“البقرات الخمس”.. خطوة أخيرة تسبق بناء “الهيكل” مكان الأقصى
يشكل جلب خمس “بقرات حمراء” إلى الكيان الإسرائيلي خطوة متقدمة نحو إزالة فتاوى الحاخامات التي تمنع فئات كبيرة من اليهود من اقتحام المسجد الأقصى المبارك، بما يُمهد لاحقًا إلى هدم المسجد وبناء “الهيكل” المزعوم مكانه.
وقبيل بناء “الهيكل” المزعوم، تقضي تعاليم الشريعة اليهودية حرق “البقرة الحمراء” على جبل الزيتون بطقوس وأدوات معينة، ومن ثّم نثر رمادها قبالة المسجد الأقصى، إيذانًا ببدء طقوس إقامة “الهيكل الثالث” والتجهيز لصعود ملايين اليهود إلى المسجد.
وتشير تلك التعاليم إلى أنّ “البقرة الحمراء” يجب أن تكون حمراء تمامًا، ليس فيها أي تشوّه أو عيب، وخالية من الأمراض، زاعمة أن “ولادة بقرة حمراء خالصة بدون عيب يُنبئ بأن مجيء المسيح المخلّص يقترب، وفي أعقابه يتم تشييد الهيكل”.
ويعتقد غالبية الحاخامات بأن “دخول أي يهودي إلى المسجد الأقصى يعد خطيئة وأمرًا محظورًا ما لم يتطهر برماد البقرة الحمراء”.
وقبل عدة أيام، نشرت القناة “12” العبرية تقريرًا يُظهر الاستعدادات المتقدمة لـ”جماعات الهيكل” المزعوم الهادفة لبناء “الهيكل الثالث” مكان الأقصى.
وتقف وراء البحث المحموم عن “البقرة الحمراء” منظمتان يمينيتان: هما “بونيه يسرائيل”، التي تتكون من مسيحيين إنجيليين وتيار يميني متطرف بقيادة “تساحي ميمو”، و”معهد الهيكل” برئاسة “يسرائيل أرييل” الذي يُعتبر الحاخام الروحي للوزير إيتمار بن غفير.
مرحلة أخيرة
الباحث بالشؤون اليهودية والصهيونية والسياسية صالح لطفي يقول: إن “جلب البقرات الخمس تشكل الخطوة الأخيرة قُبيل بناء “الهيكل” المزعوم على أنقاض الأقصى، لكن الأمر يتعلق بضرورة اتخاذ قرار سيادي إسرائيلي رسمي حكومي حتى يتم البدء بنائه”.
ويضيف لطفي في حديث لوكالة “صفا”، أن “قضية البناء تواجه إشكالية أن الهيكل يجب أن يُبنى، وفقًا للطقس الديني التوراتي الذي صُدر عن فقهاء اليهودية، مكان قبة الصخرة المشرفة، وهذا من شأنه إشعال انتفاضة دينية في فلسطين والعالم العربي والإسلامي قد تؤدي لحدوث متغيرات كبيرة جدًا ليس بالشرق الأوسط فحسب، بل بالعالم ككل”.
و”هذه المسألة تعد العائق الأهم والأكبر أمام تحقيق فكرة بناء الهيكل، لأن تنفيذها يُشكل خطوة انتحارية لإسرائيل”، وفق لطفي.
ويوضح أن الاحتلال وجماعاته المتطرفة انتهوا من عدة خطوات تتعلق ببناء “الهيكل”، منها إعداد وتجهير “حجارة الهيكل”، وجلب الصخور من جبال البحر الميت والخليل والجليل الأعلى، وإعداد اللباس الخاص بـ”كهنة المعبد”، وهو موجود في طبقات أسفل الأقصى، بالإضافة إلى تدريب وإعداد “الكهنة”، وجلب البقرات.
ويشير إلى أن نشر القناة “12” العبرية التقرير يعد عملية تمهيد وإعداد نفسي للمجتمع الإسرائيلي، ويهدف لتحقيق مكاسب سياسية انتخابية إسرائيلية.
ووفقًا للباحث الفلسطيني، فإن “كل التيارات الإسرائيلية، وبعض العلمانيين والليبراليين متفقين على ضرورة بناء الهيكل مكان الأقصى، لكن الأمر يتعلق بالتوقيت وبعض الإجراءات”.
خطوات سابقة
وتحضيرًا لبناء “الهيكل”، عملت سلطات الاحتلال سابقًا، على تحويل منطقة القصور الأموية جنوبي المسجد الأقصى إلى ما يسمى مرافق “مطاهر الهيكل”، وأيضًا فتح “طريق الحجاج” الذي يمتد من بلدة سلوان حتى الأقصى، والانتهاء من إعداد “أدوات وخدمة المعبد”، كما يقول الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب.
ويشير أبو دياب في حديثه لوكالة “صفا”، إلى أن الاحتلال لم يتوقف عند هذه الإجراءات، بل سمح للمستوطنين المقتحمين بأداء “السجود الملحمي”، والصلوات العلنية داخل المسجد الأقصى، ونفخ البوق.
ويوضح أن كل هذه الخطوات تسبق إقامة “الهيكل”، وتغيير الوضع الديني والتاريخي والقانوني القائم في الأقصى.
ويرى في “جلب البقرات خطوة متقدمة نحو إلغاء الفتوى الحاخامية التي تمنع اليهود من اقتحام المسجد المبارك، وهي من أخطر الخطوات التي تسبق التطبيق الفعلي على أرض الواقع، والمتمثل في ذبحها وحرقها ونثر رمادها قبالة الأقصى”.
ويتساءل أبو دياب “هل الحاخامية اليهودية الكبرى ستقبل إلغاء تلك الفتوى، وبناء الهيكل؟، أعتقد أن هذا لن يتحقق لحكومة الاحتلال المتطرفة، لأن الظروف والشعب اليهودي والعالم غير مهيأ لذلك”.
ويضيف “كما أن هناك أحزاب دينية، وخاصة الحريديم يرفضون فكرة بناء الهيكل، واقتحام الأقصى حتى نزول المسيح المنقذ وتحقيق شرط الطهارة”.
ويستبعد الباحث المقدسي فكرة إقدام حكومة نتنياهو على ذبح البقرات وحرقها وبناء الهيكل مكان الأقصى، رُغم التحضيرات وتخصيص الميزانيات، كون ذلك سيشعل حربًا دينية في كل المنطقة”.