السرطان عدو البشرية
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كما رواه البخاري): “ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء”. وها هو مرض السرطان يقتلنا ويقتل أعزاءنا ونحن مستسلمون، حيث يعتبره المجتمع “مرض الموت” بينما في الواقع يجب علينا أن نفتش عن مسببات هذا المرض ونتجنبها، فاقنعوا أن الدواء موجود في الطبيعة ولكننا لا نعرفه ولم نكتشفه حتى الآن. وأجمع العلماء أن التدخين هو السبب الرئيسي لمرض السرطان (الذي يزيد عن 100 نوع) وأن استنشاق غاز الرادون هو السبب الثاني.
السرطان (كانسر) هو نمو الخلايا وتكاثرها بشكل غير طبيعي فتشكل أورامًا منها “الورم الحميد”، وهو ليس سرطانًا ويمكن اجتثاثه، وهو لا ينتشر في الجسم، ومنها “الورم الخبيث” الذي يسمى “سرطانًا”. والخلايا السرطانية هي خلايا عدائية تقوم بغزو الأنسجة المجاورة وتدميرها، أو الانتقال إلى أنسجة بعيدة عن طريق الدم أو الجهاز الليمفاوي. كان الرومان القدماء يعتمدون على تسمية المرض على الظواهر والأعراض المرئية في المرض ذاته حيث لوحظ أن الأوردة الدموية المحيطة بالورم السرطاني تشبه إلى حد كبير أرجل “حيوان سرطان البحر” ومن هنا جاءت التسمية. كما أن “غالن” – الطبيب الإغريقي (اليوناني) – أطلق اسم “سرطان” على الأورام الخبيثة لما لها من سلوكيات سرطان البحر كالانتشار بسرعة وفي اتجاهات كثيرة.
من أخطر أنواع السرطان:
1) سرطان الرئة والقصبة. 2) سرطان القولون- الأمعاء الغليظة. 3) سرطان المريء. 4) سرطان الكبد. 5) سرطان البنكرياس. 6) سرطان الثدي. 7) سرطان الدماغ. 8) سرطان البروستاتا. 9) سرطان المثانة- المسالك البولية. 10) سرطان الغدد الليمفاوية. 11) سرطان الرحم.. وغيرها.
ومن أهم أسباب السرطان:
1) التدخين 2) استنشاق غاز الرادون 3) كثرة أكل اللحوم الحمراء والأخرى الغنية بالدهون 4) البدانة 5) السُمنة العربية 6) مادة الإسبست (أسبستوس) (وعندنا ألواح الإسبست). 7) التعرض للأشعة فوق البنفسجية للشمس والتي تزداد بازدياد وكبر الثقب في طبقة الأوزون 8) قلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة 9) التلوث البيئي 10) اليورانيوم 11) الجينات- الانتقال الوراثي للمرض. كما ورد أيضًا في وسائل الإعلام: المواد الحافظة للمأكولات، الفواكه والخضار المركبّة، والمأكولات المحروقة.
إن جميع العوامل المذكورة تستطيع مباشرة تخريب الجينات أو الاتحاد مع اضطرابات جينية موجودة في الخلايا. من أخطر أنواع السرطان (كما ذكرنا) وأكثرها شيوعًا، وخصوصًا عند المدخنين، هو “سرطان الرئة” والذي يمكن أن يظل صامتًا لمدة أكثر من 20 عامًا قبل أن يصبح مميتًا، الأمر الذي يساعد على توضيح صعوبة علاج هذا المرض، الذي يودي بحياة أكثر من 1.5 مليون شخص سنويًا في العالم. وكذلك 72% من مرضى السرطان يموتون بسبب هذا المرض. وحسب الإحصائيات العالمية فإن 60% من المدخنين يصابون بسرطان الرئة. وتكشف الدراسات أن الخلايا السرطانية لسرطان الرئة تنمو بهدوء بعد حدوث خلل جيني بسبب التدخين ليطرأ عليها عدة تغيرات جديدة. مما يجعل أجزاء مختلفة من نفس الورم متفردة جينيًا. وعندما يتم اكتشاف المرض فإن الأورام قد تكون تطورت بأشكال متعددة مما يجعل من الصعب معالجة هذا المرض. من هنا فسرطان الرئة هو الأكثر فتكًا في العالم.
على ضوء ما ذكر تدخل الشرع الإسلامي في قضية التدخين وقال الشيخ يوسف القرضاوي (أكبر فقهاء العصر): “إن التدخين دخل منطقتنا الإسلامية منذ 400 سنة واليوم ثبت، كما يقول الأطباء، أن فيه ضرر وإضرار للآخرين حيث قال عليه الصلاة والسلام: “لا ضرر ولا ضرار” لذلك فالتدخين حرام ثم حرام”.
وأما السبب الثاني للسرطان (في سلم الخطورة) فهو غاز الرادون. والرادون هو غاز مشع ليس له طعم ولا رائحة ويخرج من قشرة الكرة الأرضية و يتسرب إلى بيوتنا ويركد فيها لكونه أثقل من الهواء بـ 7.5 مرة و باستنشاق هذا الغاز يختل الحامض النووي للإنسان (دي . ان. اي) فيتسبب بسرطان الرئة. ومن الجدير ذكره أن المياه الجوفية مشبعة بهذا الغاز كما ونجده بكثر ة قريبًا من المياه الساخنة. فتركيزه عال جدًا في الأماكن الصخرية أو الحجرية المغلقة، مثل الكهوف وسراديب المنازل والمناجم والمقابر الأثرية القديمة. ان مكوث الإنسان لفترة زمنية طويلة في هذه الأماكن يؤدي إلى استنشاق هذا الغاز- الذي يتحلل في كثير من الأحيان إلى بلوتونيوم – بكميات كبيرة مما يؤدي إلى تلف الرئتين ويسبب الموت. وغاز الرادون ينتقل من خلال الشقوق والتصدعات الموجودة في الأرضيات داخل المساكن. ويتراكم هذا الغاز في الأماكن المغلقة وذلك بسبب احتباسه داخلها وعدم تسربه الى خارجها، هذا بالإضافة إلى انبثاق كميات جديدة منه من مواد البناء والمياه المستخدمة في المبنى أو الغاز الطبيعي المستخدم للطهي في المطابخ.
أما أهم تأثيرات الرادون السلبية علينا فهي:
1) إحداث تغييرات دائمة في الخلية وبالتالي حدوث خلل وراثي أو تداخلات متأخرة مثل السرطان. 2) إحداث أضرار تؤدي إلى موت الخلايا ثم موت العضو المصاب. 3) إن دقائق “ألفا” الناتجة عن تحلل الغاز هي جسيمات ثقيلة لا تستطيع اختراق بشرة الإنسان لذلك فهي تدخل عن طريق الأنف والفم واستنشاقها يؤدي إلى تدمير الرئة. يعتبر التعرض لغاز الرادون السبب الثاني المعروف لسرطان الرئة في الولايات المتحدة (بعد التدخين) إذ يموت منه 15-20 ألف إنسان سنويًا. وحينما يُستنشق هذا الغاز يتحلل ليشكل جسيمات صلبة نشطة إشعاعيًا (بولونيوم) وهو يدخل الرئة ويواصل تحلله إلى إشعاع “ألفا المؤين”. وتبقى جسيمات ألفا عالية الطاقة محتجزة داخل الجسم فتُتلف أنسجة الرئة الحساسة. وغالبًا ما يتضرر الحمض النووي في خلايا الرئة المشعة. وإذا كان الاضرار بهذا الحمض خطيرًا فقد يكون دائمًا وينتقل إلى خلايا الأبناء، وقد لا تكون التأثيرات- خلايا فقدت التحكّم في الانقسام والنمو (سرطان)- غير ظاهرة للعيان طوال سنوات أو حتى عقود. أما أهم طرق الوقاية من الغاز فهي: 1) قضاء زمن أقل في الأماكن التي يمكن أن يوجد فيها مستويات عالية من غاز الرادون 2) فتح جميع النوافذ وتشغيل المراوح لزيادة تدفق الهواء في المنازل كلما أمكن ذلك، لا سيما في الأماكن المعرضة لوجود الغاز كالسراديب والغرف الداخلية والغرف الأرضية. 3) إبقاء فتحات التهوئة مفتوحة طوال العام في الأماكن الضيقة أو المنخفضة السطح الموجودة بأسفل المنازل وعلى جوانبها. 4) التوقف عن التدخين وحث المدخنين على عدم التدخين داخل المنازل. 5) شفط الغاز عن طريق مهندس مختص من التربة التي يقام عليها البيت وإحكام إغلاق الأماكن والفتحات التي يتوقع تسرب الغاز منها. وهناك شركات عالمية تبيع أكثر من 300 منتج للكشف عن كثافة هذا الغاز، ولكن الأمر يحتاج إلى خطة تضعها الدولة وتقوم عليها – وعلى الصعيد المحلي السلطة المحلية – لمعرفة مناطق التواجد المكثف لغاز الرادون ووضع خطة بناء خاصة لهذه المناطق. فمثلًا أقيمت بيوت مدينة “عراد” (غربي البحر الميت) على أعمدة وذلك للتسرب الشديد لهذا الغاز من الأرض بحيث يضر بالسكان في الطوابق الأرضية.
وإلى جميع المسؤولين أقول: بدلًا من أن نبكي ونبكي لا بد لنا أن نعمل ونعمل على إيقاف زحف هذا العدو الخطير.