لسنا مقصدا للعطلات فقط!

ستحس بمقدمهم لا ريب فالضجة والزحمة والغلاء ستنبؤك أن ضيوف الصيف وصلوا! ستبدأ بالتأفف وإلصاق كل سلبية بهم اذا لم يكن لك بينهم من ينتظره القلب على أحر من الجمر ويخاف أن يفاجئوه الحق دون ان يكحل عينيه بابن هوعماد الظهر اوابنة هي زهرة الفؤاد أوأحفاد هم بلسم الكِبر…
من عام الى عام ومن سنة الى سنة ننتظر أحبائنا الذين فرقتنا عنهم مصاعب الحياة ودروب طلب الرزق ولم تفلح التكنولوجيا، بحمد الله، على اطفاء جذوة الشوق المتمثلة في حضن حنون، ولثم يد جعدتها السنون، ومسح دمعة لقلب أرهقه انتظار الغائبين فهل يعلمون ام انهم يعودون الينا وقد غيرتهم المنافي؟
كم نغزل من الأحلام في ليالي الشتاء بانتظار المغتربين؟ كم نشحن الأشواق مزيدا مع كل هاتف وصورة ومقطع جديد يصلنا منهم؟ كم نخبء في الخزانات حصص الغائبين ونمون لهم خيرات المواسم التي لم يحضروها ونغلفها بعهد ان يبقى مكانهم ونصيبهم حاضرا في القلب ولوغابوا بأجسادهم؟ كم نؤجل مشاريعنا وأفراحنا حتى يأتون فبدونهم لا يكتمل فرح ولا يتحقق حلم؟
يعيش كثير منا في انتظار هذه اللحظات ثم يأتي واقع صادم يهوي بقلوبنا لسابع أرض، فالذين انتظرناهم ليؤنسوا أيامنا مشغولون على الدوام من سهرة لسهرة ومن رحلة لرحلة بحجة انهم مضغوطون طول العام والعطلة فرصتهم الوحيدة للتغيير
الذين انتظرناهم ليصلونا ونصل بهم أرحامنا الممتدة وتجتمع العائلات ويتعارف الصغار يرجعون أحيانا ليقتصروا على أنفسهم وعائلاتهم الصغيرة دون رغبة في رؤية اوزيارة أحد هروبا اوتعاليا اوخوفا من حسد مزعوم!
الذين انتظرناهم من سنة لسنة يبدأ مجيئهم هادئا ثم تبدأ المشاكل بالتصاعد ويبدأ التذمر بالتزايد فما ينتهي الصيف الا وقد تنفسنا الصعداء بعودة الكل الى قواعده سالما ثم ينسينا الشوق الضجة ونعود ندور في دوامة الانتظار مرة اخرى!
الذين انتظرناهم ليأكلوا من ايدينا لم يعد يعجبهم واولادهم ما نصنع فقد تعودوا على المطاعم والأكل السريع ولم تعد ترضيهم جبنتنا البيضاء ولا الزيت ولا الزعتر ولا الرشتة ولا العدس ولا لبن المخيض وقد تعودوا على فيلادلفيا والشرائح والموزريلا والبارميزان والبرغر والفوتوشيني والسوشي!
الذين انتظرهم البلد لينعشوه اجتماعيا واقتصاديا ينفقون كل قرش وكأنه يخرج من ارواحهم مع شكوى دائمة عن الغلاء والجودة؟
الذين انتظرهم البلد ليحملوا همه ويطلعوا على وضعه يأتون في رحلة استجمام عقلي وعطلة ذهنية دون رغبة في خدمة اومعرفة اومساهمة في اصلاح!
ربما يعنينا ان تعرفوا أننا لسنا مقصدا للعطلات فقط ولا للترفيه ولا استعراض النعم، نحن أهاليكم الذين تركتمونا في يوم ما وبكيتم علينا عندما ودعناكم، ولوكانت أحوالنا المادية من سيء الى اسوأ ولوكان عفشنا على حاله ولوبقينا عند نقطة البداية بينما مشيتم بعدنا مشوارا طويلا في الانجاز، هذا بلدكم الذي تركتموه مكرهين بحثا عن فسحة اورزق اومال اوحرية ولكنه أصيل ولوطغى عليه المفسدون، اجعلونا نشعر ان الانسان فيكم لم يتغير وان الاصالة التي ربيناكم عليها لا يغيرها حساب بنكي اوسيارة دفع رباعي اوملابس مختومة اومنصب كبير!
لا تدعوا الغربة تعلمكم العقوق فوجودنا ليس مسلما فمن يكون اليوم هنا قد يأتيكم خبره في مكالمة باردة فتعيشون حسرة لا تقوم الدنيا مقامها وأسفا على تضيع فرصة تقارب خلت اولثم يد أم اوجبهة حبيب في لحظة وداع
هذا الوطن ما زال ينتظركم فالغربة وان طالت لا يمكن ان تصير وطنا فلا تعودوا الينا أجسادا هرمة تنتظر مثواها الأخير!
الغربة فرصة والوطن سكن دائم واستثمار باق فهنا سيصنع التاريخ وتتحقق كل الأماني الصغيرة والكبيرة لكل ذي لب له حلم وطموح يتجاوز حياة سائغة
سنبقى ننتظر عودتكم السنوية بحب وعودتكم الدائمة لبناء الوطن واذكروا لسنا مقصدا للعطلات فقط فهل في جعبتكم وعودتكم ما يسد جوعة الشوق ويبني مجد الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى