كشف رئيس سابق للاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي أنه نفّذها في الرابع من كانون ثانٍ/ يناير من العام 2016، أثناء ردّ حزب الله على اغتيال سمير القنطار، وفي العام 2009 في عملية لإحباط نقل حزب الله لأسلحة في مطار بيروت الدولي.
وكشف رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة السابق (أمان)، أهارون زئيفي (فركش)، لإذاعة “كان بيت”، اليوم، إن عمليات التضليل في العام 2016، بعد اغتيال القنطار هدفت إلى منع التصعيد ولتمكين حزب الله الظهورَ أمام أنصاره بأنه يفي بوعوده. وبحسبه، فقد أرسل الجيش مركبة عسكرية مصفحة إلى منطقة محاذية لمزارع شبعا، ليقوم حزب الله باستهدافها بقذيفة صاروخية مضادة للمدرعات، لكن دون وقوع خسائر بشرية لأن المركبة كانت خالية من الجنود.
أما في العام 2009، فقد حصلت الاستخبارات الإسرائيلية على معلومات تفيد بوصول “قطار جوي” محملا بأسلحة لحزب الله إلى مطار بيروت الدولي، بحسب فركش، إذ قامت الاستخبارات الإسرائيلية بتسريب معلومات “أمنية” مضللة استدعت تفتيش إحدى الطائرات في المطار ليتم الاكتشاف بأنها محملة بأسلحة لحزب الله، على حد زعم فركش.
وذكر المراسل العسكري للقناة 13، أور هيلر، أن قيادات في أجهزة الأمن الإسرائيليّة أقرّت أن “عملية التضليل لم تُدر بالشكل الصحيح، وعلى ما يبدو لم تأخذ بالحسبان الواقع الإعلامي في إسرائيل عام 2019”.
وهدفت عملية التضليل إلى “تضليل حزب الله حول نتائج العمليّة، وإلى إبقاء الوضع ضبابيًا” بحسب هيلر.
وتركزت الانتقادات على أن عملية التضليل انكشفت بشكل سريع جدًا، بسب تصرف غير صحيح أمام وسائل الاتصال الحديثة، بحسب هيلر، في وقت يستحيل فيه، تقريبًا، إخفاء معلومات.
أما مراسل الشؤون العسكريّة في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوسي يهوشوع، فقال في حديث إذاعي، إن “عملية التضليل” شابها بعض الأخطاء، منها عدم التنسيق مع المستوى السياسي، إذ كشف وزير الإسكان وعضو المجلس الأمني والسياسي الوزاري المصّغر (الكابينيت)، يوآف غالانت، بعد أقل من ساعة على العمليّة، أن لا إصابات في صفوف العمليّة؛ بالإضافة إلى عدم التنسيق مع مشفى “رمبام” حيث حطّت المروحية العسكريّة، إذ أعلن المشفى فور وصول المروحية أن لا إصابات وصلته.
من جهته، قال رئيس قائمة “كاحول لافان” ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، بيني غانتس، امس، الإثنين، إن عملية التضليل لا داعي لها، “هناك وسائل أكثر من طريقة لنقل رسائل للطرف الآخر، لسنا مجبرين أن نفعل كل شيء عبر الإعلام”، وأردف “بالأمس، قال رئيس الحكومة سريعًا جدًا إنه لا يوجد مصابون عندنا. ووزير في الحكومة خرج قبل نشر العملية حتى ليقول شيئًا مشابهًا”.
في حين قال عضو الكنيست عن “كاحول لافان”، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، موشيه يعالون، إن كشف عملية “الإخلاء المخادع” ضمن “تفاخر سياسي وثرثرة لا داعي لها”.
بينما دافع وزير الخارجيّة الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، صباح امس، عن عملية التضليل وعن خرق غالانت لها، في الوقت ذاته، وقال خلال حديث للإذاعة الإسرائيليّة العامة إنّه ضمن “تكتيكات عسكريّة وحرب نفسيّة. سياساتنا واضحة، لن نسمح لإيران بالتموضع في سورية ولن نتيح مشروع تدقيق الصواريخ”.
وكتب مراسل “يديعوت أحرونوت” للشؤون الأمنية والعسكرية، يوسي يهوشوع، في تغريدة على تويتر، أمس، الأحد، أن أحد صواريخ “كورنيت” التي أطلقها حزب الله أخطأ مركبة كانت مليئة بالجنود.
وكتب أن الجيش الإسرائيلي لم ينشر عن عملية الخداع، مشيرا إلى أن الجيش سبق وأن مارسها من قبل إلا أن “أحدا ما أفسد ذلك”.
وأضاف أنه كان في “الحدث” (عملية حزب الله) أمران مهمان جدا لا يعرفهما حزب الله أديا إلى هذه النتيجة الجيدة.
وبحسبه، فإن “الحظ هو الذي جعل صاروخ الكورنيت يخطئ مركبة كانت تعج بالجنود”.
يشار أن وسائل إعلام لبنانيّة مقربة من حزب الله شكّكت بأنّ نقل الجرحى كان ضمن “مسرحية تضليل” وكشفت أن المروحية العسكرية الإسرائيليّة هبطت مرّتين في نقطة العمليّة لإخلاء الجرحى مرّتين، نقلت في المرّة الأولى ثلاثة جرحى، وفي الثانية جريحين، بعد ذلك بنصف ساعة.