هدايا المعراج

احتفالية الإسراء التي تمرّ علينا في هذه الأيام تنثر في الأجواء عبيراً طيّبا من نفحات سيرته صلّى الله عليه وسلّم، والدروس من هذه المعجزة الخالدة لا تحصى بل تتجدّد وتتعدّد، ولعل من أهم ما يمكن تعلّمه من هذه المناسبة العطرة هو موضوع الهدايا السماوية العلوية التي قدّمها ربّ العزة جلّ في علاه لحبيبه المصطفى صلّى الله عليه وسلّم .

1) فالنبي الكريم وصل إلى مكان فوق السموات السبع لم يصله مخلوق أبداً، وهذا يؤكد للمرة الألف مكانته المميّزة عن سائر الخلق. فهذا الارتقاء الذي وصله لم ينافسه فيه ملك ولا انس ولا جن، مما يدلّ على نعمة الله الكبيرة علينا أن جعلنا من أمّة سيد خلق الله، وهي نعمة تستحق الشكر كلّ يوم.

2) ثم كانت الهدية الأولى المقدّمة له صلّى الله عليه وسلّم، وهي أن الله غفر لأمته من مات منهم على التوحيد فلا يخلد في النار أبدا، ففي حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه  عن هدايا المعراج” وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللهِ مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئًا” رواه مسلم .

3) والهدية الثانية خواتيم سورة البقرة، وفي هاتين الآيتين التسليم والرضا من هذه الأمة لكل أقدار ربها، وعلينا أن نتدبّر هذه الآيات وان نفهم ما تضمنته من حقائق الدين وقواعد الإيمان الخمس، وما اشتملت عليه من كمال نعم الله تعالى على نبيه الكريم وأمّته، وتفضيلهم على من سواهم. ولذا طلب النبي الكريم من أمته تلاوتهما كل ليلة عندما قال: ” الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه” متفق عليه.

4) أمّا الهدية الإلهية الثالثة لهذه الأمّة – وأنعم بها من هدية- فهي الصلوات الخمس!

وما أدراك ما الصلاة، وما أدراك ما نعمتها، إنها كهف المؤمن، وملجأ الشدائد، وأمّ العبادات، ورأس الطاعات! إنها الصلاة التي لا يصح الدين بدونها، ولا تصحّ العلاقة مع الله إلا بها.. أفضل الأعمال بعد الشهادتين، غاسلة الخطايا ومكفّرة الذنوب، يرفع اللَّه بها الدرجات، ويحط الخطايا، أوّل عبادة يسأل عنها المسلم يوم القيامة، فمن حفظها حفظه الله، ومن ضيّعها ضيعه الله، وهي حبل النّجاة من تمسّك بها نجي ومن تركها خاب وخسر، كما أنّ من صفات المؤمنين المتّقين أنّهم يقيمون صلاتهم في أوقاتها ويحافظون عليها.

أمّا عن أثرها على الشخص والمجتمع فحدّث ولا حرج، فهي تزكّي النّفس وتطهّرها من الأدران، وقد شبّهها النّبي صلّى الله عليه وسلّم بالنّهر الذي يغتسل به المسلم كل يومٍ خمس مرات، فهل يبقى من درنه شيء ؟

كما تكمن أهميّة الصّلاة في أنّها توثّق علاقة المسلم بربّه وتجعله على صلة به دائمًا، وفي الأثر إذا أراد أحدكم أن يكلّم ربّه فليصلي، كما أنّ الصّلاة هي راحةٌ للنّفس وطمأنينة، أما أهميّة الصّلاة بالنسبة للمجتمع فهي توثّق علاقات المسلمين بعضهم البعض وتعزّز روابط الألفة والتّكافل بين المسلمين حين تراهم يجتمعون في المساجد فيتراحمون ويتعاونون على البرّ والتّقوى.

جعلنا الله وإياكم من الذين يقيمون الصلاة ويقتدرون بسيرة نبينا العظيم.

ربحي عويسات

مدير جمعية الرسالة في باقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى