مقالة: خطوات وأسس في التربية الجنسية الناجحة
أميّة سليمان جبارين (أم البراء)
في مقالتي السابقة “التربية الجنسية بين الكبت والانفتاح ووسطية الإسلام”، تطرقت باقتضاب إلى قضية التربية الجنسية في الإسلام، وأوضحت كيف أن ديننا الحنيف قد أولى هذه القضية عناية وأهمية كسائر قضايا التربية الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والجسدية، وذكرت بعض القرائن من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة التي تتحدث عن هذه القضية، وتبين لنا كمسلمين كيفية التعامل بوسطية وتهذيب مع هذه القضية الحساسة. وبما أن هذه القضية متعددة المحاور وتحتاج لأكثر من مقال حتى تستوفي حقها ونضع الأمور في نصابها الصحيح، فقد ارتأيت أن أوضح من خلال هذا المقال أمرين، أولهما: الفرق بين التربية الجنسية والثقافة الجنسية. أمّا الثقافة الجنسية فهي عبارة عن معلومات تختص بالقضايا الجنسية، فعلى سبيل المثال: حين أتكلم عن الختان، وفوائده على الطفل، وكيف أنه يقي من الأمراض الجنسية، وكيف أثبت العلم الحديث صدق هذه المعلومات التي جاء بها الإسلام منذ أكثر من 1400 سنة، فهذه تعتبر معلومات ثقافية، أمّا التربية الجنسية فنعني بها التطبيق والممارسة الفعلية، وكمثال على ذلك عندما أخبر إبني أن عليه تغطية عورته والتي هي ما بين الصرة والركبة، فهذه تعتبر تربية جنسية.
بناءً على ما ذكر، فإننا نحتاج إلى دمج الثقافة الجنسية والتربية الجنسية في صقل وبناء شخصية أبنائنا بشرط أن يكون المنبع الوحيد لهذه الثقافة وأسس التربية مستقاة من ينبوع الإسلام الصافي الوسطي، حتى نرتقي بأبنائنا ويخرج لنا جيل متوازن يتحكم بجماح شهوته ويهذبها بحسب تعاليم ديننا الحنيف وليس جيلًا شهوانيًا ماديًا كما يريد ويخطط أعداء الإسلام لأبنائنا.
لذلك، أود أن أعرض على حضراتكم خطوات عملية في التربية الجنسية تهتم بتربية أبنائنا من جيل 0-15سنة، حيث قام على إعدادها الخبير والمستشار التربوي جاسم المطوع وقد وضع هذه القواعد بما يتماشى مع كل مرحلة عمرية ويتلاءم مع استيعابها:
أولًا: الطفل من عمر 0-2:
1- إخراجه من غرفة نوم والديه أثناء فترة المعاشرة الزوجية.
2- لا نسمح لأي شخص بتغيير ملابسه والنظر إلى عورته.
3- لا نعوّده على تحسس أماكن العورة.
4- عندما نتحدث عن عورته، نتحدث بطريقة إيجابية حتى لا يكره عورته.
ثانيًا: الطفل من عمر 2-6:
1- لا يخرج لوحده من المنزل في فترة الظهيرة أو المساء.
2- إفهام الطفل عدم السماح لأي كان أن يقترب أو يلمس مكان العورة.
3- إذا أراد الطفل أن يخلع ملابسه عليه التأكد من أن باب الغرفة مغلق.
4- لا نسمح للطفل بالخروج وحده مع شخص غريب.
5- على الفتاة في هذا العمر ألا تلعب مع أقربائها الذكور الأكبر منها لوحدها.
6- تعليمها طريقة الجلوس السليمة (عدم فتح الرجلين وأن تكون ملابسها الداخلية طويلة).
7- تنمية الرقابة الذاتية للطفل إذا وقع نظره على منظر مخل بالأدب (الحرام والحلال وغض البصر).
8- التفرقة بالمضاجع بين الذكور والإناث.
9- تعليمهم الاستئذان قبل الدخول على الوالدين بغرفتهما، والاستئذان كذلك عند دخولهم على غرف بعضهم البعض (ضمان الخصوصية، وضمان عدم رؤية ما لا يراد رؤيته).
ثالثًا: الطفل من جيل 6- 10:
1- تعريف الطفل معنى البلوغ والعادة الشهرية.
2- شرح معنى الاعتداء الجنسي والتحرش الجنسي.
3- نوجّه الطفل وبالذات البنت لقيمة خلق الحياء والنظرة الحرام.
4- توجيه البنت للابتعاد عن اللباس الفاضح أو الشفاف أو الملتصق، وتوجيه الولد لعدم لبس الضيق (السكيني) والممزق.
5- تحذير الطفل والانتباه لمن يقترب منه ويلتصق بجسده.
6- ذكر قصة يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز وقصة لوط عليه السلام والشذوذ الجنسي.
رابعًا: الطفل من جيل 10-15:
1- نشرح له طريقة تكون الجنين وأن الطريقة الوحيدة بالإسلام من خلال الزواج.
2- نوضح له أهمية غض البصر.
3- نبين للطفل سبب تحريم الشرع للخلوة بين الرجل والمرأة.
4-نبين له الابتعاد عن الشباب الذين يتحدثون بالأمور الإباحية أو يشاهدون المقاطع الإباحية.
5- نوضح له حدود التعامل بين الفتاة والشاب.
6- فتح المواضيع العاطفية والجنسية مع الشاب أو الفتاة حتى يفرغ ويخرج ما بنفسه.
7- الحديث عن الأمراض الجنسية (الإيدز والهربس وغيرها) .
8- تذكيره بالتوبة والاستغفار لو ارتكب خطأ جنسيًا أو عاطفيًا. خلاصة القول، وحتى ننجح في غرس هذه القيم في نفوس أبنائنا، علينا أن نعمل على بناء قاعدة متينة وعلاقة قوية مبنية على (الثقة، والعلم، والأمان) حتى تكون العلاقة طويلة الأمد وترتكز على معلومات ومرجعية عِلمية بحتة، محاطة بسور من الأمان والاطمئنان في حرية التساؤل والحوار، لذلك علينا كأهل وكمربين، أن نكون الجسم الداعم والسد المنيع في مواجهة التحديات التي تواجه أسرنا وأبنائنا جراء الفلتان والانحلال الأخلاقي الرهيب الذي يغزو مجتمعاتنا المسلمة دون هوادة.